بيروت تنفض غبارها .. انفجار المرفأ دمر نصف المدينة

بيروت تنفض غبارها .. انفجار المرفأ دمر نصف المدينة
طائرة هليكوبتر تحاول إخماد الحرائق في ميناء بيروت. «الفرنسية »
بيروت تنفض غبارها .. انفجار المرفأ دمر نصف المدينة
قوارب محترقة في ميناء بيروت.
بيروت تنفض غبارها .. انفجار المرفأ دمر نصف المدينة
طال الدمار الأحياء القريبة من المرفأ. «أ.ب »

لا تكاد بيروت تستفيق من هول فاجعة حتى تفاجئها أخرى، ولعل ما حدث من تفجير في مرفئها، أمس الأول، الأفظع في البلاد منذ عشرات الأعوام، حيث أعاد إلى أذهان الكثيرين ذكريات الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990 وتسببت في انقسام البلد، ودمرت مناطق واسعة من بيروت أعيد بناء معظمها.
استفاق اللبنانيون في بيروت أمس على هول الفاجعة، وسط شوارع تحولت إلى كومة ركام، وطرق مقطوعة، وزجاج وحجارة متطايرة، ودمار طال نصف المدينة، وخسائر تراوح بين 10 و 15 مليار دولار، بحسب مروان عبود محافظ بيروت.
بحث رجال الإنقاذ اللبنانيون وسط الحطام على أمل العثور على ناجين من انفجار قوي أشاع دمارا هائلا في أنحاء بيروت، وأودى بحياة ما لا يقل عن 135 شخصا، وأسفر عن إصابة نحو خمسة آلاف، بحسب "الفرنسية".
وتوقع مسؤولون ارتفاع عدد ضحايا الانفجار الذي وقع أمس الأول في مستودعات في ميناء بيروت، تضم مواد شديدة الانفجار.
ويعد الانفجار هو الأقوى منذ أعوام في لبنان، الذي ما زال يضمد جراح الحرب الأهلية، التي انتهت قبل ثلاثة عقود، ويترنح تحت وطأة أزمة اقتصادية وزيادة في عدد الإصابات بفيروس كورونا.
وأدى الانفجار إلى انبعاث سحابة من الدخان على شكل فطر عش الغراب، وهشم النوافذ في قبرص التي تبعد نحو 160 كيلو مترا عبر البحر.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، إن 2750 طنا من نترات الأمونيوم، التي تدخل في صناعة الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة في الميناء منذ ستة أعوام دون إجراءات سلامة.
وأضاف مخاطبا الشعب، "إننا مصممون على السير في التحقيقات وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين والمقصرين، وإنزال أشد العقوبات بهم".
وأكد مصدر مسؤول مطلع على التحقيقات الأولية أن "التراخي والإهمال" هما المسؤولان عن الانفجار، مضيفا أن مسألة سلامة التخزين عرضت على عدة لجان وقضاة و"لم يحدث شيء" لإصدار أمر بنقل هذه المادة شديدة القابلية للاشتعال أو التخلص منها.
وألقى اللبنانيون، الذين فقدوا وظائفهم وشهدوا تبخر مدخراتهم بسبب الأزمة المالية، باللوم على السياسيين المسؤولين عن عقود من الفساد الحكومي وسوء الإدارة.
وقال جمال عيتاني رئيس بلدية بيروت، أثناء تفقد الدمار الناجم عن الانفجار، إنها كارثة لبيروت ولبنان، مشيرا إلى أن الخسائر تقدر بمليارات الدولارات.
بدوره، قال جورج الكتاني، الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني، إن ما لا يقل عن 100 شخص قتلوا، وإن جهود الإنقاذ مستمرة.
وأظهر مقطع مصور بثه تلفزيون "إم. تي. في"، أقارب الضحايا متجمعين عند الطوق المحيط بميناء بيروت، طلبا لمعلومات عن ذويهم المفقودين.
وألقت قوة الانفجار بعض الضحايا في البحر، فيما لا يزال رجال الإنقاذ يحاولون انتشال الجثث. وكثير من القتلى كانوا موظفين في الميناء والجمارك أو أشخاصا يعملون في المنطقة أو يمرون عبرها بسياراتهم خلال وقت الذروة مساء أمس.
وأشار الكتاني، إلى أن الصليب الأحمر ينسق مع وزارة الصحة لتجهيز مشارح، حيث لم تعد لدى المستشفيات قدرة على استيعاب مزيد من الضحايا.
ووصفت سارة، وهي ممرضة في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، المشهد في المستشفى بعد الانفجار بأنه "مثل المجزرة، الممرات والمصاعد ملطخة بالدم". ودمر الانفجار واجهات المباني في وسط بيروت، وتطايرت قطع الأثاث في الشوارع، وانتشر الزجاج المهشم والحطام في الطرقات وانقلبت السيارات في المنطقة القريبة من الميناء.
وقال مواطن يدعى بلال، وهو في الستينيات، في منطقة وسط المدينة، "إنها الضربة القاضية لبيروت، نحن في منطقة كوارث. كان المبنى يرتج، واعتقدت بأنه زلزال".
ومثل غيره من اللبنانيين، اتهم النخبة السياسية بالمسؤولية، وقال "من سيعوض الذين فقدوا أحباءهم؟"، ووصف السياسيين بأنهم "لصوص" لتسببهم في الأزمة الاقتصادية في لبنان.
وانهالت عروض المساعدة من المجتمع الدولي. وأرسلت دول خليجية طائرات تحمل مساعدات طبية، وغيرها من المواد.
وعرضت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وغيرها من الدول الغربية، التي كانت تطالب بتغيير سياسي في لبنان، تقديم يد العون. وقالت هولندا، إنها أرسلت أطباء وممرضين وفرق بحث وإنقاذ متخصصة.
وتعهد رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، بأن هذه الكارثة لن تمر دون حساب، لكن سائق سيارة أجرة يدعى أبو خالد، قال إن دياب "ووزراءه هم أول من يجب أن يحاسب على هذه الكارثة. لقد ارتكبوا جريمة بحق شعب هذا البلد بإهمالهم".
ولم يفصح المسؤولون عن سبب الحريق، الذي أدى إلى حدوث الانفجار. وقال مصدر أمني ووسائل إعلام محلية، إنه شب بسبب أعمال لحام في المستودع.
وانتشر الحطام في منطقة الميناء، ما عرقل المدخل الرئيس للواردات الضرورية لإطعام شعب يربو على ستة ملايين نسمة.
ووجهت السفارة الأمريكية في بيروت تحذيرا لسكان المدينة بخصوص تقارير عن غازات سامة ناجمة عن الانفجار. وقع الانفجار قبل ثلاثة أيام من إصدار محكمة مدعومة من الأمم المتحدة حكما بشأن أربعة من المشتبه فيهم ينتمون لجماعة "حزب الله" الشيعية في تفجير وقع عام 2005 أدى إلى مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري و21 آخرين.
واغتيل الحريري في انفجار كبير بسيارة ملغومة على بعد نحو كيلو مترين من ميناء بيروت.
وطلبت الحكومة اللبنانية أمس فرض "الإقامة الجبرية" في المنزل على كل مسؤولي ميناء بيروت المكلفين بالإشراف على التخزين والأمن منذ عام 2014، وكل المعنيين بملف نيترات الأمونيوم، الذي تسببت كميات كبيرة منه مخزنة في مرفأ بيروت، في الانفجار الذي أوقع 135قتيلا وأكثر من خمسة آلاف جريح، بحسب "الفرنسية".
وقالت منال عبدالصمد وزيرة الإعلام، خلال تلاوة مقررات مجلس الوزراء إثر اجتماع استثنائي "يطلب من السلطة العسكرية العليا فرض الإقامة الجبرية على كل من أدار شؤون تخزين مادة الأمونيوم وحراستها ومحص ملفاتها، أيا كان"، منذ وصولها إلى بيروت عام 2014 حتى تاريخ الانفجار. كما أعلنت حالة الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين، ما يعطي الجيش صلاحية تنفيذ هذا الأمر.
وأفادت وسائل إعلام روسية، بأن الانفجار الكبير الذي وقع في مرفأ بيروت أمس، وأسفر عن مقتل 135 شخصا، وإصابة الآلاف، نتج عن سماد كيماوي كان على متن سفينة يملكها مواطن روسي وتخلى عنها قبل أعوام.

