FINANCIAL TIMES

الصراصير والسحالي تجارة لها سوقها ومحبوها في الصين

الصراصير والسحالي تجارة لها سوقها ومحبوها في الصين

مطعم يقدم أنواعا من المأكولات الصينية الغريبة.

تربية مخلوقات الحياة البرية ليست عامل الخطر الوحيد الذي يمكن أن يتسبب في انتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان. الممارسات في مرحلة البيع هي أيضا مصدر قلق. بعض المدن الصينية تستضيف أسواقا حضرية تبيع عديدا من الحيوانات البرية الحية، وهو أمر ليس بعيدا عن المعتاد.
بيع حيوانات المزرعة المستأنسة الحية في الأسواق يعد مشكلة أيضا. ففي حين أن كلا من سارس وكوفيد - 19 نشأ على الأرجح في الحياة البرية، إلا أن الزراعة التقليدية ونقل وبيع الحيوانات المستأنسة يشكلان أيضا مخاطر كبيرة تؤدي إلى انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ. واجهت الصين وباء حمى الخنازير الإفريقية في مزارع الخنازير، ومنذ 1997 تعاني أسواق الدواجن الحية في جوانجدونج تفش موسمي متكرر لفيروس إنفلونزا الطيور.
في حزيران (يونيو) أعيدت أسواق الصين إلى دائرة الضوء مرة أخرى عندما ارتبطت مجموعة جديدة من الحالات في بكين بأكبر سوق جملة في المدينة. بعد حملة اختبار على مستوى المدينة، وجدت البلدية أكثر من 300 حالة مرتبطة بمتجر تشينفادي، وهو مستودع كبير في جنوب غرب بكين يبيع فيه المزارعون اللحوم والأسماك والخضراوات وغيرها من السلع. ولا يزال المصدر الدقيق للفيروس غير واضح، لكن المسؤولين الصينيين أشاروا إلى أنه ربما تم استيراده من أوروبا على المنتجات المجمدة، وهو تفسير وصفه بعض علماء الأوبئة بأنه غير مرجح. ردا على تفشي المرض، أغلقت بكين السوق وتمت إعادة توجيه بائعيها إلى منشأة في مقاطعة هيبي المجاورة.
كذلك تعرضت أسواق جوانجتشو لتدقيق أكبر استجابة للوباء. في سوق جيانجكون للدواجن الحية، يشكو أصحاب الأكشاك من أن الإجراءات الجديدة لمنع العدوى أعاقت التجارة. يقول تشو جوتشيونج، المربي الذي يعمل في هذا المجال منذ أكثر من 25 عاما: "الأعمال أسوأ بكثير - نحو نصف ما كانت عليه في العام الماضي. في كانون الثاني (يناير) في سوق مجاورة، ألقي القبض على بعض الأشخاص لبيعهم حيوانات برية بعد تقرير صحافي سري ولم يسمح لنا بالفتح هنا حتى آذار(مارس)". بعد إعادة الفتح، لم يعد يسمح للزبائن بأخذ الدجاج الحي وكان عليهم ذبحه في الموقع، الأمر الذي يناقض نقطة البيع الرئيسة في السوق، كما يقول تشو. "من في جوانجتشو يأكل الدجاج المجمد".
من جانبها، الطبقة المتوسطة الآخذة في التوسع أسست سوقا للحيوانات الأليفة المنزلية. لكن التوتر السائد أدى إلى تفكيك جزئي هذا العام لسوق هواديوان، السوق الرئيسة للحيوانات الأليفة في جوانجتشو، التي لديها مناطق مخصصة لبيع الأسماك والطيور والقطط والكلاب، حيث طلب من عديد من أصحاب المتاجر الانتقال إلى مكان آخر. يمكن اكتشاف المتاجر التي كانت تستخدم لبيع مزيد من الأنواع الغريبة بسهولة من خلال الأحرف المفقودة التي تم قطعها من لافتاتها.
منذ فترة انتقل ليو ييدينج، صاحب تانجتشاو، وهو متجر معروف للحيوانات الزاحفة الأليفة كان مقره في هواديوان، إلى موقع جديد. في صباح هادئ، يتم تنظيف المتجر حيث يقوم العمال بإطعام الصراصير إلى السحالي والضفادع. يقول ليو: "ذهبنا إلى مكتب الغابات لطلب المشورة ونريد التقدم بطلب للحصول على ترخيص عمل رسمي، لكن لا يوجد تصريح مناسب لنا للتقدم للحصول عليه، لذا فنحن في منطقة رمادية".
