فجوات المهارات الخفية يجب أن يتعلم أصحاب العمل سدها

فجوات المهارات الخفية يجب أن يتعلم أصحاب العمل سدها
كثير من العاملين ربما يحتاجون إلى إعادة تأهيل أنفسهم لمواكبة العصر الرقمي.

يشعر العالم بالقلق إزاء فجوة المهارات التي تلوح في الأفق وأثرها المحتمل في الناتج الاقتصادي. كتبت "فاينانشيال تايمز" عام 1968: "إن حكومة المملكة المتحدة بالطبع، تدرك جيدا هذا التهديد".
بعبارة أخرى، هذه مشكلة مزمنة. لكنها تدخل في مرحلة حادة بفضل الجائحة. مثل فيروس كورونا، فجوة المهارات تتغير وتتحور بطرق من المحتمل أن تكون خطرة.
الفجوة الأولى والأكثر وضوحا في مستقبل العمل لا تزال هي التي تم تحديدها في تقرير عام 1968: ندرة العاملين (المهندسين، في تلك الحالة) الذين يملكون المهارات اللازمة لوظائف المستقبل. تتلخص مشكلة اليوم في تقرير جديد صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي: خلص إلى أن 40 في المائة من المهارات الأساسية في الوظائف العادية ستتغير في الأعوام الخمسة المقبلة.
تحت هذه الهوة، تكمن فجوة مهارات ثانية بين العاملين الشباب ذوي التعليم المتدني والأجور المنخفضة الذين تضرروا من الأزمة أكثر من غيرهم، والمهنيين الأكبر سنا ذوي الأجور العالية. كانت النتائج المتعلقة بالنساء أسوأ أيضا من النتائج المتعلقة بالرجال. تظهر البيانات الأمريكية أن معدلات البطالة بلغت ذروتها، 21.2 في المائة، في نيسان (أبريل) بالنسبة للعاملين الذين تلقوا تعليما أدنى من المستوى الثانوي، وانخفضت فقط إلى 12.6 في المائة في نهاية آب (أغسطس). في كل حالة، تجاوز ذلك ضعف معدل العاملين الحاصلين على درجة علمية على الأقل.
مع ذلك، فإن ما يبدو أنه أخبار جيدة للأشخاص ذوي المستوى التعليمي العالي قد يكون نسبيا فقط. أشارت تقديرات مجلس الاستراتيجية الصناعية التابع لحكومة المملكة المتحدة العام الماضي إلى أن سبعة ملايين شخص إضافي، أو 20 في المائة من القوى العاملة، سيفتقرون إلى المهارات اللازمة لوظائفهم بحلول عام 2030، لكن سيكون هناك مليون شخص آخر يمتلكون مهارات عالية.
من المحتمل أن توسع الجائحة هذه الفجوة الثالثة. لجأت إلى خدمة انقر واستلم لشراء حاجياتي من البقالة الأسبوع الماضي من رجل خسر وظيفته في إدارة تجديد المتاجر التابعة لشركات التجزئة. كان فلسفيا بشأن التحول الذي حدث في مصائره. قال لي: "إنها المرة الأولى منذ فترة لم أتحمل فيها أي مسؤولية". بالمثل، اكتسب توم دي سيلفا، الذي كان يأمل في أن يعمل في مجال الإعلانات قبل انتشار كوفيد - 19، شهرة واسعة بتغريدة لاذعة حديثة حول وظيفته في أحد المتاجر الكبرى بدوام جزئي: "منذ أربعة أعوام كنت أعمل في تنظيم عربات التسوق الصغيرة في "سانزبيري" ليلة الإثنين. تركت المكان، وعملت بجد وحصلت على الشهادة الجامعية من جامعة شيفيلد. الآن أنا أعمل في تنظيم عربات التسوق الصغيرة في "ويتروز" ليلة الجمعة. لا تيأس أبدا".
من دون أي خطأ من جانبهم، فإن الأشخاص الذين يتعين عليهم التنازل بهذه الطريقة يفاقمون فجوة المؤهلات، ويحلصون على وظائف كان من الممكن أن تكون متاحة لمرشح أقل تعليما يريد أن يضع قدمه على سلم الوظائف.
تشير الحكمة التقليدية إلى أن المهارات الرقمية هي الثغرة في سوق الوظائف في المستقبل. هذا صحيح، إذ يتصدر محللو البيانات والمختصون في الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة والتسويق الرقمي قائمة الوظائف التي يتزايد الطلب عليها، وفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. حتى إن مقطع فيديو مضحكا حول التحديات المقبلة يقدم الأمل لدي سيلفا، بإشارته إلى الحاجة لـ "مختصين في نجاح العملاء" من خلال رسوم متحركة لعربات التسوق في متاجر كبرى. لكن المهارات العالية المطلوبة لعام 2025 أوسع نطاقا مثل التفكير التحليلي وحل المشكلات المعقدة والإبداع، وتكشف عن الصدع المحتمل الرابع في سوق العمل.
يقول جوليان لامبرتين، من "كيه آر سي للأبحاث"، الذي عمل مع "مايكروسوفت" في تقارير أخيرة حول مستقبل العمل: "سنصل إلى مرحلة تكون فيها جميع التكنولوجيات قد تم بناؤها ولن تكون هناك حاجة إلى عدد كبير من المبرمجين وعلماء البيانات". بل ستحتاج إلى أشخاص يعملون مع التكنولوجيا" ويطبقون مهاراتهم البشرية والشخصية والقيادية.
تحتاج الشركات والحكومات والمؤسسات التعليمية إلى العمل بسرعة وبطريقة منسقة لسد هذه الثغرات. يشعر أكثر من نصف البالغين العاملين بالخوف من فقدان وظائفهم في الـ 12 شهرا المقبلة، وفق دراسة استقصائية أجرتها شركة إيبسوس Ipsos للمنتدى الاقتصادي العالمي.
الأمر الذي يزيد الشعور بالتفاؤل أن ثلثيهم يعتقدون أن بإمكانهم إعادة التدريب مع صاحب العمل الحالي. لتحقيق هذه الآمال، يتعين على الشركات الوفاء بجانبها من الصفقة وتخصيص الموارد لبرامج التدريب القيمة أثناء العمل حتى في ظل تعرضها لضغوط مالية شرسة. تشير سعدية زهيدي، المؤلفة المشاركة لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن العائد على الاستثمار من صقل المهارات سريع، لكن "يتعين على الشركات اتخاذ قرارات قصيرة الأجل بسبب الانكماش الاقتصادي".
هنا تلوح في الأفق فجوة مهارات أخيرة، واحدة من أصعب الفجوات من حيث سدها. حذر أندرياس شلايشر، من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، قمة إعادة ضبط وتحديد الوظائف Jobs Reset التي نظمها المنتدى الاقتصادي العالمي الأسبوع الماضي من أن "أسهل المجالات للتعليم والاختبار، أصبحت أيضا الأسهل للرقمنة".
مع ذلك، تحتاج الشركات إلى موظفين يتمتعون بقدرات اجتماعية وعاطفية أساسية، يطلق عليها خطأ اسم المهارات الناعمة التي يمكن اكتسابها وصقلها وتقييمها على أفضل وجه في العمل. بمجرد الخروج من الوظيفة قد يجد المرشحون صعوبة أكبر في إثبات قدرتهم على التعلم النشط لأصحاب العمل، وهي مهارة تأتي في المرتبة الثانية في قائمة أفضل المهارات في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025. إذا لم يتمكنوا من سد هذه الفجوة، سيظل صناع السياسات وقادة الأعمال والمثقفون في حالة من القلق بشأن النقص في المهارات بعد عقود من الآن.

الأكثر قراءة