جيش البط

تستعين باكستان بالصين لمواجهة خطر أسراب الجراد، التي أضرت بمحصول القطن في العام الماضي وتهدد محصول القمح هذا العام ، والطريف في الأمر أن مساعدة الصين فريدة من نوعها . لا طائرات ترش مبيدات مضرة بالبيئة والإنسان، ولا إشعال حرائق لطرد الجراد، بل جيش من البط قوامه عشرات الآلاف من هذه الطيور ينقل للهجوم على الجراد. ويقول خبير صيني في مقارنة بين البط والدجاج في التصدي للجراد، إن البطة الواحدة تستطيع أكل 200 جرادة في اليوم مقابل ثمانين جرادة تأكلها الدجاجة، إضافة إلى أن هذه الطيور تعيش جماعات، ما يسهل السيطرة عليها وتوجيهها بعكس الدجاج. ونجحت الصين في استخدام هذا الجيش، حيث ينقل ليكون جاهزا على الحدود بانتظار الجراد، وظهرت مقاطع مصورة لجيش الطيور هذا. وعلى عكس المتوقع، فإن اللجوء إلى الاستعانة بجيش البط أقل تكلفة من الخيارات التقليدية، سواء الرش بالطائرات أو بالسيارات، ومن دون ضرر على البيئة، حسب التقرير الذي نشرته صحيفة "الجارديان".
واللجوء إلى الحلول البيئية، هو الشاهد والمثير الآسر الذي دفعني إلى التوقف إعجابا وتأملا بالتجربة الصينية لحل هذه المشكلة الموسمية، وهي مشكلة نواجهها سنويا، وهذا العام ارتفع صوت منظمة الزراعة "فاو" للتحذير من غزو أسراب الجراد، وصنفت كذا منطقة تضم المملكة، إضافة إلى دول إفريقية وعربية، على أنها معرضة للخطر إلى منتصف الشهر المقبل.
الحل البيئي من الصين، المتهم أهلها بأكل كل ما يدب على الأرض أو يطير، يقودنا إلى ما كشفته جائحة كوفيد - 19 من الضرر الذي أحدثه البشر بالبيئة، وإذا كان صفاء الأجواء بعد تراجع التلوث هو الأكثر حضورا وتداولا بين الناس، فالمتخصصون يقولون إن تضرر البيئة بفعل سوء ممارسات البشر وراء انتقال الفيروسات للإنسان من الحيوان.
الأمل أن يكون حجر كورونا لنا بين جدران منازلنا أحدث صدمة وعي بيئي لإنقاذ ما تبقى من بيئتنا المنهكة، ولا شك أن إنشاء قوات خاصة للأمن البيئي دليل على تطور الاهتمام الرسمي بحماية البيئة، وجانب الردع والحراسة مهم، والمطالبة بوجود قوي له تتم منذ زمن، وبقي جوانب أخرى تحت عنوان الترغيب وفتح المساحات للأفكار المبدعة لحماية البيئة وإنمائها، من خلال التحفيز بالجوائز والمسابقات للبحوث والأفكار غير التقليدية التي تحافظ على البيئة أو توجد حلولا مبتكرة لما تعانيه، سواء من سوء ممارسات البعض بالصيد أو بالرعي الجائر، أو من آفات وأمراض تصيب بعض مكونات تحدث خللا في التوازن البيئي الهش.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي