الاتحاد الأوروبي يسعى للتحرر من قبضة الحي المالي في لندن

الاتحاد الأوروبي يسعى للتحرر من قبضة الحي المالي في لندن
الحي المالي في لندن.
الاتحاد الأوروبي يسعى للتحرر من قبضة الحي المالي في لندن
الشركات المالية في لندن منشغلة منذ فترة بإيجاد مواطن بديلة في أوروبا القارية. تصوير: لوكاس جاكسون "رويترز"

في غضون ساعات من نتيجة استفتاء "بريكست" في المملكة المتحدة في 2016، التقى جيسون وايت وزملاؤه في منصة التداول الإلكتروني، ماركيت أكسس MarketAxess في مكاتبهم في لندن لمناقشة افتتاح قسم جديد في القارة الأوروبية.
يقول إن القرار كان لا مفر منه، نظرا للحاجة إلى ضمان عدم معاناة عملاء دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من انقطاع الخدمة نتيجة قرار المملكة المتحدة مغادرة التكتل. في 2018، الشركة التي يستخدمها المتداولون لشراء وبيع سندات الشركات، افتتحت مكتبا صغيرا في منزل ريفي تقليدي يطل على قناة رائعة في أمستردام.
لكن مع اقتراب موعد خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة في نهاية كانون الأول (ديسمبر)، يقول وايت إن التأثير الذي تمارسه لندن لا يزال لا يمكن إنكاره - أمر سيبقي تحت السيطرة طموحات الاتحاد الأوروبي الخاصة لتعزيز قطاع خدماته المالية المحلية.
يقول رايت، رئيس الشؤون التنظيمية للشركة في أوروبا: "ستكون مهمة هائلة حين تحاول تكرار الحجم الكبير والتعقيد لما يحدث في لندن. إنها مسألة حجم أو قوة الجاذبية. هناك عمق خبرة وحجم لا يمكن نقلهما بسهولة - حتى لو أردنا ذلك".
هذا ليس ادعاء مقبولا داخل عواصم الاتحاد الأوروبي، التي تشارك في نقاش مكثف حول مدى إمكانية اعتمادها على الحي المالي في لندن كمركز مالي رئيس للقارة في العقود المقبلة.
ستطلق المفوضية الأوروبية جهدا جديدا في الأيام القليلة المقبلة لتعزيز أسواق رأس المال الخاصة بها، وهو مشروع أصبح يشغل حملة الاتحاد الأوروبي من أجل "استقلال استراتيجي" أكبر بالنظر إلى نقاط الضعف التي كشفها وباء كوفيد - 19 وتنافس القوتين العظميين، الولايات المتحدة والصين.
يقول مسؤولون إن تدهور العلاقات مع المملكة المتحدة في الأسابيع الأخيرة لم يكن من شأنه إلا أن يعزز الحجة بأن يعتمد الاتحاد الأوروبي على نفسه. قرار المملكة المتحدة انتهاك القانون الدولي في تعاملاتها مع بروكسل يزيد من تآكل رغبة الاتحاد الأوروبي في توفير إمكانية وصول المملكة المتحدة إلى السوق المالية - أو "التكافؤ" كما هو معروف - في مجموعة من القطاعات الرئيسة.
يقول مسؤول بارز في المفوضية الأوروبية: "لا يمكننا تحمل أن نكون التكتل الاقتصادي الكبير الوحيد في العالم الذي يتمتع بقطاع مالي غير متطور".
يضيف: "التطورات التي حدثت خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية لم تطمئن الناس بأنه يمكنك بناء علاقة في قطاع مالي مع المملكة المتحدة على أساس الثقة. لا أحد يتحدث عن عدم التعامل مع المملكة المتحدة بعد الآن. ستبقى لندن مركزا ماليا عالميا. السؤال هو بأي شروط".

المراكز المالية المجزأة

بذل الاتحاد الأوروبي محاولات متكررة على مدى عدة عقود لتعزيز مراكزه المالية - لكنه يعاني في سبيل إحراز تقدم كبير. تحويل خليط العواصم المالية الأصغر في الاتحاد الأوروبي إلى نظام على مستوى العالم هو أسهل قولا منه عملا. فهو لا يتطلب فقط استراتيجية أوضح للاتحاد الأوروبي، لكن أيضا تنسيقا أفضل عبر الحدود.
في الأيام القليلة المقبلة، ستكشف المفوضية الأوروبية عن أحدث محاولاتها لدمج أسواق الاتحاد الأوروبي المتباينة وفتح القنوات التي تنقل الأموال من المستثمرين إلى الشركات، مع خطة عمل تقترح إصلاحات تشمل تعزيز الإشراف على السوق على مستوى الاتحاد الأوروبي - وهو شيء أصبح أكثر إلحاحا بالنظر إلى الإخفاقات التنظيمية المحيطة بفضيحة شركة وايركارد في ألمانيا.
وفقا لفالديس دومبروفسكيس، نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية الذي يشرف على التنظيم المالي، هدف الاتحاد الأوروبي، في جوهره، هو أن يكون قادرا على فعل كل ما تستطيع لندن فعله.
يقول: "هذا هو هدفنا - أن تكون لدينا أسواق رأسمالية عميقة يمكنها المساعدة على تمويل الاقتصاد الأوروبي والشركات الأوروبية. مشروع اتحاد أسواق رأس المال يسبق بريكست، لكن بالطبع هناك تداعيات لحقيقة أن أكبر سوق رأسمالية في الاتحاد الأوروبي، المركز المالي، غادرت الاتحاد الأوروبي وعلى وشك مغادرة السوق الموحدة".
في الوقت الحالي، لا يزال الحي المالي في لندن هو المركز المالي المهيمن في القارة، إذ يمثل ما يقل قليلا عن ثلث نشاط جميع أسواق رأس المال، بحسب "نيو فاينانشيال" New Financial، وهي مؤسسة فكرية في المملكة المتحدة. فهو يتداول في العملات الأجنبية والمشتقات والأسهم، ويتعامل مع أصول تحت الإدارة، أكثر من أي مدينة أخرى في أوروبا.
في المقابل، النشاط في أوروبا مجزأ، وتفتقر المراكز المالية إلى أحجام التداول، وإلى العدد الكبير من الخدمات القانونية والاستشارية المرتبطة بها، التي تمنح الحي المالي في لندن ثقله العالمي. توجد في فرانكفورت وباريس صناعات مصرفية خاصة بهما، كما أن دبلن ولوكسمبورج هما مركزان لصناديق الاستثمار، وأمستردام موطن لبعض أكبر صناع السوق في العالم.
يجادل ميشيل بارنييه، مفاوض الاتحاد الأوروبي الرئيس حول "بريكست"، بأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه ترك الأمور على هذا النحو. وشدد على أن التكتل سيلحق الضرر بنفسه إذا سمح للحي المالي في لندن بالاحتفاظ بمزايا السوق الموحدة، على الرغم من أن وضع الحواجز سيعني تكاليف إضافية على الشركات الأوروبية.
قال بارنييه في حزيران (يونيو): "نحن بحاجة إلى النظر أبعد من تكاليف التكيف قصير الأجل، إلى مصالحنا الاقتصادية طويلة الأجل. يجب أن نسأل أنفسنا ما إذا كان من مصلحة الاتحاد الأوروبي فعلا أن تحتفظ المملكة المتحدة بمثل هذه المكانة البارزة".

العثور على التكافؤ

هذا النوع من التفكير يغذي نهج بروكسل تجاه محادثات "بريكست"، إلى جانب الحجج بأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه ترك استقرار نظامه المالي رهينة التطورات التنظيمية في المملكة المتحدة، العازمة على التحرر من قواعد الاتحاد الأوروبي.
يصر الاتحاد الأوروبي منذ بداية المفاوضات على أن إمكانية الوصول إلى السوق في المستقبل ينبغي أن يحددها اتخاذ كل جانب قرارات مستقلة لمنح الأذونات، بناء على جودة التنظيم والإشراف لدى الجانب الآخر.
بهذه الطريقة، بإمكان بروكسل، مثلا، تفويض شركات الاتحاد الأوروبي بتداول الأسهم في أماكن في دول أخرى، أو استخدام البنية التحتية للمقاصة الحاسمة لإدارة المخاطر. وهذا نهج يتبعه الاتحاد الأوروبي من قبل مع دول أخرى منها الولايات المتحدة وسنغافورة، ويعتمد على مجموعة مجزأة من البنود المبعثرة عبر مختلف القوانين الأوروبية.
وهو يعرف بحسب مصطلحات الاتحاد الأوروبي باسم "التكافؤ"، وتشتكي الصناعة المالية في المملكة المتحدة من أن النظام غير مستقر بطبيعته - يمكن أن يسحب الاتحاد الأوروبي إمكانية الوصول بعد إشعار مدته 30 يوما ومن دون الحصول على مساعدة رسمية.
يجادل مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن أي نهج دائما ما يجب أن يعتمد على التكافؤ نظرا لقرار المملكة المتحدة مغادرة السوق الموحدة وإعطاء الأولوية لاستقلالها التنظيمي على العلاقات الاقتصادية الوثيقة.
من الناحية العملية، تحرك الاتحاد الأوروبي بثبات منذ 2016 لجعل تحقيق التكافؤ أكثر صعوبة، ولا سيما من خلال تكثيف مطالبه بالإشراف على الأنشطة في المراكز المالية الأخرى. يقول مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن التغييرات كانت ضرورية للاستعداد لـ"بريكست". كما اتخذ التكتل أيضا وجهة نظر متشائمة بشكل متزايد بشأن حقوق الوصول التي ينبغي منحها إلى المملكة المتحدة.
في وقت سابق من هذا العام، كجزء من تقييم بروكسل لتكافؤ المملكة المتحدة، قام مسؤولون بريطانيون بملء 2500 صفحة من الاستبيانات بشأن الخطط التنظيمية المستقبلية في بريطانيا، فقط لتكشف المفوضية - في تموز (يوليو) في حاشية ورقة حول سياسة "بريكست" - أن أذونات الوصول القريبة من الجزء العلوي من قائمة الأمنيات للمملكة المتحدة هي في الواقع غير مطروحة للنقاش في الوقت الحالي.
أفادت "الحاشية 21" سيئة السمعة الآن، بأن بروكسل لن تمنح حقوق الوصول لعموم الاتحاد الأوروبي للشركات الاستثمارية القائمة في الحي المالي في لندن "على المدى القصير أو المتوسط".
يقول دومبروفسكيس إن التأخير كان لوجستيا - الاتحاد الأوروبي لديه تشريعات جديدة في ذلك المجال لا تزال مفروضة. لكن يعترف مسؤولو الاتحاد الأوروبي سرا بالتحفظات الحقيقية بشأن منح بريطانيا مثل هذه الجائزة، بالنظر إلى طموحات التكتل الخاصة بتعزيز قطاعه المالي.

الوصول إلى السوق

مقاومة الاتحاد الأوروبي لممارسة الأعمال كالمعتاد هي في أقوى حالاتها في مجال غرف المقاصة شديدة الحساسية: المؤسسات ذات الأهمية النظامية التي تمنع آثار العجز عن السداد من الانتقال إلى النظام المالي.
تهيمن لندن على مقاصة المشتقات، وتتعامل مع الجزء الأكبر من السوق التي يبلغ حجمها 735 تريليون يورو في أوروبا. تتولى مقاصة لندن، التابعة لمجموعة بورصة لندن، تخليص نحو 90 في المائة من جميع معاملات مقايضة أسعار الفائدة المقومة باليورو.
لا توفر منطقة اليورو عددا كبيرا من المناطق البديلة التي يمكنها التعامل مع حجم الأعمال، وقد حذر كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا من التهديد الذي يواجه الاستقرار المالي إذا تعذر الوصول إلى لندن فجأة. لكن هذا الاعتماد الاستراتيجي جعل بروكسل، المدعومة بقوة من فرنسا، أكثر تصميما من أي وقت مضى على بناء مقاصة خاصة بالاتحاد الأوروبي.
الحل المقترح الذي تبنته المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي، هو السماح للبنوك الأوروبية بمواصلة الوصول إلى غرف المقاصة في المملكة المتحدة حتى منتصف 2022، مع تكثيف الضغط لنقل الأنشطة إلى داخل الاتحاد الأوروبي.
كان الاتحاد الأوروبي منشغلا في الأعوام الأخيرة بتجهيز نفسه بالأدوات التنظيمية للوصول إلى هذه الغاية. في 2019 تبنى تشريعا يمكن بروكسل من اعتبار أن غرف المقاصة ذات تأثير مهم للغاية في النظام المالي بحيث لا ينبغي السماح لها بخدمة الزبائن الأوروبيين إلا إذا نقلت أنشطتها إلى الاتحاد الأوروبي - وهو إجراء يفهم على نطاق واسع على أنه يستهدف غرفة مقاصة لندن.
كانت هناك تلميحات لنهج أكثر تقييدا في مجالات أخرى أيضا. "هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية"، الوكالة التابعة للاتحاد الأوروبي التي يوجد مقرها في باريس، طالبت في آب (أغسطس) بأن يضع التكتل حدودا أكثر وضوحا لمدى إمكانية توطين الصناديق الاستثمارية داخل الاتحاد الأوروبي وإدارتها من الخارج.
هذا النمط ترك المملكة المتحدة قلقة من أن تنظر بروكسل إلى القرارات المتكافئة كأداة للسياسة الصناعية وليس أداة للاستقرار المالي. يقول مسؤول بريطاني: "يرى الاتحاد الأوروبي الأمر إلى حد ما كأنه لعبة محصلتها صفر حيث يمكنه زيادة النشاط في الاتحاد الأوروبي من خلال إجبارها (الصناديق) على الانتقال من المملكة المتحدة".
داخل الاتحاد الأوروبي، هناك نقاش حول إلى أي مدى ينبغي المضي قدما في هذا الطريق. أيدت فرنسا موقفا مقيدا بشأن وصول المملكة المتحدة حيث إنها تسعى إلى تعزيز دور باريس، بينما دعت لوكسمبورج إلى الحفاظ على "جسر" بين الحي المالي في لندن والمراكز المالية في الاتحاد الأوروبي.
هذه المناقشات الداخلية تشكل خلفية لقرارات الوصول الرئيسة التي يجب أن يتخذها الاتحاد الأوروبي في الأشهر المقبلة، بما في ذلك إصلاحات القوانين والتنظيمات بشأن تداول الأسهم والمشتقات وإدارة صناديق التحوط.
يؤكد مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن العلاقات مع لندن، بأي حال من الأحوال، ستبقى مهمة جدا في عالم مالي مترابط تقدم فيه الشركات الأوروبية الخدمات من جميع أنحاء العالم. الأمر الذي على المحك هو سهولة الوصول، والمجالات التي يريد الاتحاد الأوروبي بذل جهود متضافرة لزيادة قدرته على المنافسة فيها.
يصر ستيفان بوجنة، الرئيس التنفيذي ليورونيكست، التي تدير البورصات الرئيسة في باريس وأمستردام ودبلن وبروكسل ولشبونة وأوسلو، على أن الاتحاد الأوروبي يريد الاحتفاظ بصلاته مع المراكز المالية الأخرى - طالما أنها تلعب على أساس القواعد. "الكل يريد أن تكون لديه سوق رأسمالية مفتوحة. لا أحد يقترح على الاتحاد الأوروبي أن يبني قلعة أوروبية".
البنوك تريد أيضا أن تبقي التجزئة عند الحد الأدنى. بالنسبة إلى بابلو برتغال، العضو المنتدب لدى المنظمة الناشطة، المسماة "جمعية الأسواق المالية في أوروبا"، "التزامات التداول المتداخلة والمتضاربة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيكون لها تأثير سلبي في المستثمرين الأوروبيين، مع وجود خطر اللبس بشأن الامتثال، وتكاليف التنفيذ الأعلى، وعدم القدرة على الوصول إلى الأسعار والأحجام المثلى".

اتحاد أسواق رأس المال

بالتوازي مع مداولاته حول كيفية التعامل مع المملكة المتحدة، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى رعاية قدرات أسواق رأس المال المحلية لديه. فكرة تعزيز المراكز المالية في الاتحاد الأوروبي من خلال تحفيز النشاط عبر الحدود ودمج الأسواق المتباينة هي هدف الإدارات المتعاقبة في بروكسل منذ 20 عاما. بتعبير مهذب، نقول إن التقدم كان متباينا.
نجح التكتل في تحرير التداولات المالية في بداية القرن، باستخدام القوانين التنظيمية لكسر احتكارات البورصات الوطنية. لكنه أخفق في تحقيق الهدف المتمثل في بناء تجمعات رأس المال العميقة ذات النطاق الدولي كالتي تشاهد في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
نما إصدار سندات الشركات وقيمة صناديق الاستثمار في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 أسرع من المملكة المتحدة بين 2015 و2019، وفقا لـ"نيو فاينانشيال". لكن لندن تهيمن على معظم الأسواق الأخرى. لديها 43 في المائة من السوق العالمية لتداول العملات الأجنبية، البالغة 6.6 تريليون دولار يوميا، ونصف سوق المقايضات البالغة 6.5 تريليون دولار يوميا، في حين يتم تداول الباقي عادة في نيويورك وآسيا.
في الأعوام الأخيرة كانت بروكسل تسعى لإحراز تقدم تحت شعار بناء "اتحاد أسواق رأس المال"، لكن المتخصصين في الخدمات المالية يشكون من أن المبادرات تجنبت حتى الآن التغييرات الصعبة سياسيا، لكن الضرورية من الناحية اللوجستية، مثل تنسيق قانون الإعسار والأوراق المالية.
توماس فيزر، مسؤول اقتصادي كبير سابق في الاتحاد الأوروبي قاد مراجعة لمشروع اتحاد أسواق رأس المال في وقت سابق من هذا العام، يجادل بأن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى أن يكون أكثر طموحا.
يقول: "حتى الآن لم تكن هناك سوى ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي تتمتع بأسواق رأسمالية عميقة ومستقرة - المملكة المتحدة والسويد وهولندا. وأكبرها غادر الاتحاد الأوروبي. الطريقة لتحقيق اتحاد أسواق رأس المال هي جعل أوروبا مكانا أكثر جاذبية باستمرار لتوظيف رأس المال - لا يمكن تحقيق ذلك من خلال أي سياسات تمييزية يتم تقديمها ضد المملكة المتحدة".
محور المقترحات المقرر تقديمها من المفوضية في الأيام المقبلة سيكون محاولة جديدة لتوحيد كيفية تطبيق المشرفين لكتاب قواعد الاتحاد الأوروبي للتداول المالي، وفتح نقاش حول ما إذا كان سيتم تحويل مزيد من المسؤولية عن ذلك إلى المستوى الأوروبي. يجادل المسؤولون بأن هذا الأمر يكتسب أهمية فائقة الآن بالنظر إلى الطبيعة متعددة الأقطاب للنظام المالي للاتحاد الأوروبي بعد "بريكست"، مع وجود مراكز متعددة متوسطة الحجم.
يقول نيكولا فيرون، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى المضي قدما وإعطاء الأولوية لخططه لما يسمى الاتحاد المصرفي، الذي يهدف إلى تعزيز وتكامل القطاع المصرفي في القارة.
وهو يجادل بأن قرار الاتحاد الأوروبي الأخير الشروع في إصدار سندات مركزية ضخمة من قبل المفوضية ضمن خطط التعافي بعد كوفيد - 19 هو بمنزلة قفزة نحو "تقاسم المخاطر المالية" عبر الحدود، ما يساعد بشكل أكبر في قضية التكامل المالي.
يقول فيرون: "المحصلة النهائية هي أنه يظل لدينا نظام مالي مجزأ. اتحاد أسواق رأس المال يعني وجود مساحة مالية سلسة متماسكة، لا يمكنك الحصول عليها من دون اتحاد مصرفي".
وهذا يفترض مسبقا أن الاتحاد الأوروبي سيلتحم حول أجندة جريئة، وينحي جانبا الضرورات المحلية. بعض الشركات التي وصلت أخيرا إلى مراكز مالية مثل أمستردام، متشككة.
يقول إنريكو بروني، رئيس قسم الأعمال في أوروبا وآسيا في تريدويب Tradeweb، التي أسست قسما في المدينة الهولندية بعد التصويت على "بريكست": "سيكون من الصعب جدا إنشاء سوق مالية تعمل بشكل سليم إذا كانت خمس أو ست مناطق قضائية مختلفة تقاتل من أجل كل جزء من الأجزاء والقطع".
"هذا يحتاج إلى جهد واضح للغاية ومنسق يبدأ من أعلى مستوى سياسي في أوروبا".

الأكثر قراءة