بالانتير .. شركة مثيرة للجدل في وول ستريت

بالانتير .. شركة مثيرة للجدل في وول ستريت

بالانتير .. شركة مثيرة للجدل في وول ستريت
بيتر ثيل
بالانتير .. شركة مثيرة للجدل في وول ستريت
أليكس كارب

لم تشهد وول ستريت قط شركة مثل بالانتير Palantir من قبل. جزء منها شركة برمجيات وجزء آخر شركة استشارات، مع اعتماد مثير للجدل على الحكومة الأمريكية والعمل العسكري، ولديها 125 عميلا فقط ولا تزال تتكبد خسائر فادحة بعد 17 عاما في العمل.
في الأسبوع الماضي كشفت النقاب عن خططها للإدراج المباشر لأسهمها في بورصة نيويورك، آتية إلى السوق في عام يشهد طفرة في أسهم التكنولوجيا. لكن من غير المرجح أن تتعامل السوق معها على أنها أحد أسهم شركات البرمجيات من النوع الذي يوجد عليه طلب كبير الآن.
بادئ ذي بدء، كانت طبيعة عمل شركة بالانتير تضمن دائما أن تكون موضوعة تحت دائرة الضوء. أدوات المراقبة التي تصنعها، التي تم تطويرها في أعقاب هجمات 9/11، كانت لأتمتة العمل الذي كان يقوم به ضباط المخابرات يدويا في السابق.
القوة المطلقة للتكنولوجيا، التي تأسست على دمج عديد من مجموعات البيانات المختلفة، جعلت من الممكن فرز مجموعات سكانية بأكملها في البحث عن الإرهابيين أو غيرهم من الأشرار.
امتد عملها إلى ما وراء الأمن القومي والاستخبارات إلى العالم التجاري – كان جيه بي مورجان يستخدم برنامجها قبل ثمانية أعوام لمحاولة اكتشاف المتداولين المارقين. لكن على رأس قائمة أولوياتها، وفقا لإفصاح تنظيمي نشر الأسبوع الماضي، هو جعل نفسها "نظام التشغيل الافتراضي عبر الحكومة الأمريكية".
بعد أن تحدث بيتر ثيل، مؤسسها المشارك وصاحب رأس المال المغامر، لدعم دونالد ترمب في المؤتمر الجمهوري في 2016، أصبحت بالانتير أيضا محط انتقادات شديدة لأمريكا المستقطبة.
قال كريس هوفناجل، وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، يعمل في مجلس الخصوصية والحريات المدنية في الشركة: "تغير كل شيء" في تلك اللحظة.
منذ ذلك الحين، كما قال، أصبحت عاصفة الشكوى على بعض أعمالها - ولا سيما مساعدة سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية على تحديد المهاجرين غير الشرعيين من أجل ترحيلهم - "نوعا من الهجوم الجانبي على الرئيس ترمب".
لطالما سعى مؤيدو شركة بالانتير إلى إيجاد طرق لتمييزها عن شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى الأخرى التي تتردد في تولي الأعمال الدفاعية، فضلا عن مقاولي الدفاع الأمريكيين التقليديين، الذين ليست لديهم جذور في صناعة البرمجيات في وادي السيليكون. كتب أليكس كارب، الرئيس التنفيذي للشركة، في رسالة إلى المستثمرين: "اخترنا مع من نقف، ونعلم أن شركاءنا يقدرون التزامنا".
لكن كارب اعترف أيضا بأن التحديات الأخلاقية التي تواجهها الشركة "مستمرة ولا هوادة فيها". في إفصاحها للجهة الرسمية، سعت بالانتير إلى تأكيد عملها مع "الديمقراطيات الليبرالية"، وفي الوقت نفسه إبقاء المجال لمساعدة حلفاء الولايات المتحدة الآخرين الذين لا يرتقون إلى هذا الوصف.
أصيب بعض المطلعين بالإحباط بسبب استمرار الارتباط العام للشركة بثيل، وأكدوا أنه لم يشارك في أعمالها منذ أعوام.
لكن ثيل، صاحب المشاريع المتسلسل، يظل رئيس مجلس الإدارة ولديه 29.8 في المائة من فئة خاصة من الأسهم تتمتع بحق التصويت الأعلى - وهي شريحة أكبر من أي شخص آخر من الداخل. من خلال فئة خاصة أخرى من الأسهم، فهو واحد من ثلاثة مؤسسين مشاركين يضمن لهم فيما بينهم من الناحية العملية سيطرة طويلة الأجل على الشركة، حتى لو تضاءلت حصصهم الشخصية إلى لا شيء تقريبا.
عانت شركة بالانتير أيضا التصور واسع الانتشار بأن عملها منحها قدرا كبيرا فوق الحد من التحكم في البيانات الشخصية شديدة الحساسية، مثلا عندما تم تكليفها في وقت سابق من هذا العام بمهمة تجميع البيانات الصحية المختلفة في المملكة المتحدة في الحرب ضد كوفيد - 19.
الشركة نفسها أصرت على أنها تستضيف البيانات نيابة عن عملائها فقط، مثل أي شركة برمجيات مؤسسية أخرى.
وفقا لهوفناجل، مسارات التدقيق وعناصر التحكم الأخرى في الخصوصية المضمنة في تكنولوجيا بالانتير تجعل من الممكن معرفة من لديه حق الوصول إلى المعلومات في أنظمتها وما تم استخدامها من أجله، ما يضعها في صدارة واسعة أمام أدوات شركات التكنولوجيا الأخرى.