وجد المنظمون أنفسهم عالقين في تحديثات مستمرة للسياسة تقريبا مثل البائعين والمربين. سرعة التغيير جعلت من الصعب على إدارة الغابات إعطاء إجابات مباشرة في بعض الأحيان. يقول أحد مسؤولي الغابات في جوانجدونج إن المكتب يتلقى عددا كبيرا من الطلبات حول ما يمكن تربيته أو بيعه. "ليس الأمر وكأنك تستطيع البحث في بايدو والعثور على أحدث المعلومات. هناك بعض الأنواع التي كان يمكن تربيتها من قبل، لكن ليس من الواضح الآن ما إذا كان سيتم السماح بها أم لا". ويعترف بأن العمل لإبلاغ الجمهور لم يكن رائعا، ولا سيما شرح الجوانب العلمية وراء القرارات. "بشكل عام، لم يتم احترام مصالح المزارعين والشركات الصغيرة بشكل جيد للغاية".
قلة من الأشخاص في الصين كانوا أكثر نشاطا في دفع الإدارة الوطنية للغابات والمراعي للقضاء على التجارة غير المشروعة في الحياة البرية من تشو جينفنج، رئيس مؤسسة الحفاظ على التنوع البيولوجي والتنمية الخضراء في الصين. يقول: "كوفيد كارثة لكنه درس جيد. إنه دعوة للاستيقاظ". تم إنشاء المؤسسة في 1985 بهدف إعادة إدخال غزال بير ديفيد المهدد بالانقراض. في الأصل من شمال الصين تم اصطياد هذا النوع حتى الانقراض في الصين، لكن تمت تربيته بنجاح في الأسر في المملكة المتحدة. وقد توسع دور المؤسسة منذ ذلك الحين ليشمل مجموعة كبيرة من أنشطة الضغط وزيادة الوعي بالأنواع المهددة بالانقراض في الصين.
بالنسبة إلى تشو، أدى الوباء إلى تسريع التحول الذي كان يحدث من قبل، على الرغم من أنه بطيء للغاية. يقول: "الناس العاديون الآن إلى جانبي. أختلف عندما يقول الناس إنه ’تقليد‘. يقول لي كثير من الناس إنهم كانوا يأكلون مخلوقات الحياة البرية، ويحبون أكلها. لكن الآن لن يأكلوها". على أساس يومي تقريبا، تنشر المؤسسة مواد عن انتهاكات حظر تجارة الحيوانات البرية، حيث تقوم شبكة من المتطوعين في جميع أنحاء البلاد بإبلاغها بأسواق الطيور الغريبة غير المشروعة أو الصيادين غير المشروعين.
إعادة تصنيف البانجولين أحد الأنواع المحمية من الدرجة الأولى الشهر الماضي، وإزالته من دستور الأدوية الصيني لمكونات الطب، انتصار رئيس لتشو. حماية هذا المخلوق المهدد بالانقراض تعد أولوية بالنسبة للمؤسسة، ويحتفظ تشو بلعبة بانجولين محشوة على مكتبه. ويقول كان هناك ما بين عشرة آلاف و20 ألف بانجولين بري في مقاطعة هونان وحدها، لكن في الأعوام الأخيرة وجدت مجموعات الحفاظ على البيئة 20 فقط في الصين.
بدأت المجموعة أيضا في استخدام المحاكم لحماية الحياة البرية ويأمل تشو أن يجعل كوفيد - 19 ذلك أسهل. من بين أكبر التحولات منذ بدء تفشي المرض، تعزيز القوانين التي تحكم تجارة الحيوانات البرية، إضافة إلى عقوبات أشد لمن يخرقها. يقول تشو إن المشكلات الرئيسة التي تعوق التقدم نحو قرارات حظر أكثر صرامة هي "الأعمال والمال". يضيف: "هذه هي القوى التي تبذل كل ما في وسعها لمهاجمتنا، وللمقاومة". ويشير إلى أن النصوص القديمة التي يعتمد عليها كثير من الطب الصيني التقليدي مبنية على الحديث عن حراشف البانجولين على أنها "سامة" و "دواء رديء" يجب استخدامها بشكل مقتصد، هذا إذا استخدمت أصلا. "بعد الإصلاح والانفتاح في الثمانينيات بدأ الناس في تسويق فكرة أن يكون البانجولين مفيدا من الناحية الطبية، بهدف كسب المال".
