سباق الشركات المحموم لجمع الأموال يتوقف لالتقاط الأنفاس

سباق الشركات المحموم لجمع الأموال يتوقف لالتقاط الأنفاس
شركة أمريكان إيرلاينز كانت واحدة من الشركات التي جمعت أموالا هذا العام.

هدأت الشركات مؤقتا لالتقاط الأنفاس، بعد سباق محموم على مدى أربعة أشهر لتأمين السيولة، وسحب خطوط ائتمان البنوك، والموافقة على تمويل الإنقاذ الحكومي، وإصدار سندات وأسهم جديدة لمواجهة أزمة فيروس كورونا.
السرعة الكبيرة لجمع الأموال، التي سجلت أرقاما قياسية في أسواق سندات وأسهم الشركات، وفرت الأموال التي تمس الحاجة إليها لشركات الطيران، مثل أمريكان إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز، ومشغلي الرحلات البحرية كارنفيال ونرويجيان، وشركتي السيارات فورد وجنرال موتورز. كان تدفقا مفاجئا للمال ساعد على منع حدوث زيادة كبيرة في انهيارات الشركات، على الأقل في الوقت الحالي.
يقول مصرفيون، إن الشركات تجري الآن تقييما للضرر، الذي أحدثته الأزمة وتنتظر قبل أن تقترض أكثر، حتى مع بقاء أسواق السندات مفتوحة على مصراعيها.
بفضل السيولة الإضافية، جمعت الشركات 70 مليار دولار فقط الأسبوع الماضي من خلال أسواق السندات، وهو أدنى مستوى منذ منتصف آذار (مارس) عندما تسببت أزمة فيروس كورونا في هبوط أسعار الأسهم والسندات. انخفضت الإصدارات في الولايات المتحدة إلى ما يزيد قليلا على خمسة مليارات دولار في الأسبوع، الذي كان قصيرا بسبب العطلة، وفقا لمزودة البيانات، ريفينيتيف.
يأتي التباطؤ بعد الزيادة الأكثر حدة في جمع رأس المال في التاريخ، إذ تم تأمين نحو 5.4 تريليون دولار من قبل الشركات في جميع أنحاء العالم منذ بداية العام، بما في ذلك 3.9 تريليون دولار منذ بداية آذار (مارس).
قال كيفين فولي، رئيس أسواق رأسمال السندات في بنك جيه بي مورجان تشيس: "الشركات تقبض بوالص التأمين، دون معرفة عمق أو فترة الركود الاقتصادي"، مضيفا أن بعض المجموعات افترضت أن عمليات الإغلاق يمكن أن تستمر لمدة عام أو أكثر، وهذا هو السبب في تحرك عدد من الشركات لجمع الأموال مرات عدة منذ آذار (مارس).
إجراءات الدعم التاريخية، التي اتخذها "الاحتياطي الفيدرالي" في آذار (مارس)، مهدت الطريق أمام الشركات لتحميل الديون، حين بدا أن البنك المركزي الأمريكي يتجاهل تحذيراته السابقة بشأن ارتفاع الرفع المالي للشركات وتدهور معايير الإقراض.
انخفضت تكاليف الاقتراض للشركات الممتازة، التي بلغت أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد في آذار (مارس)، مع استعداد المستثمرين لموجة من إفلاس الشركات بسرعة، بعد أن تحرك "الاحتياطي الفيدرالي" لدعم سوق سندات الشركات الأمريكية بعشرة تريليونات دولار. كما خففت التدخلات الحكومية الضربة، من خلال إجراءات التحفيز، التي ساعدت على رفع إنفاق المستهلكين وتعزيز الثقة بالأسواق.
