شركات التكنولوجيا الكبرى تصمد في وجه الوباء والسياسة

شركات التكنولوجيا الكبرى تصمد في وجه الوباء والسياسة
من اليمين إلى اليسار: سوندر بيشاي، وجيف بيزوس، وتيم كوك، ومارك زوكربيرج.

وضعت أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية جانبا مشكلاتها السياسية المتزايدة يوما للكشف عن أحدث مرحلة من صعود أعمالها الذي لا يمكن إيقافه على ما يبدو: أدى الازدهار المذهل في الأسواق الرقمية إلى تحسين حظوظها في وقت يتضرر فيه جزء كبير من الاقتصاد العالمي.
الخميس، كشفت ألفابت وأمازون وأبل وفيسبوك عن نتائج ربع سنوية أظهرت ارتفاع الإيرادات بشكل أسرع مما كانت تتوقعه وول ستريت في الأشهر الثلاثة حتى أيلول (سبتمبر).
عادت أسواق الإعلانات عبر الإنترنت إلى الحياة بسرعة بعد الركود الناجم عن فيروس كورونا في وقت سابق من العام، وفقا لأحدث الأرقام. وفي الوقت نفسه، طفرات التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية التي سببها الوباء استمرت بلا هوادة، في الوقت الذي ارتفع فيه النشاط الرقمي.
قفزت المبيعات المجمعة لشركات التكنولوجيا الأربع الكبرى 18 في المائة على أساس سنوي في الربع الأخير، لتصل إلى 227 مليار دولار، أي أعلى 4 في المائة مما كان متوقعا، في حين قفزت أرباحها بعد الضرائب 31 في المائة، لتصل إلى 39 مليار دولار. تأتي الزيادة في ربع كان من المتوقع أن تعاني فيه الشركات في مؤشر إس آند بي 500 انخفاضا إجماليا في الإيرادات يتجاوز 2 في المائة، مع انخفاض الأرباح 17 في المائة.
قال يوسف سكوالي، محلل الإنترنت في Truist: "كل هذه الشركات حققت للتو عائدات مذهلة خلال الربع. منحنى التعافي أكثر حدة بكثير مما توقعه أي منا. تستحوذ الإنترنت على حصة ضخمة من سوق خارج الإنترنت".
يأتي تعزيز شركات التكنولوجيا الكبرى في وقت تتزايد فيه المخاوف بين السياسيين والمنظمين بشأن تنامي قوتها الاقتصادية والاجتماعية. تضافرت دعوى مكافحة الاحتكار الأمريكية ضد جوجل، وجلسة استماع مثيرة للجدل في الكونجرس بشأن ادعاءات الرقابة على الإنترنت، والانتخابات الرئاسية الأمريكية لتسلط الضوء على التضليل عبر الإنترنت، وجعل هذا وقتا صعبا لمجموعات التكنولوجيا في واشنطن.
ليس من المستغرب أن بدت الشركات حريصة، الخميس، على التقليل من شأن أي إشارة إلى فوزها بحصة غير متكافئة من الكعكة الاقتصادية خلال أزمة فيروس كورونا. قال سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل، إن شركته كانت تتمتع فقط بالقفزة نفسها في الأعمال التي كانت ملموسة في بقية القطاع الرقمي. لكن نطاق مجموعات التكنولوجيا الكبيرة – أضافت جوجل أكثر من 100 مليار دولار من قيمة سوق الأسهم – يجعل من الصعب تجاهل نجاحها.
قال كيفين لانديس، كبير الإداريين الاستثماريين في فيرستهاند كابيتال مانيجنت: "من الصعب حقا إيقاف الآلات الضخمة الحالية". أضاف أن أسواقها لا تزال بعيدة عن النضج، ما يترك مجالا كبيرا لها لمواصلة النمو "ولا نعرف مدى الضخامة والقوة التي ستصبح عليها".
بالنسبة للربع الأخير، جوجل هي التي تفوقت على الجميع. بعد انخفاضها 10 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة في أول انكماش لها على الإطلاق، انتعشت عائدات الإعلانات على شبكة البحث بنسبة 6 في المائة في الربع الأخير.
سجلت فيسبوك أيضا انتعاشا إعلانيا أقوى من المتوقع. ارتفعت الإيرادات 22 في المائة وقالت الشركة إن أعمالها الإعلانية حصلت على دفعة من "تسارع تحول التجارة من خارج الإنترنت إلى الإنترنت"، إضافة إلى زيادة أعداد المستخدمين خلال عمليات الإغلاق.
الطلب المتزايد يعني أن الشركة كانت قادرة على تجاهل مقاطعة منصتها من قبل ألف علامة تجارية – بما في ذلك فورد وكوكا كولا وفيرايزون – في تموز (يوليو) بسبب مخاوف من أنها لا تراقب محتواها بشكل كاف. كما أبلغ موقع تويتر عن انتعاش في الإيرادات بنسبة 14 في المائة، لكن سعر سهمه انخفض 18 في المائة تقريبا لأن نمو المستخدمين لم يكن قويا.
في غضون ذلك، واصلت أمازون ركوب موجة التجارة الإلكترونية التي جعلتها واحدة من أكبر الفائزين خلال الوباء، مع نمو بنسبة 37 في المائة، تمثل انخفاضا طفيفا عن الربع السابق.
كما انتعشت أمازون أيضا بسبب قفزة الإعلانات عبر الإنترنت، حيث نمت "إيراداتها الأخرى" – معظمها من مبيعات الإعلانات – بنسبة 51 في المائة. خلال الربعين الماضيين كانت الإعلانات أكبر من حيث الإيرادات من قطاع المتاجر الفعلية، التي تشتمل على شركة هول فودز.
قال أندرو ليبسمان، المحلل في إيماريتر eMarketer: "مع نمو التجارة الإلكترونية بمعدلات كبيرة في الوقت الحالي، تتوافق الإعلانات الرقمية مع ذلك". بعد التراجع في الربع الثاني مع انتشار المخاوف بشأن الوباء، عاد المعلنون بسرعة عندما تغيرت الظروف. "بمجرد أن شعروا أن الأوضاع أخذت تتحسن، قرروا العودة شيئا فشيئا إلى الإعلان مرة أخرى".
أمازون لا تعطي تفاصيل جزئية عن نفقات القطاع، لكن نشاط الإعلانات ذات الهامش المرتفع أسهم في تحقيق أرباح الشركة القوية في هذا الربع. جاءت أرباحها البالغة 6.3 مليار دولار – ثلاثة أضعاف مستوى العام السابق – على الرغم من التكلفة المتزايدة لتسليم البضائع و2.5 مليار دولار من الإنفاق على إجراءات تتعلق بكوفيد - 19.
كانت الدلائل الأخرى على كيفية رفع الوباء لمجموعات التكنولوجيا واضحة في زيادة الإنفاق الاستهلاكي عبر المشهد الرقمي، من متاجر تطبيقات أبل وجوجل إلى الاشتراكات على قناة يوتيوب والطلب المتزايد على أجهزة آيباد وآي ماك من أبل، التي زادت مبيعاتها 46 في المائة و29 في المائة، على التوالي.
وهذا خفف من الضربة التي تعرضت لها نتائج أبل من التأخير في إطلاق آيفون 12، الذي تم تأجيله بسبب اضطرابات سلسلة التوريد المتعلقة بكوفيد - 19. تراجعت مبيعات الهواتف 21 في المائة، في حين تراجعت الإيرادات من الصين الكبرى نحو 29 في المائة.
بعد عام قادت فيه شركات التكنولوجيا الرائدة سوق الأسهم بالكامل إلى الارتفاع، كان رد الفعل الفوري لسعر أسهمها متباينا. جوجل التي فقدت أسهمها بعضا من انتعاش شركات التكنولوجيا الكبرى، قفزت 9 في المائة في التداولات الإلكترونية بعد إقفال السوق.
لكن أمازون انخفضت 2 في المائة بعد أن قالت إنها كانت تتوقع أن تعلن عن دخل تشغيلي في الربع الحالي يراوح بين مليار دولار و4.5 مليار دولار. هذا أقل بكثير من 5.8 مليار دولار كانت تتوقعها وول ستريت مبدئيا ـ تضخ أمازون المال في منشآت جديدة لمواكبة الطلب.
قال سكوالي، من Truist: "ليس من المستغرب أن تمر أمازون بواحدة من أكبر دورات الاستثمار لديها لمواكبة ذلك". الانغماس في الإنفاق الدوري مثل هذا يثير قلق وول ستريت في كثير من الأحيان، فقط لتتبدد المخاوف مع ارتفاع الإيرادات لتتناسب مع قاعدة التكلفة المرتفعة.
أسهم أبل التي ارتفعت 54 في المائة حتى الآن هذا العام، انخفضت 5 في المائة في تعاملات ما بعد ساعات التداول، ما يعكس خيبة الأمل لأن الشركة لم تصدر توجيهات بشأن إيرادات ربع الأعياد. لكن لوكا مايستري، كبير الإداريين الماليين للشركة، قال إنه يتوقع ارتفاع الإيرادات من 91.8 مليار دولار التي سجلت العام الماضي.
احتلت السياسة، على الأقل هذه المرة، مقعدا خلفيا – رغم أن مارك زوكربيرج لم يستطع الهروب.
بعد أن وبخه كل من الجمهوريين والديمقراطيين في جلسة استماع مؤلمة، الأربعاء، طمأن المحللين بأن فيسبوك ملتزم بـ"حرية التعبير" لكنه أيضا على استعداد لحماية المستخدمين من "الأذى الجسدي".

الأكثر قراءة