تشابه البنات بالبنايات
ضاحكا على تويتر، غرد الدكتور عبدالله بن جنيدب "المصمم الرئيس لمشاريع الحرمين الشريفين"، قائلا "إنه شاهد سلسلة من تصاميم البيوت من مكاتب معمارية مختلفة، فتذكر أطباء التجميل، الذين جعلوا البنات والنساء يتشابهن في نفخ البراطم وحد الخشوم وغيرها، وخلص إلى أن أعمال المعماريين وأطباء التجميل تشاركت في تزييف الواقع".
الرسالة الساخرة التي أرادها الدكتور في تغريدته وصلت وتفاعل الكثير معها، وهي تعبر عن واقع على الأرض، فالمهندسون المعماريون لدينا من سعوديين وأجانب في الغالب اشتغلوا بهمة ونشاط على النسخ واللصق، فالشغل كثير والطلب مرتفع، والمواطن يبحث عن الأرخص ولو طلب تصميما منفردا لكان السعر المطلوب فوق قدرته وقد لا يجد من يعطيه وجها منهم.
ولم ينحصر الأمر في جانب الشكل للمنزل، بل هو في المضمون، فالبنايات من منازل وعمارات لم تهيأ بشكل مناسب للوضع البيئي لبلادنا، فليس هناك استفادة من الإضاءة الطبيعية مع شمس ساطعة ولا التهوية المناسبة "مواقع وتصاميم النوافذ"، إضافة إلى عدم الاهتمام بالعزل الحراري والتعامل مع حرارة الشمس، في نوع المواد المستخدمة.
في زمن مضى قامت أمانة مدينة الرياض ولمساعدة المواطنين في عهد أمينها - طيب الذكر - المهندس عبدالله النعيم، بعمل كتيب مجاني فيه عدد من التصاميم للمنازل يختار منها المواطن ما يرغب ولتخفيف عبء التكلفة وتأخر التنفيذ، وكانت تجربة ناجحة في حدود ذلك الإطار.
والمهندسون هم ليسوا أصحاب المكاتب المعمارية، بل هم أيضا مسؤولون في الأجهزة الحكومية، قنعوا بالمتاح والأسهل لتصبح الحاجة إلى التكييف والإضاءة مرتفعة جدا وإلا تتحول المنازل إلى أفران أسمنتية مظلمة.
وبحكم أن الدكتور عبدالله "أخو هيا" من الأكاديميين المرموقين في جامعة الملك عبدالعزيز والمتفاعلين في تويتر مع جمع من المهندسين، أدعوه لتبني نماذج مخططات منازل تهتم في المقام الأول بوظيفة المبنى مع وضع المناخ في الحسبان، فما يصلح لجدة لا يصلح بالضرورة للرياض أو أبها، ويكون الهدف إرشاد المواطنين إلى أفضل النماذج لتخفيض التكلفة، سواء في الخدمات" ماء وكهرباء" أو في مواد البناء الزائدة على الحاجة، إضافة إلى مناسبتها للمناخ، ويمكن تطوير النماذج "الإرشادية حتى لا تصبح البنايات مثل البنات" بمساعدة المهندسين في تخصصات الكهرباء والطاقة المتجددة، والمواد الأخرى للتشييد.
لو أتيح لمشروع "وطني" مثل هذا الظهور سيكون عاملا مهما لتحسين العمارة السعودية وخيارا للمواطن، الذي يبني بنفسه وسيفرض نفسه على المطورين العقاريين مستقبلا، وسيحتسب وساما وطنيا لمن عمل عليه.