إلى جانب تمويل الإنقاذ لأمثال شركة بوينج، شركات كبرى بما في ذلك والت ديزني، وجيه بي مورجان، وإي تي آند تي، اقترضت مليارات الدولارات من خلال أسواق السندات. شركات أخرى مثل البنك الإقليمي الأمريكي "بي إن سي فاينانشيال" PNC Financial وسوفت بنك، جمعت الأموال عن طريق بيع حصص في وحدات غير أساسية. بالنسبة لبنك PNC، فقد باع مركزا بـ13.3 مليار دولار في شركة إدارة الأصول، بلاك روك، في حين باعت سوفت بنك ما قيمته 15.9 مليار دولار من الأسهم في T - Mobile.
قال فولي: "الشركات من الدرجة الاستثمارية تتمتع برفاهية كونها قادرة على القول، ’هنا سأجمع كثيرا فوق الحد من السيولة‘". أضاف: "لم يتم تسريح أي مسؤول مالي على الإطلاق بسبب عقلية (تأمين) كثير من السيولة فوق الحد".
الانتعاش في الأسواق، سمح لقائمة طويلة من الشركات بتأمين أقل تكاليف الاقتراض على الإطلاق، بما في ذلك عملاقة التجارة الإلكترونية، "أمازون"، وشركة فايزر لصناعة الأدوية. في غضون ذلك، تمكنت مجموعات في عين العاصفة، مثل يونايتد إيرلاينز، من تأمين الأموال عن طريق التعهد بالأصول. هذا الرهان، الذي شمل طائرات وجزر وبرامج مكافآت، ساعد على إغراء الدائنين حتى مع تحذير وكالات التقييم الائتماني من أن خطر إقراض الأغلبية العظمى من الشركات قد ازداد.
خفف بعض المستشارين، مثل روكسان ريردون، الشريكة في شركة سمبسون تاتشر للمحاماة، توقعاتهم بشأن مقدار الديون التي يمكن اقتراضها بشكل عملي هذا العام، بالنظر إلى تلك الآفاق المثبطة.
يشير محللون في "بنك أوف أمريكا" إلى أن الرفع المالي في سوق السندات ذات العائد المرتفع في الولايات المتحدة، يتجاوز منذ الآن المستويات التي شوهدت خلال الأزمة المالية في 2008 - من حيث نسبة إجمالي دين الشركة إلى أرباحها قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء - ويقترب بسرعة من المستويات، التي شوهدت آخر مرة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21. وهذا يجعل وكالات التصنيف الائتماني تعبر عن مخاوفها.
قال جون شيريكو، الرئيس المشارك للمصرفية في أمريكا الشمالية وأسواق رأس المال لدى سيتي جروب: "في مرحلة ما، يصبح هيكل رأس المال مثقلا أكثر من اللازم بالرفع المالي، وهنا تقول وكالات التصنيف: ’أمن السيولة أولا، كي لا تجعلنا نقلق بشأن ذهابها (...) بعد ذلك دعنا ننتظر حتى تتولى التدفقات النقدية سداد الديون".
كثير من الشركات تشعر بالإجهاد منذ الآن. شهد عالم الشركات الأمريكية سلسلة من حالات الإفلاس، في الوقت الذي صدت فيه أسواق رأس المال في وجه الشركات في قطاعي الطاقة والتجزئة. مجموعات مثل تشيسابيكي، شركة إنتاج النفط الصخري، وتشاك إي تشيز، سلسلة المطاعم العائلية في السوق المتوسطة، وسيرك الشمس الكندية، تحاول الآن إعادة هيكلة أعمالها تحت الحماية من الدائنين بموجب قانون الإفلاس.
لكن المستشارين والمستثمرين يحذرون من أن كثيرا من الشركات، التي انهارت، كانت تعاني أصلا أعباء ديون عالية قبل الأزمة.
قالت ريردون: "لا تزال هناك عوامل لبس بشأن الوجهة التي سيتخذها هذا الوضع. الجميع يرغب في أن تكون لديه القدرة على قراءة الطالع، لكن الناس يشعرون بأنهم أكثر ثقة بكيفية إدارتها وكيف ستستجيب الأسواق لذلك".

الأكثر قراءة