فيروس كورونا يكشف مواطن الضعف في أوروبا

فيروس كورونا يكشف مواطن الضعف في أوروبا
فيروس كورونا يكشف مواطن الضعف في أوروبا

بالنسبة لكثير من الأوروبيين، لحظة وصول فيروس كورونا إلى قارتهم كانت في 23 شباط (فبراير) عندما فرضت السلطات الإيطالية الحجر الصحي على عشرة بلدات صغيرة جنوب شرق ميلانو. راقبوا، في حالة ذهول، رجال الدرك وهم يضربون طوقا أمنيا، ويحاصرون السكان داخل أحيائهم المصابة.
قلة من الناس هي التي تصورت أن الضوابط الصارمة من النوع الذي تفرضه الصين في ووهان سيكون ضروريا أو حتى ممكنا في ديمقراطية أوروبية. كان ينبغي لإغلاق "المنطقة الحمراء" في لومبارديا أن يقضي على أي إحساس بالتهاون. ومع ذلك، استغرق الأمر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع أخرى للحكومات في جميع أنحاء القارة لتقدير حجم العدوى في دولهم واتخاذ إجراءات شاملة لاحتوائها.
تعاملت بعض الدول بشكل مثير للإعجاب مع الموجة الأولى – أو كان من حسن حظها أن تعرضت لأدنى حد من الفيروس. لكن دولا أخرى أعيقت بسبب ضعف الاستعداد والقيادة غير الحاسمة والخلافات بين الحكومات المركزية والإقليمية والمحلية. تشاجرت الدول وفشلت في التعلم من بعضها بعضا. الاتحاد الأوروبي نفسه ترنح تحت الضغط. فيما يلي خمس من اللحظات الرئيسة التي شكلت استجابة أوروبا المبكرة – وفي بعض الحالات، لا تزال تعصف بطريقة تعاملها مع الوباء في الوقت الذي تندفع فيه الموجة الثانية فوق القارة.
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عندما بدأ بيترو بويْدوماني، وهو طبيب عام في بلدة سيفيداته أل بيانو في لومبارديا، بملاحظة المرضى الذين يعانون درجات حرارة عالية، تساءل عما إذا كان لقاح الإنفلونزا في ذلك العام معيبا. كان بعضهم مصابا بسعال حاد، بينما كان بعض آخر يعاني ما بدا أنه التهاب رئوي. يتذكر قائلا: "بدأنا نرى بعض الأشياء الغريبة، مختلفة عن المعتاد لكنها أيضا مشابهة من بعض النواحي للإنفلونزا الموسمية".
لكن الأمر الذي صعق إيطاليا كان وصول مريض شاب إلى مستشفى صغير في كودونيو، على بعد 50 كيلو مترا جنوب عيادة بويدوماني، بعد ذلك بأكثر من ثلاثة أشهر. إجراءات إدخال المريض إلى المستشفى أطلقت سلسلة من الأحداث التي من شأنها تشكيل الاستجابة العالمية المبكرة لوباء كوفيد - 19.
بعد ثلاثة أيام من وصوله، في الساعة 9.20 مساء في 20 شباط (فبراير)، الشاب البالغ من العمر 37 عاما، والمشار إليه في ذلك الوقت فقط باسم ماتيا، أصبح أول شخص في إيطاليا تثبت إصابته بكوفيد - 19. سرعان ما ساءت حالة هذا الشاب الذي كان بصحة جيدة الذي كانت زوجته حاملا في شهرها الثامن، وتم نقله إلى العناية المركزة. بعد أيام، وضعت كودونيو، جنبا إلى جنب مع مجموعة من البلدات الصغيرة القريبة في لومبارديا وواحدة في فينيتو المجاورة، قيد الإغلاق.
بعد ذلك بأقل من شهر، امتلأت مستشفيات المنطقة بالحالات، وبثت في جميع أنحاء العالم لقطات لجثث الموتى التي تنقلها الشاحنات العسكرية. ساعدت الأحداث هناك على إطلاق تحول حاد في كيفية التصدي للفيروس في أماكن بعيدة مثل لندن وواشنطن العاصمة.
يقول إيجور رودان، رئيس قسم الصحة الدولية والطب الجزيئي في جامعة إدنبرة: "كان كثير من العلماء في أوروبا حتى ذلك الحين يحللون البيانات الواردة من الصين وكوريا، وكان الافتراض أن فيروس كورونا سينتهي به الأمر إلى أن يصبح خفيفا نسبيا. كانت هذه هي الرسالة التي يتم نقلها إلى صانعي السياسات. ثم حدث ما حدث في لومبارديا وكان أسوأ كابوس لنا. لم نتمكن من فهم الأعداد في إيطاليا –لأن الوفيات كانت عالية جدا على نحو لا يصدق. بدأ الجميع فجأة في التشكيك في كل شيء أتوا به حتى تلك اللحظة".
يعتقد الأطباء والخبراء والمسؤولون المحليون الآن أن الرعب الذي تكشف داخل مستشفيات لومبارديا في آذار (مارس) – وهو ما دفع العلماء إلى مراجعة حادة لتوقعاتهم بشأن الوفيات المحتملة، والحكومات على التدافع لبناء مستشفيات خاصة لكوفيد - 19 – تم تشكيله من قبل سلسلة من القرارات المحلية الصغيرة ولكن الحاسمة التي سيكون لها تأثير عالمي.
بعد أيام من ثبوت إصابة ماتيا، رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الذي كانت تعلو وجهه علامات الحيرة والاضطراب، انتقد المستشفى في كودونيو لفشله في احتواء الفيروس. قال إن المنشأة لم تتبع "البروتوكولات الحصيفة الموصى بها في هذه الحالات، وهذا أسهم بالتأكيد في انتشار المرض". وحذر من أن الحكومة المركزية الإيطالية مستعدة للتدخل إذا لزم الأمر.
عد أتيليو فونتانا، الحاكم الإقليمي في لومبارديا، الذي كان مسؤولا عن المستشفى في ظل نظام الرعاية الصحية المفوض في البلاد، كلام كونتي تحديا مباشرا لسلطته. لكنه حينها كان تحت ضغط هائل لإظهار أن النظام الصحي الثمين في لومبارديا على مستوى المهمة. خلال تلك الأيام الحرجة في أواخر شباط (فبراير) وآذار (مارس)، بدأت مستشفيات المنطقة، المصنفة من بين الأفضل في إيطاليا، في التعرض لطوفان من مرضى كوفيد - 19.
يقول نيكولو كاريتا، وهو مستشار إقليمي في لومبارديا، إن النظام الصحي استجاب بسرعة كبيرة، حيث ضاعف أسرة العناية المركزة في غضون أيام قليلة. لكنه يجادل بأن المنطقة كانت تفتقر إلى نظام إنذار مبكر. يقول: "بسبب نظام المنطقة ذي الطابع المركزي من المستشفيات الكبيرة، والخاصة جزئيا، ومع وجود عدد أقل وأقل من الأطباء العامين المجهزين على الأرض، فإن هذا هو أحد الأسباب التي جعلتنا غير قادرين على توقع ما هو آت. أدركنا في غضون أيام قليلة ضخامة عدد المرضي".
بالنسبة إلى بويدوماني، الطبيب العام في بلدة سيفيداته أل بيانو، الأعراض التي بدأ يلاحظها في كانون الأول (ديسمبر) أصبحت الآن مفهومة على نحو مثير للقلق. كان الفيروس في الواقع ينتشر في جميع أنحاء لومبارديا منذ أشهر أصلا، ما يعني أن المستشفيات تخاطر الآن بأن تصبح حاضنات للمرض الذي كانت تحاول علاجه. يقول: "أدركت، في الواقع، أن كل تلك الحالات التي ظننا أنها الإنفلونزا تبين أنها كوفيد - 19. كان الفيروس قد ملأ المنطقة بأكملها بالفعل وشكل عبئا كبيرا للغاية إلى درجة أنه اخترق حواجز نظامنا الصحي. بعض المستشفيات نفسها أصبحت بؤرا ساخنة، وتحولت إلى قنابل موقوتة في الوقت الحقيقي".
يعتقد رودان أنه في إطار الاندفاع لعلاج المرضى، تم إدخال عدد كبير منهم فوق الحد إلى المستشفى خلال فترة زمنية قصيرة. وأدى ذلك إلى زيادة كبيرة في الإصابات بين الفئات الضعيفة من السكان. "لن ألوم أحدا هنا. كانت الأمور تسير بسرعة كبيرة جدا ونتج عنها مأساة. لكن عندما تحضر الأشخاص المصابين بكوفيد إلى المستشفيات الصغيرة حيث يوجد أشخاص ضعفاء للغاية، سيؤدي ذلك إلى وفيات أعلى بكثير".
بحلول الأسبوع الثاني من آذار (مارس)، كان عدد المرضى في مستشفيات لومبارديا يرتفع. من بين نحو 750 سريرا للعناية المركزة، كان أكثر من 600 سرير منها ممتلئة، وحيث خشي الأطباء أن النظام كان يقترب حتى ذلك الحين من نقطة الانهيار. تم وضع كثير من المرضى على أجهزة التنفس الاصطناعي وكثير منهم كانوا يموتون. انزعج العلماء في جميع أنحاء العالم، الذين كانوا لا يزالون يعملون ببيانات محدودة، من معدل الوفيات المرتفع للغاية – الذي كان أعلى من 5 في المائة من الحالات التي تم تشخيصها في لومبارديا في ذلك الوقت – والأعداد الهائلة التي تم قبولها في وحدات العناية المركزة.
يقول بول هانتر، أستاذ حماية الصحة في جامعة إيست أنجليا: "عندما بدأ الناس في رؤية ما كان يحدث في مستشفيات لومبارديا، تغير كثير من التخطيط والتوقعات للفيروس بسرعة. ظن كثيرون، بمن فيهم أنا، في تلك المرحلة أننا نواجه تهديدا أشبه بتهديد سارس، لكننا صدمنا من الانتشار السريع للوباء وشدته. حقيقة أن هذا هو وباء مختلف لم ندركها حقا إلا بعد أن رأينا الأحداث في إيطاليا".
بعد إدخال هذه المعلومات في نماذجهم، مجموعة من العلماء بقيادة أستاذ علم الأوبئة نيل فيرجسون، إمبريال كوليدج لندن، نشرت تقريرا صاعقا في 16 آذار (مارس). تنبأ العلماء أن وحدات العناية المركزة في المملكة المتحدة ستصل بسرعة إلى سعتها، وسيموت المئات وربما الآلاف. في الولايات المتحدة، كان من المتوقع أن يصل عدد الوفيات إلى 1.2 مليون. قال التقرير: "تم التوصل إلى هذا الاستنتاج في الأيام القليلة الماضية فقط، مع تنقيح تقديرات الطلب المحتمل لوحدات العناية المركزة بسبب كوفيد - 19 على أساس التجربة في إيطاليا والمملكة المتحدة".
من الحكومة البريطانية إلى واشنطن العاصمة، بدأت الحكومات في تغيير مسارها. يقول هانتر: "من الصعب معرفة مدى تأثير هذا التقرير المحدد في سياسة الحكومة، ولكن البيانات الواردة من إيطاليا كانت حاسمة في تغيير وجهات النظر حول ما كان على وشك الحدوث في أوروبا. كانت هذه أوروبا، وليست مكانا بعيدا، وبالنسبة للسياسيين والعلماء على حد سواء، أن يحدث هذا الأمر بالقرب من الوطن كان له تأثير كبير".
بالعودة إلى كودونيو في أواخر شهر آذار (مارس)، تم نزع جهاز التنفس الاصطناعي عن ماتيا واستعاد وعيه وخرج من المستشفى. لكن العالم الذي خرج إليه كان قد تغير وجهه.
في إسبانيا، الطبيب الذي يقود جهود البلاد ضد فيروس كورونا كان أوضح ما يمكن. قال فرناندو سيمون، رئيس مركز تنسيق الطوارئ الصحية في البلاد، في 23 شباط (فبراير): "لا يوجد فيروس في إسبانيا. المرض لا ينتشر، ولا توجد أي حالة في الوقت الحالي".
في ذلك الوقت، بدا أن تجربة إسبانيا مع فيروس كورونا – رغم وضعها المتدني الذي كانت عليه – آخذة في التراجع. سجلت البلاد إجمالا شخصين مصابين – كلاهما أصيب بالفيروس خارج إسبانيا وشفيا منذ ذلك الحين. قالت كارمن كالفو، نائبة رئيس الوزراء، في 25 شباط (فبراير): "الوضع جيد بصراحة". في الواقع، كان فيه الوضع في ذلك الحين قد أصبح سيئا للغاية.