تعتقد جريس جي جابرييل، المديرة الإقليمية لآسيا في الصندوق الدولي لرعاية الحيوان، أن بكين يمكن أن تحدث التحول من تجارة الحياة البرية إذا قررت ذلك، من خلال تضمين تعويضات للمزارعين وحوافز للانتقال بين الصناعات. تقول: "سبب الكارثة بأكملها هو الثغرات القانونية. أساس قانون حماية الحياة البرية في الصين كان خاطئا. إنه قانون حماية الحياة البرية بالاسم فقط. القانون يتعلق أكثر بحماية استخدام الحيوانات البرية، بدلا من حمايتها لقيمتها البيئية في البرية".
تشير جابرييل إلى استخدام صفراء الدببة في تان ري تشينج، وهي حقنة دواء صيني للالتهابات التنفسية التي اشتهرت خلال تفشي سارس في 2003، وتم تضمينها في قائمة المنتجات التي أوصت بها لجنة الصحة الصينية علاجا لفيروس كورونا. في التسعينيات بدأ خبراء الطب الصيني التقليدي يرفضون استخدام صفراء الدببة تماما، لأن أعداد الدببة البرية كانت منخفضة للغاية واعتبروا الدببة التي تتم تربيتها في الأسر غير صحية. تقول جابرييل: "بدلا من أن تتخذ الحكومة الحل لإيجاد بدائل والتخلص التدريجي من تربية الدببة، استمرت في السماح بتربيتها. ما حدث هو أنها دمجت بعض مزارع الدببة الصغيرة غير الصحية مع شركات الأدوية لإيجاد شيء بمظهر أكثر نظافة".
يقول متحدث باسم شركة شنغهاي كايباو للأدوية، الشركة الرائدة في تصنيع تان ري تشينج، إن تكنولوجيتها لتجميع صفراء الدببة لم تنضج بعد بما يكفي لتوفير العلاج على نطاق واسع. تدافع الشركة عن استخدام الدببة المستزرعة، قائلة إنها لا تحسب على أنها "حيوانات برية" لأنها يتم توريدها من خلال وحدات تربية تعترف بها الحكومة الصينية.
يقول أندرو دي سالفو، وهو طبيب بيطري للحياة البرية مقره الولايات المتحدة ومؤلف دراسة حديثة عن مخاطر الدببة باعتبارها مصدرا لمسببات الأمراض الحيوانية: "يمكن أن يكون انتقال البكتيريا عن طريق استهلاك صفراء الدببة على رأس قائمة مخاوفي حول العدوى"، على الرغم من أنه يضيف أن الخطر العام قد يكون منخفضا. يضيف: "في حين أن هناك عددا لا يحصى من الأمراض الحيوانية المنشأ التي تنطوي على أنواع أخرى قد تشكل خطرا أكبر على البشر، إلا أن ذلك لا يقلل بأي حال من الأحوال من أهمية توخي الحذر من جميع المخاطر الحيوانية المحتملة".
يرجو خبراء الحفاظ على البيئة أن يقنع الوباء الحكومة الصينية بأن الترويج للأدوية التي تشتمل على مكونات الحيوانات البرية من المرجح أن يسبب تفشي المرض التالي بدلا من المساعدة على علاجه.
تشير جابرييل إلى أن "الحظر الحالي يركز فقط على الاستهلاك، لكن الفيروس لا يميز بين التجارة المشروعة أو غير المشروعة، من أجل الغذاء أو الدواء أو للحيوانات الأليفة الغريبة".
وهي تعتقد أن التحول نحو الحماية يمكن أن يحدث، كما حدث في الماضي. بعد أن حظرت الصين مزادات العاج وقرون وحيد القرن وعظام النمر، أدى ذلك إلى انخفاض ملحوظ في الصيد غير المشروع، الذي استمر في الانخفاض. وتقول: "تم تعزيز الإنفاذ، وزيدت العقوبات، فانخفضت التجارة. الثغرات الحالية تضع عبء الإثبات بشكل أساسي على أجهزة تطبيق القانون، وليس على المجرمين. هذا يحتاج إلى تغيير".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES