default Author

القيود الملهمة

|
نعتقد دائما أن القيود تحد من حريتنا وتمنعنا من الإبداع، وأغلب الفاشلين أو غير الناجحين بالأصح يصنع لنفسه مليون حجة لتبرير إخفاقاته ويعدد لك القيود التي منعته من تحقيق إنجاز معين، فمنهم من يتحجج بأسرته أو بعض العادات والتقاليد أو بعد المسافة أو عدم وجود من يسانده، ونسي أو تناسى أن القيود هي من تصنعنا. لولا القيود لما فكرنا وابتكرنا طرقا للخروج من مأزقها فكما أن الخطأ يدفعك للنجاح، كذلك القيود والأطر التي تحيط بك، تلهمك لتكون مبدعا.
والأمثلة على ذلك عديدة، فمثلا لو كنت لاعب كرة سلة بطول 165 سنتيمترا، فإنك ستبتكر طرقا أكثر إبداعا لإحراز الهدف، مقارنة بلاعب طوله 194 سنتيمترا. وضيق الوقت أو تزاحم المهام أوجد كثيرا من المبدعين الذين تخطوا حاجز الوقت ليكونوا أكثر إبداعا وأغزر إنتاجا.
ومن أجمل الأمثلة على ذلك، التحدي الذي دخله الدكتور سوس أشهر كاتب لقصص الأطفال على الإطلاق، الذي فتح للأطفال بوابة الحلم ليدخلوا إلى عالم مبهر وساحر ويزوروا أماكن لم يحلموا برؤيتها في الواقع. كانت قصصه وشخصياته قادرة على أن تجوب بهم العالم وتعلم الأطفال المبادئ والدروس بطريقة لطيفة ترغبهم في التعلم ومن أشهر قصصه "القط ذو القبعة الخضراء"، "الشيء واحد" و"البيض واللحم الأخضر".
وأكثر ما يعنينا هنا العنوان الأخير فقد تراهن "الدكتور سوس" و"بانيت سيرف" مؤسس دار راندوم هاوس للنشر عام 1960 على مبلغ قدره 50 دولارا وتحداه أن يكتب قصة جيدة باستخدام 50 كلمة فقط.
قبل الدكتور سوس الرهان وربحه، وكانت النتيجة كتابا صغيرا بعنوان "البيض واللحم الأخضر"، انتشر الكتاب بشكل كبير، حيث بيعت منه مائتا مليون نسخة منذ لحظة نشره، وأسهم هذا الانتشار في جعل هذه القصة من أشهر أعمال الدكتور سوس، بل تعدى الأمر لتكون الأكثر مبيعا في تاريخ قصص الأطفال.
اكتشف الدكتور سوس من خلال هذا التحدي القوة الكامنة في تحديد القيود ووضع الحدود لنفسك، حيث وجد أن ذلك في الأغلب ما يمنحك نتائج أفضل من تركك كل الخيارات متاحة، في أي موضوع، سواء كان وقتا متاحا أو ميزانية للصرف أو التجارة أو وقتا للرياضة أو نوعا محددا من الأكل أو عدد كلمات مسموحة لتكتب مقالا أو قصة.
وعندما نجح استخدم استراتيجيته في مؤلفاته التالية كتب قصته "القط ذو القبعة" باستخدام قائمة مفردات الصف الأول فقط. ووجد أن (القيود تلهمك إبداعك، والمعوقات تدفعك لإيجاد الحلول).
إنشرها