قواعد لعب جديدة في سوق الاكتتابات العامة
تسيطر الشركات الأمريكية بشكل أكبر على عمليات إدراجها في سوق الأسهم من خلال اللجوء إلى الإدراج المباشر والتكنولوجيات الجديدة لتسعير أسهمها، ما يشكل مقاومة للقيود المفروضة على العروض العامة الأولية التي حددت أسواق رأس المال على مدى عقود.
الأسبوع الماضي تجنبت شركتا البرمجيات، بالانتير وأسانا، عملية الاكتتاب العام التقليدية للانضمام إلى سوق الأسهم من خلال الإدراج المباشر، مستندتان في ذلك إلى نجاح تحركين مماثلين من شركة سلاك في العام الماضي وسبوتيفاي في 2018. واختار عدد من الشركات الأخرى طرح أسهمها للاكتتاب العام من خلال الاندماج مع شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة Spacs، وهي شركات مدرجة في البورصة.
تشكل هذه التغييرات مجتمعة قواعد لعب جديدة للشركات التي تتطلع إلى الإدراج في سوق الأسهم، وهو ما يعد التنفيذيين بدور أكبر في هذه العملية وفي الوقت نفسه إضعاف دور البنوك الاستثمارية.
قال نيل كيل، رئيس أسواق رأس المال العالمية في بنك أوف أمريكا: "هناك رغبة لدى الشركات في أن تكون لديها عملية أكثر انفتاحا وشفافية".
عمليات الإدراج المباشر تتيح للمساهمين الحاليين، وللموظفين، بيع أسهمهم في السوق المفتوحة في اليوم الأول من التداول، لكنها لا تسمح للشركات بجمع رأس المال عن طريق بيع أسهم منشأة حديثا. يعد هذا خروجا عن فكرة الاكتتاب العام الأولي، حيث تخصص البنوك الاستثمارية عادة أسهما جديدة للمستثمرين المؤسسيين، مثل الصناديق المشتركة وصناديق التحوط، وتختار المستثمرين ذوي الجاذبية الذين من المحتمل أن يحتفظوا بالأسهم على المدى الطويل.
عمليات الإدراج المباشر الحديثة هي أنموذج للشركة من النوع القادر على إدراج الأسهم دون جمع المال. وتضم هذه الفئة أسماء معروفة في التكنولوجيا، لديها داعمين بارزين. أقدم الشركات الأربع، بالانتير، أسست قبل 17 عاما وجمعت مليارات الدولارات من مستثمرين من القطاع الخاص خلال ذلك.
شيام سانكار، كبير الإداريين التشغيليين في شركة بالانتير، قال: "نحن لسنا متعصبين للإدراج المباشر"، مضيفا أن هذه العملية وفرت للشركة مناقشات أوثق مع المستثمرين المحتملين و"قدرا أكبر قليلا من التحكم" مقارنة بالاكتتاب العام الأولي التقليدي.
من جانبه، قال داستن موسكوفيتز، الرئيس التنفيذي لشركة أسانا: "شعرنا أن اكتشاف السعر أفضل بكثير وأن تكلفة رأس المال أقل".
أغلقت الأسهم في بالانتير دون سعر الافتتاح، بينما ارتفع سهم أسانا أكثر من 10 في المائة خلال اليوم.
قد يختفي الفارق الكبير بين الإدراج المباشر والاكتتاب العام -جمع رأس المال- قريبا. في آب (أغسطس)، منظمو الأوراق المالية الأمريكية منحوا بورصة نيويورك موافقة تتيح للشركات جمع المال إلى جانب الإدراج المباشر. لكن القرار تعرض للطعن من قبل مجموعة تمثل المستثمرين المؤسسيين، ولم تختبر الشركات هذا النهج حتى الآن.
سيتخطى هذا الأسلوب خطوة توزيع الأسهم على مستثمرين محددين، وهي مهمة تتولاها البنوك في الاكتتاب العام الأولي، ما يحد من قدرة الشركات على اختيار المستثمرين الذين قد ينظر إليهم على أنهم جذابون، مثل الصناديق المشتركة التي قد تحتفظ بالأسهم على المدى الطويل. بدلا من ذلك، سيتم طرح الأسهم الجديدة في مزاد في اليوم الأول من التداول.
في تعليقها على عملية الإدراج المباشر المقترحة، قالت ليز باير، وهي مستشارة للاكتتاب العام في وادي السيليكون: "أنا في حيرة شديدة من مفهوم الشركة التي تريد جمع رأس المال بشكل مباشر، وربما تتحمل مسؤولية إضافية كبيرة، دون أن يكون لها رأي على الإطلاق في سعر السهم أو الجولة الأولى من المساهمين".
تستخدم البنوك أيضا التكنولوجيا لتحسين الاكتتاب العام. في الشهر الماضي، شركة يونيتي Unity لبرامج ألعاب الفيديو جمعت 1.3 مليار دولار بعد أن قدم مستثمرون محتملون الأسعار التي كانوا على استعداد لدفعها مقابل كتل الأسهم في بوابة يديرها جولدمان ساكس، الضامن الرئيس لعملية الإدراج. تمكنت الشركة من تحديد سعرها بعد وصول العطاءات، وكانت لها حرية التصرف في كيفية تخصيص رأس المال.
قالت باير، التي كانت تقدم النصح والمشورة لشركة يونيتي بشأن اكتتابها العام الأولي: "هذا هو الخيار الذي يضع أكبر قدر من السيطرة في أيدي الإدارة، رغم أن من المؤكد أنهم سيستمرون في تلقي المشورة من المصرفيين".
استقرت "يونيتي" في نهاية المطاف على سعر أقل قليلا من الحد الأعلى لطلب المستثمرين، كي تضمن إدراج مستثمرين معينين، وفقا لأشخاص تم إطلاعهم على العملية.
قال مات والش، الذي يقود أسواق رأس المال في مجال التكنولوجيا والإعلام والاتصالات لدى كريدي سويس، وهو ضامن رئيس في صفقة يونيتي: "هناك قدر هائل من الاهتمام بتحريك العملية إلى الأمام"، مضيفا أن التنفيذيين يشعرون أن لديهم رؤية أكبر لطلب المساهمين من خلال هذا النهج. "إنها خطوة ضخمة إلى الأمام."
تأتي الطفرة الأخيرة في الابتكار جنبا إلى جنب مع صعود كبير لشركات الاستحواذ للأغراض الخاصة Spacs، التي تجمع رأس المال من المستثمرين وتبقى في سوق الأسهم إلى أن تندمج معها شركة مستهدفة، ما يتيح الشركة المستهدفة في السوق العامة.
تتمتع شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة بتاريخ من استهداف الشركات ذات الأداء الضعيف وأحيانا الاحتيالية، لكن في الآونة الأخيرة هذه الشركات المسماة "شركات الشيك على بياض" اجتذبت رعاة بارزين، بمن فيهم بيل أكمان، الذي جمع في تموز (يوليو) أربعة مليارات دولار في أكبر عملية لشركة استحواذ للأغراض الخاصة حتى الآن.
منذ بداية العام حتى الآن ضخ المستثمرون 41.7 مليار دولار في شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة الأمريكية، أي ثلاثة أضعاف مبلغ قياسي تم جمعه العام الماضي، وقريبا من 52.8 مليار دولار جمعتها الاكتتابات العامة.
قال والش إن شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة تعرض طريقة أخرى للشركات "لإزالة أوجه القصور" من طرحها الأولي في سوق الأسهم. "القواسم المشتركة بين عمليات الأدراج المباشرة هي إنشاء منحنى طلب حقيقي وتحديد سعر مقاصة لأسهم الشركة."