مرفأ بيروت في سطور

- يتعامل مرفأ بيروت مع 300 مرفأ عالمي وترسو فيه 3100 سفينة سنويا. - 70 في المائة من حجم البضائع المستوردة في لبنان تدخل من خلاله. - يتألف من أربعة أحواض يراوح عمقها بين 20 و24 مترا.. و16 رصيفا. - تبلغ مساحة المنطقة الحرة في المرفأ 81 ألف متر مربع، وكان يجري العمل على توسيعها. - يعد المرفأ مركزا أساسيا لتجارة إعادة التصدير وتجارة المرور "الترانزيت".

تسلسل زمني لانفجارات لبنان

- 4 آب (أغسطس) 2020: مقتل نحو 135 شخصا وإصابة خمسة آلاف آخرين في انفجار ضخم وقع في ميناء بيروت. - 24 كانون الثاني (يناير) 2018: انفجار قنبلة في مدينة صيدا اللبنانية، ما أدى إلى إصابة عضو في حركة "حماس" وتدمير سيارته. - 12 حزيران (يونيو) 2016: انفجرت قنبلة أمام مقر بنك بلوم اللبناني وسط بيروت، متسببة في وقوع أضرار، لكن دون سقوط قتلى. - 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015: قتل 43 شخصا وأصيب 240 في تفجيرين انتحاريين في الضاحية الجنوبية لبيروت. - 2 كانون الثاني (يناير) 2014: أسفر انفجار سيارة ملغومة عن مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص جنوب بيروت. - 24 حزيران (يونيو) 2014: قتل ضابط أمن عندما فجر انتحاري سيارة ملغومة بالقرب من نقطة تفتيش تابعة للجيش اللبناني في بيروت. - 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013: قتل الوزير اللبناني السابق محمد شطح، المناهض للنظام السوري، في انفجار ضخم في بيروت. - 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013: هز تفجيران انتحاريان السفارة الإيرانية، ما أسفر عن مقتل 23 شخصا، بينهم الملحق الثقافي الإيراني. - 15 آب (أغسطس) 2013: قتل 20 شخصا وأصيب 212 بجروح عندما انفجرت سيارة ملغومة بالقرب من معقل لـ "حزب الله" في الضاحية الجنوبية. - 9 تموز (يوليو) 2013: هز انفجار ضخم بسيارة مملوءة بالمتفجرات معقلا في بيروت لـ"حزب الله"، ما أدى إلى إصابة 53 شخصا بجروح. - 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2012: أسفر انفجار سيارة ملغومة في بيروت عن مقتل مسؤول أمني لبناني كبير. - 25 كانون الثاني (يناير) 2008: أودى انفجار سيارة مملوءة بالمتفجرات بحياة ضابط في مخابرات الشرطة كان مشاركا في التحقيق في الاغتيالات في لبنان. - 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2007: أسفر انفجار سيارة قرب بيروت عن مقتل ضابط كبير في الجيش كان بين المرشحين الأوفر حظا لتولي قيادته. - 13 حزيران (يونيو) 2007: قتل النائب المناهض للنظام السوري وليد عيدو وخمسة آخرون في انفجار سيارة ملغومة في بيروت. - 14 شباط (فبراير) 2005: اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ومقتل و21 آخرين بشاحنة ملغومة في بيروت.

الأكثر قراءة