التصور العام لشفافية الديون
حطم عبء الدين العالمي الضخم الرقم القياسي لأعلى نسبة دين مقابل الناتج المحلي الإجمالي، قبل نهاية عام 2019. وارتفع الدين العالمي، الذي يشتمل على قروض الأسر والحكومات والشركات، بمقدار تسعة تريليونات دولار، ليبلغ نحو 253 تريليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، أي بمعدل يمثل 322 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لمعهد التمويل الدولي. ويمثل هذا الدين العالمي الهائل خطرا حقيقيا على الاقتصاد العالمي، خاصة أن معهد التمويل الدولي يتوقع ارتفاع المستويات أكثر في عام 2020.
وجمع أكثر من نصف هذا المبلغ الهائل في الأسواق المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، ما رفع نسبة الدين مقابل الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول إلى 383 في المائة بشكل عام.
كما أن هناك كثيرا من الدول التي لعبت دورا في رفع الرقم، من بينها نيوزيلندا وسويسرا والنرويج، التي يرتفع فيها جميع مستويات الديون الأسرية، في حين أن نسب الدين الحكومي مقابل الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة وأستراليا بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق. وتعد مستويات الدين أقل في الأسواق الناشئة، حيث بلغ مجموعها 72 تريليون دولار، إلا أنها استمرت في الارتفاع بشكل أسرع في الأعوام الأخيرة، وتقترب نسبة الدين الصيني مقابل الناتج المحلي الإجمالي من 310 في المائة، وهو أعلى مستوى في الدول النامية. ويراقب المستثمرون منذ فترة طويلة الدولة ذات النفوذ الكبير. وفي سياق ارتفاع مستويات الدين العام، أصبحت شفافية الديون بالغة الأهمية لعدة أسباب: ينبغي للمؤسسات الدائنة إجراء تقييم كامل لقدرة الدول المقترضة المحتملة على تحمل أعباء الديون، ومن الضروري أن يكون المواطنون قادرين على مساءلة حكوماتهم عن الديون التي تقترضها، وعلى الدول المقترضة تصميم استراتيجيات تستند إلى فهم واضح لمستوى وتكاليف مخاطر ديونها.
وتتمثل إحدى ركائز شفافية الديون في نشر بيانات دقيقة وشاملة وفي الوقت المناسب أولا بأول، حتى يتسنى الحصول على صورة كاملة عن مدى نجاح الدول في هذه التدابير، وأعد البنك الدولي خريطة بيانية ملونة تعرض ممارسات نشر بيانات الدين العام في الدول المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية. وفي هذا الإطار، نقوم برصد مئات من مواقع السلطات الوطنية المتاحة للجمهور على شبكة الإنترنت لتقييم أداء الدول وفقا لمؤشرات رئيسة مثل إمكانية الوصول إلى إحصاءات الديون ونطاق تغطيتها ومعدلات تواترها، ووجود استراتيجية للديون وخطة سنوية للاقتراض. ويجري تحديث هذه الخريطة البيانية الملونة كل ستة أشهر بهدف تعزيز جهود الدول الرامية إلى تحسين استراتيجيات النشر لديها.
وتظهر نتائج التقييم الذي تم إجراؤه في نيسان (أبريل) 2020 أن ما يقرب من نصف الدول التي شملها بحثنا تنشر استراتيجية متوسطة الأجل للديون على الرغم من أن أقل من 10 في المائة من هذه الدول تترجم هذه الاستراتيجية إلى خطط سنوية للاقتراض. لكن لا تزال هناك فجوات: لا تزال معايير الإفصاح عن الديون ضعيفة للغاية في 36 في المائة من الدول المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، والبيانات إما غير متاحة أو غير كافية أو متقادمة للغاية.