التجارة الإلكترونية تلقي طوق نجاة لصناعة الأزياء الإيطالية

التجارة الإلكترونية تلقي طوق نجاة لصناعة الأزياء الإيطالية
أحد معارض مجموعة جورجيو أرماني.

ساعد نمو التجارة الإلكترونية خلال جائحة فيروس كورونا بعض دور الأزياء وبائعي التجزئة للملابس على الاستمرار في العمل حتى أثناء الإغلاق. يعتقد خبراء الصناعة أن التعمق في التحول الرقمي في مجالي التوزيع والمبيعات يمكن أن يساعد مصنعي الأزياء والعلامات التجارية الفاخرة على مواجهة بعض التحديات طويلة الأمد، التي تفرضها التغيرات في عادات البيع بالتجزئة للمستهلكين.
وفقا لـ "جولدمان ساكس"، مجموعات الأزياء مثل برادا وجوتشي وفيراجامو قد تستعيد توازنها أسرع من التوقعات المبدئية، بفضل انتعاش الأسواق المحلية الصينية والأمريكية. ويتوقع محللون أن تكون للعلامات التجارية التي تركز على التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية مزايا تنافسية مهمة على منافسيها الأقل ذكاء.
بالنسبة لإيطاليا، حيث تبلغ قيمة صناعة الأزياء نحو 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، الإغلاق الطويل للمحال حول العالم أدى إلى تأثير مدمر في نتائج شركات الأزياء وأثر سلبيا في الموردين المحليين.
توقع كارلو كاباسا، رئيس غرفة الأزياء الوطنية في إيطاليا أن تنخفض الإيرادات 30 ـ 40 في المائة هذا العام بالنسبة للشركات في جميع أنحاء القطاع. وحذر أيضا من عددا كبيرا من بين 200 ألف من المشاريع الصغيرة التي تشكل العمود الفقري لصناعة الأزياء الإيطالية معرض لخطر الإغلاق الدائم.
بالنسبة لكثير من الشركات المملوكة للعوائل التي تقلصت إيراداتها خلال العقدين الأخيرين نتيجة لزيادة المنافسة العالمية وأزمات الاقتصاد المحلية المتكررة، يبدو أن كوفيد - 19 هو الضربة الأخيرة. لكن العلامات التجارية والشركات المصنعة التي استطاعت إعادة تنظيم قنوات التوزيع والمبيعات الخاصة بها بسرعة تمكنت حتى الآن من تخفيف آثار الجائحة.
تظهر بيانات نشرها باحثون في مرصد التجارة الإلكترونية "بي 2 سي"، التابع لمعهد ميلانو للبوليتكنيك، في تموز (يوليو)، أن مبيعات الملابس عبر الإنترنت زادت أكثر من 20 في المائة في 2020. ومع أن عمليات الشراء عبر الإنترنت ما زالت تمثل جزءا ضئيلا من إجمالي مبيعات الملابس في إيطاليا، يتفق الخبراء على أن كوفيد - 19 شكل محفزا لإجراء إصلاح طال انتظاره في مجالي التوزيع والتسليم.
المستثمر المقيم في لندن، أليساندرو بينيلو، الرئيس التنفيذي لمجموعة كوارديفيو، التي تركز استثماراتها في الطعام والأزياء والتصميم الإيطالي، يعتقد أن التحدي الرئيس الذي يواجه القطاع المسمى "صنع في إيطاليا" سيكون تطوير المهارات والتكنولوجيا التي ستسمح للشركات بالنجاة من التحول الرقمي.
قال بينيلو: "عجل كوفيد - 19 اتجاها بدأ بالفعل. بالضرورة ستحتاج العلامات التجارية للأزياء إلى الرقمنة من خلال منصاتها الخاصة ومن خلال أطراف ثالثة مثل ’يوكس‘ و’فارفيتش‘".
اشترت مجموعة كوارديفيو شركة روزانتيكا، وهي علامة تجارية لبيع الإكسسوارات عبر الإنترنت فقط، و"120في المائة لينو" وهي شركة لتصنيع الملابس من الكتان. يعتقد بينيلو أن إحدى أكبر مشكلات التكيف مع تدفقات العمل الحديثة هي أن "المهارات التكنولوجية نادرة للغاية في إيطاليا".
من المرجح أن يكون لدى الشركات الكبرى اليد العليا لأن لديها الموارد لتوظيف المواهب وتنفيذ استراتيجيات التجارة الإلكترونية الخاصة بها، أو عن طريق الشراكات. مثلا، وقعت مجموعة أرماني اتفاقا خلال الصيف مع "يوكس نيت أيه بورتر" Yoox Net-a-Porter لبيع السلع الفاخرة عبر الإنترنت لتحسين منصتها الرقمية التي توفر للعملاء الوصول عبر الإنترنت إلى كل من الكتالوج الرقمي والعناصر الموجودة في المتجر عبر قناة التوزيع التابعة ليوكس.
شركة يوكس ـ مقرها ميلانو ـ هي جزء من مجموعة ريتشمونت، ضخت استثمارات كبيرة في التخزين عالي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبرمجيات لتعزيز خدمات التجارة الإلكترونية التي جذبت 4.3 مليون عميل حتى الآن. تبيع المجموعة للعملاء العالميين مباشرة من خلال منصتها الخاصة متعددة العلامات التجارية عبر الإنترنت، لكنها تدير أيضا المبيعات الفردية عبر الإنترنت والتوزيع لأكثر من 30 علامة تجارية، بما في ذلك بالنسياقا وبوتيقا فينيتا وإيزابيل مارانت ودنهيل.
خلال الجائحة اتجهت منصات، مثل أمازون التي تبيع ملابس الموضة السريعة، إلى تعزيز شبكة الخدمات اللوجستية والتسليم الإيطالية الخاصة بها. يقول ستيفانو بيريجو، نائب رئيس قسم الوفاء للعملاء الأوروبيين في أمازون: "في أيلول (سبتمبر)، بدأنا عملياتنا في مركز الوفاء التابع لنا في روفيجو الذي سيوفر 900 وظيفة دائمة في غضون ثلاثة أعوام".
تخطط شركة التجزئة عبر الإنترنت أيضا لزيادة محطات التسليم في جميع أنحاء إيطاليا خلال الأشهر القليلة المقبلة. يضيف بيريجو: "تضيف هذه المواقع سعة ومرونة إلى شبكة توصيل أمازون من خلال تمكين شركات النقل الإقليمية من توصيل طلباتنا".
تعمل شركات إيطالية أخرى مثل لوكسيتيكا، الشركة المصنعة للنظارات الرائدة عالميا، على تطوير عملية إيصال المنتجات إلى السوق العالمية. لقد خفضت سابقا عدد مراكز التوزيع الخاصة بها من 13 إلى أربعة على مستوى العالم، من أجل دمج عمليات الإنتاج والتوزيع الرقمي. ستكون الخطوة التالية للشركة هي إنشاء منصة على الإنترنت، مفتوحة لصانعي النظارات الآخرين.
وفقا لجورجيو ستريانو، كبير مسؤولي العمليات في لوكسيتيكا "ستدعم قوة البنية التحتية اللوجستية لدينا رغبة المجموعة في بناء منصة خدمة مفتوحة وتعاونية تسمح لشركائنا وإخصائيي البصريات بالاتصال بالمستهلكين العالميين"، مضيفا "ربما يمكننا البدء في تصور شكل جديد لصناعة المشاركة لمواجهة التحديات المقبلة".
تعمل الحكومة الإيطالية على تقييم هذا التحول الرقمي. تساعد "سيمست"، التي تدير القروض المدعومة للمؤسسات الصغيرة نيابة عن وزارة الخارجية الإيطالية، الشركات الصغيرة - الجزء الأكبر من الاقتصاد الإيطالي - التي ترغب في التوسع من خلال منصات التجارة الإلكترونية.
قال ماورو ألفونسو، الرئيس التنفيذي لـ"سيمست"، إن طلبات القروض لتمويل إطلاق منصات المبيعات عبر الإنترنت زادت بصورة كبيرة بين أيار (مايو) وأيلول (سبتمبر)، في خضم الجائحة. أضاف: "نرى أدلة على تسارع في (عدد) الشركات الإيطالية من مختلف القطاعات لتعزيز العمليات عبر الإنترنت".
وفقا لبيانات "سيمست"، تم تسلم ما يقارب 300 طلب في الأشهر الأربعة المنتهية في 17 أيلول (سبتمبر) وكانت شركات الأنسجة والسلع الاستهلاكية ضمن الفئات الخمس الأولى من المتقدمين. وبحسب ألفونسو: "يشير ذلك إلى حدوث تغيير هيكلي دائم محتمل في كيفية ممارستنا لأعمالنا".
يعتقد بينيلو، من مجموعة كوادريفيو، أن التحول الرقمي فرصة لكل من الشركات الإيطالية الصغيرة والشركات متعددة الجنسيات، وسيساعد المصنعين ذوي التفكير المستقبلي على الاستفادة من المستهلكين، وخفض التكاليف والنجاة من الأزمات والمنافسة بعد الوباء. يقول: "أنا متفائل".

الأكثر قراءة