أخطأ سيمون في الإصرار على عدم وجود حالات حية أو انتقال مجتمعي. في تلك اللحظة، كان فيروس كورونا ينتشر بسرعة في إسبانيا، التي سرعان ما تضررت أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي. كانت المشكلة أن إجراءات الصحة العامة تجعل من المستحيل تتبع المدى الكامل للوباء.
في 25 شباط (فبراير)، أفادت إسبانيا أن اختبار زوج وزوجة إيطاليين يقضيان عطلة في تينيريف كان إيجابيا. تصرف المسؤولون المحليون بسرعة، ووضعوا عدة مئات من الأشخاص المقيمين في الفندق نفسه تحت الحجر الصحي. والأخطر من ذلك، أن حالات الإصابة كانت قد انتشرت من قبل دون أن يتم اكتشافها في أكبر مدن إسبانيا.
كانت إسبانيا تتحسس طريقها على غير علم. تبين أنها فشل فادح – تكرر الفشل في دول أخرى في أوروبا وخارجها. استجابة إسبانيا لفيروس كورونا كانت تتعرض للعرقلة بسبب الجو السياسي ذي الطابع الحزبي العالي ونظام الرعاية الصحية الإقليمي الذي يفتقر إلى التنسيق المركزي. لكن عجزها عن رسم معالم الانتشار المبكر للعدوى وحالات التأخير اللاحقة في الإغلاق أسهمت أيضا في نتيجة مأساوية: إسبانيا لديها ثاني أعلى عدد من الوفيات في الاتحاد الأوروبي بعد إيطاليا.
اليوم، بينما تعاني إسبانيا موجة ثانية من الوباء التي هي مرة أخرى من بين الأسوأ في أوروبا، فإن الجدل حول الكيفية التي اختلت بها الأمور في الربيع – ومدى اللوم الذي تتحمله الحكومة – هو أكثر أهمية من أي وقت مضى. يقول بيدرو ألونسو، وهو عالم أوبئة إسباني في جامعة برشلونة: "كان ذلك فشلا منهجيا من قبل الدولة".
في غضون شهر من تصريح سيمون، وصلت إسبانيا إلى عشرة آلاف حالة يوميا. اعترف لاحقا بأن المستوى الحقيقي للعدوى ربما كان أكبر بعشر مرات: وفقا للتقديرات الرسمية، أصيب أكثر من مليوني شخص خلال الموجة الأولى من الوباء. بحلول الأسبوع الأول من نيسان (أبريل)، كانت المستشفيات المثقلة بالأعداد الكبيرة من المرضى تضع الأسرة في صالات الألعاب الرياضية والممرات والمكتبات والخيام. في مدريد، الجزء الأكثر تضررا من البلاد، كان عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية مركزة ثلاثة أضعاف طاقة ما قبل الجائحة، ما اضطر المستشفيات إلى تركيب وحدات عناية مركزة مؤقتة في غرف العمليات ووحدات الجهاز التنفسي.
يقول خوسيه رامون أريباس، رئيس وحدة الأمراض المعدية في مستشفى لاباز في مدريد: "أنا أمارس المهنة منذ 30 عاما. هنا في المستشفى، اضطررنا إلى علاج المبشرين المصابين بفيروس إيبولا. لكن إيبولا لم يكن شيئا يذكر مقارنة بهذا".
حتى الأيام الأخيرة من شباط (فبراير)، كانت الاختبارات التشخيصية مقتصرة بالكامل تقريبا على الأشخاص الذين سافروا من مقاطعة هوبي في الصين، حيث نشأ الوباء، أو كانوا مرتبطين بها. كان هذا يتماشى مع الدول الأوروبية الأخرى لكن تبين أنه خطأ كبير.
يقول أريباس: "أردنا إجراء مزيد من الفحوص التشخيصية، خاصة للمرضى الذين تم نقلهم إلى المستشفى لإصابتهم بالالتهاب الرئوي، لكن لم يتم التصريح إلا للأشخاص القادمين من ووهان. كان هناك تباين بين ما طلبناه نحن الذين في المستشفيات – المزيد من اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل PCRs – وما أوصى به مسؤولو الصحة العامة. أصروا على أن المخاطر في إسبانيا منخفضة للغاية".
القيود المفروضة على الاختبارات جعلت من المستحيل اكتشاف ما إذا كان الناس ينشرون الفيروس في الدولة نفسها. اتضح أنهم كانوا يفعلون، وبأعداد كبيرة. يقول ألونسو: "هذا خطأ أساسي في الصحة العامة. ترى فقط ما تبحث عنه. إذا منعت الناس من البحث عن شيء ما، فلن تجده أبدا. وهذا بالضبط ما حدث في إسبانيا في تلك الأسابيع الحاسمة تماما".
في الواقع، كشف تشريح لاحق عن وفاة مريض مصاب بفيروس كورونا في 13 شباط (فبراير).
أدت الثغرات الموجودة في البيانات وبروتوكول الاختبار المعيب إلى تهاون قاتل. يقول المنتقدون إن السلطات الوطنية والإقليمية كانت بطيئة فوق الحد في فرض الضوابط – وهي أخطاء كانوا يودون الاستمرار في تكرارها هذا الصيف عندما تم تخفيف القيود وانتشرت موجة ثانية من العدوى.
يقول أريباس، من مستشفى لاباز: "ما كان يحدث في إيطاليا أعطانا إشعارا لمدة أسبوعين تقريبا. لكننا لم نستعد بما فيه الكفاية". حتى بعد أن فرضت إيطاليا إغلاقا على 16 مليون شخص في شمال البلاد، استغرق الأمر عدة أيام حتى تفرض الحكومة الإسبانية قيودا مماثلة. في حديثه الأحد 8 آذار (مارس)، بعد ساعات من إجراء روما العجيب، وصف سلفادور إيلا، وزير الصحة الإسباني، الإغلاق الإيطالي بأنه "شديد للغاية"، مضيفا: "نحن أنفسنا لسنا بحاجة إلى مثل هذه الإجراءات اليوم".
في اليوم نفسه، سمحت الحكومة اليسارية بمسيرة يوم المرأة العالمي قوامها 120 ألف امرأة في مدريد – وهو قرار سرعان ما أصبح كرة قدم يتقاذفها السياسيون. ووصف حزب فوكس Vox اليميني المتشدد ذلك بأنه عمل إجرامي تم تنفيذه باسم النسوية، على الرغم من أن كثيرا من علماء الأوبئة يقولون إن المسيرة لم تكن وسيلة مهمة لنشر العدوى. ما كان يهم حقا، وفقا لما قاله ميكيل بورتا، من المعهد البلدي للأبحاث الطبية في برشلونة، هو أن ما يقارب ثلاثة ملايين شخص يتكدسون في مترو مدريد وقطارات الركاب كل يوم – وكان الملايين يتجمعون أيضا في حانات ومطاعم المدينة.
كانت التقارير قد بدأت في ذلك الحين في الوصول إلى وزارة الصحة بأن إسبانيا نفسها تعاني زيادة في الإصابات. أظهرت الأرقام الرسمية في 8 آذار (مارس) أن عدد الحالات المسجلة ارتفع 70 في المائة في غضون 24 ساعة فقط، ليصل إلى 999 حالة. يقول أريباس: "كنا نشهد زيادة هائلة في عدد المرضى. بدأت المستشفيات تمتلئ بسرعة كبيرة".
في 9 آذار (مارس)، أعلنت عدة مناطق، بما في ذلك مدريد، الإغلاق الوشيك لمدارسها. في 12 آذار (مارس)، أشار خوسيه لويس مارتينيز ألميدا، عمدة مدريد، إلى أن المدينة قد يتعين إغلاقها. لكن الحكومة الإسبانية وافقت فقط على الإغلاق بعد يومين.
يقول ألونسو: "فقط عندما أخذت الدفعات الأولى من الأعداد الكبيرة للمرضى تدفع المستشفيات إلى الانهيار، أعلنوا حالة التأهب. لكن تلك الأعداد الأولية كانت غيضا من فيض وتحتها كان هناك مستوى هائلا من الإرسال".
يؤكد سيمون أن "بضعة أيام فقط" هي موضع خلاف من حيث المدة التي استغرقتها الحكومة للرد. قال في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" في حزيران (يونيو): "لم تشر معلوماتنا حتى صباح الإثنين 9 آذار (مارس) إلى أن هناك حاجة إلى إغلاق أي شيء. هل كان بإمكاننا التصرف في وقت سابق؟ من الصعب للغاية الحكم على الأمر. يمكن للناس أن يقولوا كان من الممكن أن يكون قبل ذلك بيوم أو بعده بيوم ولكن تنفيذنا للأمور كان جيدا للغاية".

الأكثر قراءة