من الممكن، مثلا، معرفة الوزن النسبي الذي حصلت عليه كل قطعة من البيانات التي تم جمعها في تحقيق معين ودورها في القرار النهائي، وهو أمر غير ممكن في التحقيقات اليدوية.
لكن حتى لو لم تكن بالانتير تتحكم في البيانات نفسها، فإن تكنولوجيتها تضع قوة هائلة في أيدي العملاء، وكثير منهم لا يكشف عن كيفية استخدامهم لها. قال هوفناجل: "نحتاج إلى الوصول إلى مكان تلزم فيه سلطات مراقبة البيانات أن تكون لديها إجراءات وضمانات، وإنفاذ فعلي ضد إساءة الاستخدام".
بصرف النظر عن الخلافات التي تدور حولها، يتعين على بالانتير الآن إقناع وول ستريت بمزايا أنموذج أعمالها.
في فترة قريبة هي 2018، سجلت الشركة خسارة بعد خصم الضرائب تساوي كامل إيراداتها لهذا العام. كثير من ذلك هو دلالة على التكلفة العالية للمهندسين اللازمين لتخصيص برمجياتهم للعمل على كل مهمة.
كما أن تشغيل مشاريعها مكلف أيضا: بالنسبة لعملها مع وكالة المخابرات المركزية، كان لدى الشركة منذ فترة طويلة عشرة مهندسين يعملون بدوام كامل في الوكالة، وفقا لما ذكره شخص مطلع.
على الرغم من أنها تمارس نشاطها باعتبارها شركة منذ 17 عاما - وهي فترة أطول بكثير من معظم شركات التكنولوجيا الخاصة الكبرى الأخرى - حاولت أخيرا فقط إعادة تشكيل عملياتها إلى شيء يشبه أنموذج أعمال البرمجيات التقليدي، ما يقلل الوقت الذي يستغرقه تثبيت تكنولوجيتها واستبدال الأتمتة بمزيد من المهندسين.
كما أن الطبيعة المتقطعة لمكاسبها التعاقدية الكبيرة تجعل من الصعب على المستثمرين الحكم على الشركة.
قفزت الإيرادات 49 في المائة في النصف الأول من 2020، أي ضعف وتيرة العام السابق. نتج كثير من ذلك عن الانتصار في ما زعمت بالانتير أنها قضية تاريخية في المحكمة، تحدت فيها تفضيل الجيش الأمريكي بناء منصات برمجية خاصة به بدلا من شراء شيء متوافر بالفعل تجاريا. ومنذ ذلك الحين قفزت المبيعات إلى الجيش الأمريكي، مشكلة 16 في المائة من المبيعات في النصف الأول من هذا العام، مقارنة بنسبة 1 في المائة فقط في 2018.
تدعي بالانتير أيضا أن ربحيتها الأساسية ارتفعت بسرعة خلال الـ18 الماضية الماضية، مشيرة إلى مقياس داخلي يعرف باسم "هامش المساهمة". قفز هذا المقياس - الأرباح الإجمالية ناقصا تكاليف المبيعات والتسويق، لكن مع إعادة احتساب نفقات التعويضات القائمة على الأسهم - من 21 في المائة في 2019 إلى 48 في المائة في النصف الأول من هذا العام.
الانخفاض المتسارع في تكاليف المبيعات والتسويق كحصة من الإيرادات يمثل معظم التحسينات، ما يثير تساؤلا حول مدى الاستدامة التي سيتبين عليها معدل النمو المرتفع. إذا تم احتساب تكاليف تعويض الأسهم، فإن هامش الربح الذي اختارته بالانتير سينخفض إلى 10 في المائة فقط.
نتيجة أخرى لتكاليف التسويق المرتفعة لشركة بالانتير وقلة عدد العملاء ذوي القيمة العالية، هي ما يعترف الأشخاص المطلعون على أعمالها بأنه حافز قوي للاحتفاظ بالعملاء على المدى الطويل من أجل جعل العلاقات مربحة.
أدى ذلك إلى تغذية الانتقادات بأن الشركة تستخدم عقودا أولية مع عملاء جدد لتأسيس موطئ قدم، قبل استخدام هذه العقود لتحويل نفسها إلى مورد أساسي في قلب أنظمة الاستخبارات الحيوية.
مثلا، تم تنفيذ أعمال كوفيد - 19 في المملكة المتحدة مجانا، ما أدى إلى شكوك في أنها كانت جزءا من جهد لبناء الأساس التكنولوجي لجهود طويلة الأجل في سوق الرعاية الصحية (مهمة مشابهة لمهمة كوفيد - 19 في الولايات المتحدة اتخذتها الشركة استنادا إلى شروط تجارية، بسبب قواعد التعاقد التي تمنع الوكالات من قبول العمل المجاني).
تجادل بالانتير منذ وقت طويل بأنها تمنح العملاء الأدوات اللازمة لتصدير بياناتهم بسهولة إذا لم يعودوا يرغبون في استخدام تكنولوجيتها. لكن طبيعة عقودها قد تجعل هذا الأمر نادر الحدوث. قال ألفريد تشوانج، تنفيذي ومستثمر مخضرم في مجال البرمجيات: "بمجرد أن يعمل نظام المراقبة، فمن المستبعد تماما أن يحل شيء آخر محله، لأن البيانات التاريخية مهمة للغاية".
إذا ثبت أن ذلك صحيح، وإذا تمكنت بالانتير من توسيع نطاق وصولها إلى أحشاء بعض أنظمة أكثر البيانات حساسية لدى الحكومات والشركات، فقد تكون لديها في النهاية فرصة لتحقيق الربح.

الأكثر قراءة