السلام عليكم
تخيل عزيزي القارئ أنك تسير وحيدا على شاطئ البحر في يوم إجازة هادئ وليس هناك أشخاص حولك، وفجأة سمعت صوت صراخ قادم من البحر وحين التفت تجاه مصدره، شاهدت شخصا يصارع الأمواج وهو يستغيث طالبا إنقاذه ومعروف عنك أنك سباح ماهر، سؤالي لك.. هل ستسأل هذا الشخص عن ديانته قبل إنقاذه أم سيكون هدفك إنقاذه بغض النظر عن دينه؟!
قد يستغرب كثيرون هذا التساؤل مني في هذا الوقت، ولكن ما نراه من صراع وتطرف ديني هو ما يجب أن يدفع بكثير من العقلاء إلى التفكير بصوت عال. عالمنا ليس بحاجة لمزيد من التوتر والعنصرية والصراع الديني والطائفي، وإذكاء نار العداوات والانتقام والشرور وإشاعة الكراهية بين الأديان. مقاطعة المنتجات التجارية والاستهلاكية لدولة أساءت لديننا ونبينا عليه الصلاة والسلام هو قرار شعبي لا يمكن لأحد أن يلومنا عليه، لكن بالمقابل علينا ألا نرتكب خطيئة الفعل العنصري نفسه الذي مارسه الطرف الآخر، لأن هذا من شأنه أن يدخل العالم في حروب دينية شرسة لن يستفيد منها أي طرف. إن ما يحتاج إليه عالمنا بشدة في هذه الفترة هو إحلال روح السلام والتعامل بها. العصبية والكراهية التي يضج بها عالمنا اليوم ويدعو إليها المتطرفون سواء من ديننا أو الأديان الأخرى ستغدو حطاما لا قيمة له حين يقرأون أحداث تاريخنا الإسلامي فلا دين سماوي دعا للسلام والرحمة والتآلف مثل هذا الدين العظيم. رسولنا عليه الصلاة والسلام كان جاره يهوديا مؤذيا وصبر عليه وأحسن إليه حتى أسلم بكل قناعة ويقين، وحين دخل مكة منتصرا قال لكفار قريش الذين حاربوه وقتلوا أصحابه، "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وأبو بكر الصديق أوصى قائد جيشه في إحدى الحروب قائلا له "ستمرون على قوم في الصوامع رهبانا، فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم".
أي رسالة ترغب في إيصالها للآخرين عن عظمة دينك ونبيك عليه الصلاة والسلام ستستطيع توصيلها من خلال نشر سيرته العطرة الداعية للسلام والرفق والرحمة والمحبة وحسن الأخلاق. إحدى صور الرحمة الإسلامية هذه رأيتها الأسبوع الماضي حين كنت أتفرج على قناة في اليوتيوب عنوانها "مغتربة في فرنسا" تصور فيها مسلمة في فرنسا يومياتها مع جارها الفرنسي العجوز الذي تجاوز 100 عام وإحسانها له هي وزوجها دون مقابل في ظل تخلي أبنائه عنه.
وخزة
التطرف والتخريب والإرهاب والكراهية قد تخدم أي مآرب أخرى إلا ديننا العظيم.