Author

الزمن القادم

|
من يتتبع مجريات أحداث التاريخ فسيدرك جيدا أن كل مستحيل الآن لا تستوعبه عقولنا وترفض تصديقه، سيكون حقيقة في يوم ما. إنكار الأمور غير الاعتيادية هو طبيعة بشرية، ففي 1901 تمكن عالم الفيزياء الإيطالي ماركوني من صنع أول جهاز استقبال راديو لاسلكي. كثيرون وقتها من العامة في مختلف بقاع الأرض ذعروا وشككوا في الأمر، وبعضهم اعتقد أن ذلك من علامات انتهاء العالم، وبعد انتشار جهاز الراديو وشراء الناس له أصبح ما يخافون منه ويكذبونه أمرا اعتياديا، وتكرر الأمر مع التلفزيون وكانت محاربته أشد من الراديو ثم تقبلوه وتعايشوا معه بشكل اعتيادي، وكذلك اختراع الهاتف كان صدمة لم تستوعبها العقول، فكيف يمكن لشخص مثلا في أمريكا أن يكلم آخر في القارة الهندية، ولكن بمجرد انتشاره وتقبله كحقيقة اعتادت العقول عليه، وتكرر الأمر في كل اختراع جديد، حيث يتم استقباله بكثير من الشكوك وعدم التصديق، ثم بعد ذلك يتم تقبله كحقيقة ويتكيف معه.
حين تعود إلى منزلك متعبا بعد يوم طويل ثم تخلد إلى سريرك ليلا وتحتضن وسادتك وتنام بهدوء، فلا تعتقد أن الجميع يفعل مثلك. هناك عقول عبقرية لا تهدأ، واختراعات لا تنقطع، وثورات علمية على وشك الانفجار في المستقبل، وسواء صدقت أو لم تصدق فإن هذا العالم في طريقه إلى انفجار علمي تقني لا يعلم مداه إلا الله تعالى!
فنظرية السفر عبر الزمن نظرية غير قابلة للتطبيق في وقتنا الحالي، وعقولنا البشرية لا يمكن أن تؤمن بها لاستحالة توافر عوامل نجاحها، لكن بعد ألف عام - على افتراض أن العالم يسير بهذه الوتيرة المتسارعة نفسها من الثورة التكنولوجية والعلمية - هل سيصبح تطبيقها مستحيلا؟ لا أعتقد. والذكاء الاصطناعي الذي أوجد لخدمة الإنسان من خلال برمجته للقيام بعديد من الأعمال الدقيقة والمهمة، البعض كان متخوفا أن يكون سببا في بطالة كثير من الأيدي العاملة، والكارثة ليست هنا، بل الكارثة تكمن حين يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، فيفقد الإنسان التحكم فيه والسيطرة عليه، ويقع ما حذرنا منه العالم ستيفن هوكينج، في هذه الحالة سترغم على الجلوس ببيتك للنجاة بحياتك ومن تحب من توحش الروبوتات وسيطرتها على العالم، وستذكر لأحفادك بكثير من الامتنان والحنين أيام الحظر في زمن كورونا!
وخزة
لو أخبروك أن هناك اختراعا قادما سيمكنك من السفر لأمريكا خلال خمس دقائق فلا تكذب الأمر.. فكل ما كذبناه أصبح حقيقة!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها