ملصق البصمة الكربونية يظهر على طيف من المنتجات
عندما بدأت تيسكو، أكبر شركة لمتاجر السوبر ماركت في المملكة المتحدة، في وضع العلامات التي تبين مقدار البصمة الكربونية لمنتجاتها في 2011، سرعان ما أخذت تراودها الشكوك حول الفكرة. فبعد أن وجدت أن هذه الفكرة تحتاج إلى عدد كبير من العاملين، ومثيرة للحيرة لدى العملاء، قررت التوقف عنها.
لكن بعد أقل من عقد من الزمن، أخذت المنتجات التي تحمل ملصقات الكربون تشق طريقها إلى متاجرها عبر مسار مختلف.
شركة كورن Quorn لتصنيع بدائل اللحوم، بدأت هذا العام في إدراج ملصقات البصمة الكربونة على منتجاتها الأكثر شهرة. وكانت أوتلي Oatly، وهي علامة تجارية مشهورة لحليب الشوفان، قد شرعت في استخدام الملصقات في 2019. وقالت يونيليفر، إحدى أكبر شركات السلع الاستهلاكية في العالم، هذا العام إنها تهدف في النهاية إلى تضمينها في كل ما تصنعه، بينما تفكر شركة نستله في وضع ملصقات الكربون.
يقول مايلز مكارثي، وهو عضو في مجلس إدارة شركة كاربون تراست الاستشارية للانبعاثات: "كان هناك نمو هائل في عدد الشركات التي ترغب في وضع ملصقات على منتجاتها توضح آثارها البيئية، خاصة الكربون". بعد أن عملت الشركة الاستشارية مع تيسكو في مخططها السابق، تعمل حاليا مع شركة كورن التي تبلغ من العمر 35 عاما وتملكها الآن المجموعة الفلبينية موند نيسين Monde Nissin.
يضيف مكارثي: "الفكرة مدفوعة بزيادة الشهية لدى المستهلكين، وأيضا من خلال الضغط المتزايد على المنظمات والدول لإزالة الكربون وتحقيق أهداف أكثر طموحا بكثير. تشعر الشركات بالضغط للمضي قدما في هذا المجال من عدد من المجموعات، بما في ذلك المستثمرين والعملاء والمنافسين".
يمكن لمشتري اللحم المفروم الخالي من اللحوم الذي تصنعه شركة كورن أن يروا أنها مسؤول عن انبعاثات تبلغ 1.3 كيلو جرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوجرام، إضافة إلى 105 سعرات حرارية وجرامين من الدهون لكل 100 جرام.
في الوقت الحالي، لا يمكنهم مقارنة ذلك بكثير من الأطعمة الأخرى، حيث يتباهى القليل منهم بالملصق. لكن ماركو بيرتاكا، الرئيس التنفيذي لشركة كورن، يقول: "نريد أن نلهم بقية الصناعة لتحذو حذونا".
هل الأدلة تشير إلى صحة الفكرة؟ حساب البصمة الكربونية لمنتج فردي ليس بالأمر السهل. الشركات الملتزمة بالأهداف البيئية تحسب بشكل متزايد تأثير غازات الاحتباس الحراري الصادر عنها، بما في ذلك ما يسمى انبعاثات "النطاق الثالث" – أي الانبعاثات التي تحدث على طول سلسلة التوريد، بدءا من إنتاج السلع ونقلها وصولا إلى استخدام المستهلك والتخلص منها.
في العام الماضي وجد محللون في CDP، التي تنتج معلومات بيئية للمستثمرين، أن نحو تسع من كل عشر من شركات إنتاج السلع الاستهلاكية تكشف عن معلومات حول الانبعاثات عبر سلاسل القيمة لديها، لكن "متانة منهجيات الحساب تختلف"، حيث سجلت مجموعة دانون الفرنسية أعلى رقم عن إفصاحاتها وشركة كوكا كولا أقل رقم.
ربط هذه الأرقام بالمنتجات الفردية يتطلب بيانات أكثر تفصيلا. يقول مكارثي: "يتم تشجيع الشركات على العمل بشكل وثيق مع مورديها الرئيسين للحصول على بيانات ذات جودة أفضل فيما يتعلق بما يحدث في عمليات ما قبل الإنتاج". بدأت كورن بمنتجاتها الأكثر شهرة، لكنها تخطط لوضع ملصقات بخصوص مجموعتها بالكامل.
صنفت كاربون ترست Carbon Trust مئات الآلاف من المنتجات، من الأسمنت إلى الحسابات المصرفية. تشمل الشهادات الحديثة Echo Dot وFire TV Stick من أمازون، التي ستحمل علامة "تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون"، ما يعني أنه يتم خفض الانبعاثات على أساس سنوي.
ملصقات كاربون ترست، التي تعرض صورة البصمة، هي من بين مئات خيارات الملصقات البيئية المتاحة. تعمل شركة أوتلي مع شركة استشارات انبعاثات أخرى، كاربون كلاود. دليل الأعمال الكندي "مؤشر إيكوليبل "Ecolabel حدد أكثر من 450 ملصقا أخضر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 31 علامة تتعلق بالبصمة الكربونية.
اختارت كثير من المنتجات علامات استدامة بسيطة نسبيا، مثل "تحالف الغابة المطرية" أو شهادة "مجلس رعاية الغابات". لكن بيرتاكا يجادل بأن وضع الملصقات الكربونية سيذهب في رحلة مماثلة لتلك التي سارت فيها حتى الآن المعلومات الغذائية الخاصة بالأطعمة، حيث يتوقع المستهلكون بيانات صلبة.
يقول: "أنا كبير بما يكفي لأتذكر عندما تم تقديم معايير التغذية، كنت أسأل: ’ما هذا الرقم؟ ماذا يعني ذلك بالنسبة لي؟‘ لقد بدأنا في شرح ما يعنيه رقم الكربون ونعتقد أنه من خلال دفع الصناعة والآخرين إلى فعل الشيء نفسه، سيبدأ الرقم في التطور إلى مفهوم هادف سيبدأ المستهلكون في اتخاذ قرار بشأنه".
في الوقت الحالي، تأمل شركة كورن أن يساعد وجود ملصق الكربون على دفع المستهلكين لاختيار منتجاتها بدلا من المنتجات الأخرى، حتى لو لم يكونوا قادرين على إجراء مقارنات مباشرة.
يقول مارك إنجل، كبير مسؤولي سلسلة التوريد في يونيليفر، إن وضع ملصقات الكربون سيساعد الشركات على الاستعداد لعصر ضرائب الكربون، وعالم سيرغب فيه المستهلكون في حساب تأثيرهم البيئي الشخصي.
لكن هذا يتطلب التنسيق بين الشركات. يضيف إنجل: "أنت بحاجة إلى أن يكون هناك تناسق في المنهجية التي تستخدمها، وإلا فستكون غابة تشتمل على جميع أنواع التصنيفات". يوافق أود جاندون، كبير الإداريين التسويقيين العالميين في شركة نستله، مضيفا أن المجموعة تدعم "نهجا منسقا على مستوى الاتحاد الأوروبي".
أطلقت المفوضية الأوروبية استشارة حول وضع العلامات البيئية، التي يمكن أن تؤدي إلى إطار قانوني يتطلب من الشركات إثبات ادعاءاتها.
يجادل إنجل بأنه على المدى الطويل، كما هي الحال مع ملصقات المعلومات الغذائية، قد تستخدم الشركات منهجية معتمدة لحساب أرقام الكربون، لكن من دون شهادة خارجية لكل منتج.
لاو تامبيريج، مستشار الاستدامة في شركة استشارات المناخ إيكو آكت EcoAct، يلاحظ أن هناك مشكلات فنية لا تزال بحاجة إلى معالجة، مثل وحدات المنتج التي يجب قياس الانبعاثات من أجلها.
مثلا، قد يبدو أن منظف الغسيل المركز، إذا تم قياسه بوحدة الحجم أو الوزن، يحتوي على انبعاثات أعلى من المنتج المخفف، على الرغم من أن التركيز يساعد على تقليل الانبعاثات لكل استخدام عن طريق خفض غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النقل.
تقول كاربون ترست إن الاهتمام ببرنامج الملصقات الخاصة مستمر على الرغم من الوباء، حيث ازدادت الاستفسارات بمقدار الربع هذا العام.