FINANCIAL TIMES

بيزوس وأمباني يتعاركان على كعكة التجارة الإلكترونية في الهند.

بيزوس وأمباني يتعاركان على كعكة التجارة الإلكترونية في الهند.

يتنافس جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، مع موكيش أمباني رئيس شركة ريلاينس إندستريز، على شركة التجزئة الهندية فيوتشر جروب، ما يرسم خطوط معركة بين اثنين من أغنى الرجال في العالم حول سوق التجارة الإلكترونية المربحة في البلاد.
يوم الأحد منح مركز التحكيم الدولي في سنغافورة أمرا مؤقتا طارئً لمصلحة "أمازون"، بعد أن قدمت مجموعة التكنولوجيا الأمريكية شكوى تتعلق بصفقة بقيمة 3.4 مليار دولار أبرمتها شركة ريلاينس مع "فيوتشر جروب" في آب (أغسطس).
ادعت "أمازون" التي استحوذت على حصة أقلية غير مباشرة في مجموعة البيع بالتجزئة والأزياء العام الماضي، أن بيع شركة فيوتشر لأعمال التجزئة والجملة واللوجستيات والتخزين التابعة لها إلى شركة ريلاينس انتهك عقدها الموجود مسبقا، الذي يتضمن حق العرض الأول وشرط عدم المنافسة. الصفقة الآن معلقة إلى أن يتم اتخاذ قرار نهائي.
تأتي المعركة القانونية في الوقت الذي تستعد فيه "أمازون" و"ريلاينس" للتنافس وجها لوجه في معركة للسيطرة على سوق التجارة الإلكترونية المزدهرة في الهند، التي ستبلغ قيمتها 86 مليار دولار بحلول عام 2024، وفقا لشركة الأبحاث فورستر. الأمور التي على المحك عالية خصوصا بالنسبة لـ "أمازون"، التي تعتقد أن الهند سوق نامية كبيرة بعد إغلاق متجرها عبر الإنترنت في الصين العام الماضي.
"ريلاينس" التي هي بالفعل أكبر بائع تجزئة خارج الإنترنت في الهند، بأكثر من 11 ألف متجر على الأرض وعائدات بلغت 18.5 مليار دولار العام الماضي، لها حضور ضئيل في التجارة الإلكترونية. لكنها تشرع الآن في استراتيجية لإزاحة "أمازون" و"فليبكارت" المملوكة لشركة وول مارت، اللتين تسيطران معا على نحو 70 في المائة من سوق الإنترنت في الهند.
بعد أن جمع أمباني 20 مليار دولار من مستثمرين عالميين لشركته، ريلاينس جيو، التي تختص بالاتصالات والخدمات الرقمية، بدأ منذ ذلك الحين حملة أخرى لجمع المال لذراع التجزئة التي يمتلكها. بعد أن جمع أكثر من خمسة مليارات دولار من داعمين بارزين حتى الآن، تتمثل رؤيته في رقمنة "ريلاينس" للتجزئة وشبكتها الهائلة غير المتصلة بالإنترنت.
قال راهول مالهوترا من بيرنشتاين في مومباي: "الآن، مع هذا النوع من التمويل الذي حصلت عليه "ريلاينس" من الواضح أنها ستلعب في الأسواق عبر الإنترنت مثل "أمازون" و"فليبكارت"، هذه بداية حقبة أكثر تنافسية".
تأتي المعركة حول "فيوتشر" للتجزئة في الوقت الذي تبحث فيه "أمازون" و"فليبكارت" عن شراكات مع تجار التجزئة التقليديين في الهند ضمن حملة للتوسع، وفي الوقت نفسه الامتثال للقوانين التنظيمية الجديدة التي تحد من اللاعبين الأجانب في قطاع التجارة الإلكترونية.
هذه المناوشة هي أحدث نكسة لبيزوس في الهند بعد فشل رحلة رفيعة المستوى في كانون الثاني (يناير). حينها قال وزير التجارة الهندي: إن تعهد رئيس "أمازون" باستثمار مليار دولار لرقمنة الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء البلاد ليس "معروفا كبيرا للهند".
قال شخص مقرب من "أمازون": إن بيزوس الذي استثمر مليارات في الهند منذ أن بدأ العمل هناك عام 2013 لم يتمكن من تأمين لقاء مع مودي عندما جاء إلى نيودلهي. تناول بيزوس لاحقا طعام الإفطار مع أمباني ورجال صناعة آخرين في مومباي.
قال مصرفي في مومباي: "من الواضح إنهما متنافسان كبيران. أمباني يسعى وراء ما حصل عليه بيزوس". وأضاف، مشيرا إلى متجر توصيل البقالة عبر الإنترنت التابع لشركة ريلاينس: "الطفل الهندي العادي من الطبقة المتوسطة عندما يريد التسوق عبر الإنترنت فإنه يفكر في "أمازون"، ولا يفكر في "ريلاينس" للتجزئة أو جيومارت".
رغم المحادثات المتقطعة هذا العام حول إمكانية حصول "أمازون" على حصة في "ريلاينس" للتجزئة، قال محللون: إن بيزوس حذر من تكوين شراكة مع رجل الأعمال الهندي القوي. وبحسب أشخاص مقربين من "ريلاينس"، أمباني أيضا متردد في تسليم أي حصة أغلبية أو سيطرة لمنافسه، ما يعيق أي جهد حقيقي للتوصل إلى صفقة.
أمباني أصبح مغناطيسا للاستثمارات في الوقت الذي يسعى فيه إلى تحويل مجموعة الطاقة العملاقة الخاصة به إلى قوة تكنولوجيا عظمى محلية، لم يخف خططه لجعل جيو بلاتفورمز عملاق الإنترنت التالي.
قال ساتيش مينا، وهو محلل في شركة فورستر في نيودلهي: "تريد جيو أن يأتي لها الحد الأقصى من إنفاق الأسرة. إنهم يفعلون الشيء نفسه الذي فعلوه مع الاتصالات، وإذا كانوا قادرين على التحكم في مشتريات البقالة، فقد استحوذوا على أغلب إنفاق الأسرة".
تدير شركة فيوتشر بعض العلامات التجارية الأكثر شهرة في الهند، مثل سلسلة المتاجر الكبرى بيج بازار Big Bazaar ومتجر البقالة المتميز فودهول Foodhall. إذا تم ارتباط "ريلاينس" بالمجموعة، فستسيطر إمبراطورية أمباني على 40 في المائة من سوق البقالة الرسمي في البلاد.
رغم تأخر "أمازون" و"فليبكارت" في تجربة المستخدمين عبر الإنترنت، يقول محللون إن "ريلاينس" تتمتع بميزة كونها تمتثل للمد المتزايد من السياسات الحمائية في الهند.
قال شخص مقرب من "ريلاينس": "في دوائر الأعمال في مومباي، ينظر إلى "أمازون" على أنها شركة الهند الشرقية الجديدة من نوع ما"، في إشارة إلى الشركة البريطانية الخاصة التي حكمت مساحات شاسعة من شبه القارة الهندية في القرن الـ 18. "لماذا ينبغي أن تهيمن شركة أجنبية عندما يكون لدينا عمالقة محليون من أمباني إلى تاتا وبيرلا؟".
أثارت لوائح التجارة الإلكترونية المتغيرة في البلاد أسئلة مألوفة حول معاملة نيودلهي لأكبر مستثمريها الأجانب، حيث أمضت "فودافون" أعواما في نزاع ضريبي قيمته ثلاثة مليارات يورو مع السلطات الهندية يتعلق بالاستحواذ على مشغل محلي.
بعد أن دفعت وول مارت 16 مليار دولار مقابل فليبكارت في عام 2018، وهو أكبر استثمار أجنبي منفرد في البلاد غيرت نيودلهي قواعدها للقطاع فقط بعد أشهر من ذلك، وحظرت على الشركات الأجنبية الاحتفاظ بمخزونها الخاص وسمحت لها بالعمل كأسواق على الإنترنت فقط، تربط البائعين بالمشترين.
للتغلب على هذه القواعد، اكتسبت "أمازون" و"فليبكارت" حصصا في شركات تجزئة هندية لتعميق سلاسل التوريد الخاصة بها. تمتلك "أمازون" حصصا في متجر شوبرز ستوب متعدد الأقسام وسلسلة بقالة مور، وهي جزء من مجموعة أديتيا بيرلا. أعلنت فليبكارت يوم الجمعة الماضي أنها دفعت 200 مليون دولار مقابل حصة تبلغ 7.8 في المائة في شركة أديتا بيرلا فاشون آند رتيال ليمتد التي لديها أكثر من ثلاثة آلاف متجر في البلاد.
قال المحللون: إن نتيجة معركة "أمازون" القانونية مع "فيوتشر" كان من الصعب التنبؤ بها. وقالت "ريلاينس" في بيان إنها "تعتزم إنفاذ حقوقها وإتمام الصفقة مع مجموعة فيوتشر دون أي تأخير".
لكن نيل شاه، المحلل في كاونتربوينت في مومباي، أشار إلى أن التحكيم سيتيح للمجموعة الأمريكية كسب بعض الوقت على أقل تقدير.
قال: "قد تعمل أمازون على عرقلة الموضوع لإبطاء توسع ريلاينس. لكن ريلاينس تتخذ خطوات كبيرة وتشكل تهديدا كبيرا. الكرة في ملعب أمباني".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES