الكائن الحي المجهول

تعود الناس عندما يتحدثون عن الكائنات الحية أنهم يقصدون بذلك الإنسان أو الحيوان، ولكنهم يغفلون عن مملكة كبيرة تشاركهما الحياة والموت ألا وهي المملكة النباتية، التي يقدر عدد أنواعها فقط وليس عددها الإجمالي بنحو 8.7 مليون نوع، ولها دور رئيس في الحفاظ على النظام البيئي المتكامل، فهي أهم مصدر متجدد للأكسجين في الأرض، كما أنها بكثافتها وغطائها الأخضر تحمي الأرض من التصحر وانجراف التربة، كما أن وجودها البيئي مهم للمحافظة على عديد من الحيوانات من خطر الانقراض، فضلا عن أهميتها العلاجية واستخراج المركبات الدوائية والعطرية منها، وبجانب دورها الرئيس في إمداد الإنسان بالغذاء، فهي مصدر رئيس من مصادر الطاقة وتعد أحد أهم مصادر البناء إلى غير ذلك من الفوائد التي يصعب حصرها، وعندما نقول إن النبات كائن حي فإن هذا القول قد أثبته العلماء من خلال التجارب التي قاموا بها، حتى بلغ الحال بأحدهم وهو دانيال شاموفيتز أن ألف كتابا اسماه "ما تعلمه النباتات"، أشار فيه إلى أن لدى النبات وسائل إدراك شبيهة إلى حد كبير بحواس الإنسان، كما تشير الدراسات إلى أن هناك حوارا قائما بين النباتات من الجنس نفسه وبين الأجناس الأخرى، بل بينها وبين بعض البشر! إن النباتات كما يرى العلماء تتحدث مثل البشر إلا أن لغة البشر متطورة على حين أن لغة النبات ثابتة، وعلى الرغم من أن النبات يعد رمزا للسلام إلا أن الواقع يشير إلى أن بعضها مفترسة تتغذى على الحشرات والطحالب، وقد اكتشف العلماء في جامعة South China أن جذور النبات عندما تصاب بأمراض فطرية فإنها ترسل إشارات تحذير إلى جذور النباتات المجاورة، تحضها فيها على تهيئة الدفاعات الكيميائية المضادة. إن الانتشار المذهل أخيرا لبعض النباتات الضارة في المملكة يستدعي تعاونا بين علماء النبات والعقاقير لفهم طبيعته. النبات كائن حي لا يمكن خلقه ففي الحديث، قال صلى الله عليه وسلم، "قال الله تعالى، ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة". وكم كان سرورنا بالغا أن تضمنت "رؤية 2030" الاهتمام بالبيئة وزيادة الرقعة الخضراء وهذا سيكون له انعكاس واضح لا على البيئة والهواء فحسب بل على النفس البشرية التي خلقت محبة للجمال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي