FINANCIAL TIMES

موجة ثانية من فقدان الوظائف تتحرك باتجاه سوق العمل

موجة ثانية من فقدان الوظائف تتحرك باتجاه سوق العمل

بنهاية نيسان (أبريل) فقد 5.9 مليون شخص وظائفهم نتيجة لتدهور قطاع السفر في الولايات المتحدة، بحسب بيانات نشرها اتحاد السفر واقتصاديات السياحة الأمريكي.

حذر اقتصاديون من أن موجة ثانية من فقدان الوظائف يمكن أن تضرب الاقتصادات المتقدمة حتى في الوقت الذي تبدأ فيه الحكومات في رفع حالات الإغلاق، وتعيد فيه الشركات تقييم قدرتها على العمل في عصر استمرار التباعد الاجتماعي.
أظهرت أرقام تم نشرها هذا الأسبوع الأضرار المتزايدة التي لحقت بأسواق العمل نتيجة الإجراءات الرامية إلى إبطاء انتشار فيروس كورونا. في الولايات المتحدة قدم أكثر من 3.8 مليون شخص مطالبات جديدة للحصول على إعانات التعطل عن العمل، ما رفع إجمالي الأسابيع الستة منذ بداية الإغلاق إلى أكثر من 30 مليونا. في أوروبا، تقلل بيانات البطالة من حجم الاضطراب، لكن الأرقام التي قدمتها الحكومات الوطنية في أكبر خمسة اقتصادات تظهر أن أكثر من 35 مليون عامل يتلقون جزءا من أجورهم من الدولة، من خلال برامج تسمح لأصحاب العمل بمنح إجازة للموظفين واسترداد التكلفة. قالت وكالة التوظيف الفيدرالية في ألمانيا الأسبوع الماضي، إن برنامجها قصير الأجل للإجازات، المعروف باسم Kurzarbeit، يغطي الآن أكثر من عشرة ملايين عامل، وهو ضعف التقديرات السابقة، ويمثل أكثر من خمس القوة العاملة. في فرنسا تمت إضافة مليون عامل في الأسبوع الماضي إلى مخطط chomage partiel المكافئ، ليصل المجموع الذي يتم تغطيته إلى 11.3 مليون - أكثر من ربع القوة العاملة.
قالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، الأسبوع الماضي، إن "ظروف أسواق العمل تدهورت بشكل كبير"، بينما قال جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إنه مما "يفطر القلب" رؤية مكاسب الوظائف في الأعوام الأخيرة، التي أفادت الأشخاص ذوي الدخل المنخفض في مجتمعات الأقليات أكثر من غيرهم، تتعرض للخطر.
أضاف باول أن البيانات المقرر صدورها هذا الأسبوع من المرجح أن تظهر ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة - في غضون شهرين - من أدنى مستوى خلال 50 عاما إلى رقم مكون من خانتين، معترفا بأن الأمر "من المحتمل أن يستغرق بعض الوقت للعودة إلى مستوى طبيعي أكثر لمعدل البطالة".
توقعت منظمة العمل الدولية، التابعة للأمم المتحدة، أن الانخفاض الفوري في عدد ساعات العمل في الربع الثاني من 2020 سيعادل فقدان أكثر من 300 مليون وظيفة بدوام كامل.
الآن السؤال الكبير هو، كم عدد الأشخاص الذين سيكونون قادرين على العودة إلى وظائفهم، أو إيجاد وظائف جديدة فور بدء الحكومات في تخفيف الإغلاق وإعادة فتح أجزاء من الاقتصاد؟.
حتى الآن، يركز صناع السياسة على دعم الشركات للنجاة من انخفاض قصير الأجل في الإيرادات، وفي الوقت نفسه تمويلها لإبقاء الموظفين المجازين على قوائم الرواتب. كان الهدف من هذا هو المساعدة على منع العاملين من الوقوع في بطالة طويلة الأجل، وفي الوقت نفسه السماح للشركات والاقتصاد الأوسع بالعودة إلى الطاقة الكاملة بسرعة بمجرد رفع القيود. قال مارك وول، كبير الاقتصاديين لمنطقة أوروبا في "دويتشه بانك": "حتى في هذا السيناريو، نحن نتحدث عن صدمة كبيرة"، مضيفا أن معدل البطالة في منطقة اليورو يمكن أن يزيد بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف عن معدل ما قبل الوباء الذي كان نحو 7 في المائة.
الآن يتوقع معظم الاقتصاديين أن تكون الضربة قصيرة الأجل للناتج المحلي الإجمالي أكبر، وأن تكون عودة الانتعاش أبعد مما كانت الحكومات ترجو في البداية.
قال أندريا جارنيرو، وهو اقتصادي مختص في سوق العمل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: "التعافي سيكون بطيئا، والتعديل سيكون طويلا ولن يخلو من الألم، بالنسبة للأشخاص والشركات. ستكون هناك حاجة إلى إعادة ترتيب الأماكن العامة جميعها، ولست متأكدا من أننا سنندفع نحو فورة إنفاق بمجرد رفع الإغلاق".
أضاف أن بيانات التنقل من الولايات الأمريكية تشير إلى أنه مع عمليات الإغلاق، أو دونها لن يستأنف الناس نشاطهم الطبيعي إلى أن يتم حل المشكلات الصحية.
بدأت الشركات في القطاعات الأكثر تأثرا تدرك أنها لن تكون قادرة على العودة إلى العمل كالمعتاد وستواجه الحاجة إلى عمليات تسريح للعاملين على نطاق واسع.
الأسبوع الماضي قالت شركة صناعة الطائرات، بوينج، إنها ستخفض 10 في المائة من قوتها العاملة، بينما قالت الخطوط الجوية البريطانية، إنه سيكون عليها تخفيض 12 ألف وظيفة، في حين قالت شركة الطيران الاقتصادي "ريان إير"، إنها ستلغي ما يصل إلى ثلاثة آلاف وظيفة.
في الوقت نفسه، يطالب أصحاب العمل في إسبانيا بتمديد مخطط دعم الأجور في البلاد. وفي المملكة المتحدة تحذر شركات الضيافة من أنها قد لا تكون قادرة على تغطية تكلفة العمل مع تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي الصارمة، ما يؤكد خطر حدوث موجة أخرى من فقدان الوظائف بمجرد بدء الحكومات في تقليص الدعم للموظفين المجازين.
قال وول: "نشعر بالقلق من أن هذه البطالة ’غير المرئية‘ (في مخططات التوظيف الجزئية هذه) ستصبح مرئية بشكل أكبر"، مضيفا أنه مع مرور الوقت قد تتفاقم انهيارات الشركات، بحيث يحدث "تحول تدريجي من عاطلين جزئيا عن العمل إلى عاطلين عن العمل بالكامل".
فلوريان هينس، الاقتصادي في بنك بيرنبيرج، يتوقع أن تمدد الحكومات الأوروبية وتوسع مخططات الإجازات من أجل احتواء الضرر. لكنه لا يزال لا يتوقع انخفاض البطالة قبل صيف العام المقبل.
قال: "يمكن أن تأتي الموجة الثانية في غضون نصف عام أو 12 شهرا، عندما يكون لدينا أخيرا مزيد من الأدلة عن عدد الشركات التي اجتازت الأزمة - وعدد الشركات التي لم تفعل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES