أوروبا بحاجة إلى مكتب تحقيقات فيدرالي خاص بها

أوروبا بحاجة إلى مكتب تحقيقات فيدرالي خاص بها

من الواضح أن كوفيد - 19 لم ينته بعد. في حين أن التأثير الصحي والاقتصادي والمالي لهذا الوباء في دائرة الضوء حاليا، فقد أصبحت قلقا بشكل متزايد بشأن تأثيره في الأمن الداخلي الأوروبي.
شهدت التظاهرات الأخيرة المتشككين في فيروس كورونا، وأصحاب نظرية المؤامرة، والجماعات اليمينية يضمون الصفوف في عدد من المدن الأوروبية، بما في ذلك محاولة لاقتحام البرلمان الألماني في برلين. من المحتمل أن يكون هذا مجرد مقدمة لهجمات متطرفة مستقبلية على مجتمعاتنا الديمقراطية في جميع أنحاء أوروبا. وهذا يؤكد الحاجة الملحة إلى تعاون شرطي أعمق عبر الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد عبر إنشاء مكتب تحقيقات فيدرالي أوروبي.
في جميع أنحاء أوروبا شهدنا أخيرا ارتفاعا في نظريات المؤامرة والأخبار الكاذبة والاستقطاب المتزايد. كان اليمين المتطرف يتسلل إلى الجماعات التي تنتقد إجراءات مكافحة فيروس كورونا، ويتعاون عبر الحدود الأوروبية.
مع تفاقم الركود أخشى أن نرى أيضا مجرمين وإرهابيين يستغلون الأجزاء الأكثر ضعفا في مجتمعنا. ستحاول الجماعات الإرهابية استغلال الوضع لتجنيد مزيد من المؤيدين ويمكن توقع انتقال الجريمة المنظمة إلى مجالات جديدة. في الوقت نفسه، تعمل القوى الأجنبية عمدا على تضليل المواطنين الأوروبيين حول إجراءات مكافحة كوفيد - 19 أو محاولة التأثير في انتخاباتنا. كل هذا له آثار في الأمن الداخلي.
الرد على هذه التهديدات لأمننا الداخلي يجب أن يكون دوليا، وقبل كل شيء أوروبيا. منطقة حرية الحركة في شنجن هي نعمة لأوروبا. لكنها تسهل الأمر أيضا على المجرمين والإرهابيين الذين يديرون شبكات متشابكة للغاية. لا يمكننا السيطرة عليهم إلا إذا كانت الشرطة ووكالات إنفاذ القانون سريعة الحركة مثل هذه الشبكات العابرة للحدود.
شهد التعاون الأمني الأوروبي تقدما في الأعوام الأخيرة. تم إنشاء يوروبول عام 1998، وهي وكالة إنفاذ قانون عالية الكفاءة، أنشأت نقاط قوة في المجالات الحاسمة للجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب وتسهم في مختلف التحقيقات الوطنية. لكن المؤسسة بحاجة إلى مزيد من التطوير.
أنشأت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والولايات الفيدرالية وحتى البلديات منصات لتبادل المعلومات حول الاستعداد لهجمات إرهابية ومحاربة التطرف من مواطنيها. كل هذا مهم ويسهم في الأمن الفردي لكل مواطن أوروبي. لكنها قليلة جدا وبطيئة جدا. نحن بحاجة إلى الدفع بحزم أكبر نحو وكالة شرطة أوروبية حقيقية.
أولا، يجب علينا تعزيز تبادل البيانات والمعلومات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. نحن بحاجة إلى معايير موحدة لتبادل المعلومات ذات الصلة حول التهديدات والمجرمين وشبكاتهم. وهذا ينطبق أيضا على أفضل الممارسات في إزالة التطرف والجهود الأخرى لمنع الإرهاب والتطرف. نحن نحتاج إلى روابط اتصال رقمية مباشرة بين وكالات الشرطة التي تضمن وصول المعلومات الضرورية إلى كل مركز شرطة في أوروبا دون أي تأخير بسبب الحدود. يجب أن يكون هدفنا هو مشاركة البيانات بسهولة وكفاءة بين الدول الأعضاء كما نفعل داخل دولنا. يجب أن يلعب اليوروبول دورا رائدا في إدارة هذا التبادل.
ثانيا، علينا تجهيز اليوروبول وتشغيله بشكل صحيح. ليس من المنطقي فرض تخفيضات في الميزانية الآن، لذلك سأعمل بجد لضمان زيادة الأموال المخصصة لليوروبول. أظهرت أزمة كوفيد - 19 بوضوح أن الإدارة الفعالة ووكالات إنفاذ قوية تنقذ الأرواح البشرية. هذا صحيح بشكل خاص في منطقة حساسة للغاية مثل الأمن الداخلي. نحن بحاجة للتأكد من أن أفراد الشرطة لدينا لديهم المهارات اللازمة للعمل على المستوى الأوروبي. تحتاج سيبول Cepol، المسؤولة عن التدريب على إنفاذ القانون الأوروبي إلى أن تصبح أكاديمية شرطة حقيقية في الاتحاد الأوروبي.
ثالثا، نحتاج إلى مناقشة تفويض مزيد من السلطات التنفيذية إلى المستوى الأوروبي حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن جزء من سلطتنا الوطنية. وهذا يحتاج إلى تنسيق وثيق مع مكتب المدعي العام الأوروبي، الذي من المفترض أن يبدأ عمله في نهاية هذا العام. في النهاية، كل هذا يجب أن يقودنا إلى قوة شرطة أوروبية، تعزز وتكمل أجهزة الأمن في البلدان. إذا أردنا حماية أوروبا من الجريمة الدولية، فعلينا أن نتصرف بحزم.
سيكون من الخطأ تماما التورط في البيروقراطية وحماية الحقوق الوطنية المتعلقة بالماضي. إذا لزم الأمر، يجب أن نعزز اليوروبول بالشراكة مع الدول الأعضاء المستعدة للقيام بذلك. أنا متأكد من أن مزيدا ومزيدا من الدول ستنضم لأنها ترى الفائدة الأوروبية الواضحة لكل مواطن.
التحديات التي نواجهها تتزايد في ظل أزمة فيروس كورونا. من أجل مواجهتها وضمان أمننا وحماية مواطنينا، هناك إجابة واحدة فقط: مزيد من أوروبا.

*وزير الشؤون الداخلية في ولاية ساكسونيا السفلى، ألمانيا، ورئيس مجموعة مراقبة اليوروبول.

الأكثر قراءة