«رامز مجنون رسمي» .. ما الحد الفاصل بين الكوميديا والعنف؟

«رامز مجنون رسمي» .. ما الحد الفاصل بين الكوميديا والعنف؟
مع الفنانة ياسمين صبري.
«رامز مجنون رسمي» .. ما الحد الفاصل بين الكوميديا والعنف؟
جانب من حلقة لاعب الكرة علي معلول.

في رمضان هذا العام شاءت الظروف التي فرضها وباء كورونا المستجد ألا تدغدغ مشاعرنا ببعض الدراما التي اعتدنا عليها في كل عام، وافتقدنا كثيرا من البرامج الجميلة أو المسلسلات التي كنا ننتظرها بشغف، ورغم كل هذه الظروف التي كان من المفترض أن تغربل ما سيعرض على الشاشة، اختفت برامج وبقيت أخرى مثل البرنامج الذي يصنف نفسه بالترفيهي والمقالب، لكنه في واقع الحال، هو عكس ذلك كليا، وهو برنامج رامز جلال الذي صدر هذا العام تحت عنوان "رامز مجنون رسمي".
كعادته كل عام يقدم الفنان المصري رامز جلال برنامج مقالب، عادة ما يقع ضحيته عدد من المشاهير العرب، وفي هذا العام يستدرج رامز جلال ضحاياه للمشاركة في برنامج باسم «الحقيقة»، من تقديم الإعلامية أروى، ثم يظهر رامز في البرنامج لاحقا ليوقع ضيفه في مقلب "التعذيب" وجها لوجه، أثناء جلوس الضيف على كرسي وهو مقيد ولا يستطيع الحركة.
امتعاض
بعد بث الحلقة الأولى كثر الجدل بين الجمهور الذي وصفه بالسادي والمهين بسب تمادي رامز جلال في إهانة ضيوفه وتعذيبهم بطرق سادية مجنونة لا يحتملها العقل البشري.
وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن امتعاضهم من البرنامج بسبب تجاوزه مبدأ الضحك القائم على فكرة البرنامج بعد تقييد غادة عادل بالكرسي وصعقها كهربائيا ما أدى إلى انهيارها وبكائها، حيث قال حيدر العراقي في تغريدة له على موقع "تويتر"، برنامج رامز فيه إساءة إلى الممثل العربي، وقالت أشواق راحل، "البرنامج تافه ولا يستحق كثرة عناء ولا كثير حديث ويجب عدم إعطائه أكبر من حجمه فيكفي أن من يقدمه رامز"، أما الروان فقالت، "رامز جلال يمثل الجهل عينه، يجب التوقف عن جعل الحمقى مشاهير، برنامج رامز مجنون رسمي كله تنمر وعنف نفسي واستمتاع بإيذاء الآخرين .. مثل هذه الشخصيات مثال سيئ للجميع".
برنامج تجاري
قام المغردون على "تويتر" بنشر تغريدات تؤكد أن برنامج رامز جلال غير مناسب للعرض، حيث قارن المغرد عمر الشمري بين برنامج رامز جلال وبرنامج "قلبي اطمأن" قائلا، "برنامج رامز جلال تكلفته ملايين وقائم على العبث ويدفع المال للمشاهير، بعضهم لا فائدة له في المجتمع وكلهم أثرياء لا يحتاجون إلى المال! أما برنامج غيث فيبحث عن الفقراء في العالم كله يؤازرهم ويعطيهم المال دون أن يعرف البشر وجهه! فرق كبير بين التفكير الإنساني الإبداعي والتفكير التجاري".
من جهتها، نشرت الفنانة نادين نجيم تغريدة قالت فيها، "لو كنت مع رامز جلال كنت رحت في غيبوبة لحد ما خلصت الحلقة أكيد، يا ربي دخيلك ولا ممكن أعملها، هيدا اسمه عذاب مش ضرب جنون".
قولبة الرأي العام
وعن مدى مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في قولبة الرأي العام ضد برنامج معين، قال عبدالمحسن المساعد، مختص في مواقع التواصل الاجتماعي، في حديث لصحيفة "الاقتصادية"، إن الأساليب المتخذة في الإعلام الجديد أصبحت متعددة خاصة أن المدارس في مواقع التواصل الاجتماعي لا تستند إلى مواد علمية بل إلى أشخاص اتخذوا أساليب مبتكرة وسار على أثرها المعجبون بتلك الأساليب وإن من أهم الأساليب التي قد يتخذها البعض هي شن الهجوم الممنهج عن طريق حسابات وهمية تهاجم البرنامج ومن ثم تأجيج مشاهدين هذه التغريدة عن طريق وضع نقاط قد تلامس عاطفتهم أو منطقهم بأسلوب أو بآخر".
وأضاف، "إن من أهم الأساليب هو تصفية الحسابات ما بين البرامج المنافسة لبرنامج معين يسير وفق التوجه نفسه، فعن طريق أحد المشاهير يتم الزج بتغريدة معينة تخالف توجه البرنامج وطريقة عرضه وكذلك المحتوى وهذا بكل تأكيد سيوافق محبي هذا المؤثر رأيه".
واستطرد قائلا، "إن الرأي العام ضد برنامج معين محل اهتمام ومتابعة كبيرة من قبل منتجيه، علما بأن الآراء المنطقية بعيدا عن تصفية الحسابات تؤخذ بمحمل الجد ولنا في دعاية "قطونيل" أكبر مثال ولا ننسى كذلك برنامج "ذا كوين" للمطربة الإمارتية أحلام حيث تم إيقافه مباشرة من قبل تلفزيون دبي بعد هاشتاق تم إطلاقه من قبل المغردين حيث كانت مطالبات الأخير عبر هاشتاق #إيقاف-ذا-كوين-مطلب-شعبي، وكأن إعلان تلفزيون دبي عبر حسابه إنه تم إيقاف بث البرنامج نزولا عند رغبة المشاهدين ومراعاة لطلب الجمهور"
وأكد عبدالمحسن وجود مطالبات عدة كانت ضد برامج ومسلسلات لم تؤخذ بشكل جدي من قبل منتجيها اعتقادا منهم أنه محاربة للنجاح أو تصفية حسابات من قبل القنوات المنافسة.
تسويق سلبي
وعن برنامج "رامز مجنون رسمي" قال عبدالمحسن، "إن حصول هذا البرنامج على الترند في أول أيام رمضان قد يكون إيجابيا لكنه في الأغلب ما يكون تسويقا للبرنامج حتى إن كان بشكل سلبي، فعرف أخيرا بما يسمى التسويق السلبي في مواقع التواصل الاجتماعي وسبق أن تم استخدامه من قبل أصحاب السلعة أو المادة المقدمة حيث يكون هنالك فضول ممن يشاهد هذا الترند للبحث عن أسباب هذا الانتقاد وقد يعجب بالمادة المقدمة وينسى ما تم توجيهه من نقد".
وأضاف، "من الناحية المضادة فقد يكون هذا الترند سببا في إيقاف البرنامج سواء بشكل مباشر أو بعد نهاية موسم رمضان حيث يتم إيقاف الفكرة والبحث عن أفكار مغايرة عما يقدمه رامز من "مقالب" على سبيل المثال حوارية أو غيره".
ولاحظ عبدالمحسن بحكم متابعته حساب رامز جلال على "تويتر" منذ انطلاقة البرنامج أن رامز يتفاعل مع الجمهور الذي يتحدث عن برنامجه بطريقة جيدة وهذا قد يساعد على احتواء المتابعين حتى إن كانوا معارضين للفكرة ولكن البعض يرى أن إعادة تغريد من قبل أحد أبرز مشاهير مصر تعد محمسة للمشاركة في الهاشتاق بصورة إيجابية.
تأثيرات نفسية
طالب مستشفى الصحة النفسية في مصر بفتح تحقيق عاجل والتدخل الفوري لوقف عرض برنامج "رامز مجنون رسمي" لأنه بحسب ما أفاد المستشفى يزيد من وصمة المرض النفسي، مشيرا إلى وجود تهديدات على الصحة النفسية للطفل، حيث إن الطفل يميل إلى تعلم سلوكياته بالتقليد، خاصة أن عديدا من مقدمي نوعية هذه البرامج يفعلون بعض الممارسات التي تعد أعراضا لاضطرابات نفسية مثل التباهي بممارسة نفوذهم وهي النرجسية. وبما أن "رامز مجنون رسمي" هو برنامج ترفيهي موجه لأفراد الأسرة كافة، كيف يمكن للأطفال أن يشاهدوا التعذيب أو التنمر الذي يحصل في البرنامج؟ وما الانعكاسات النفسية لهذا الموضوع؟
الإخصائية النفسية ملك الحازمي كشفت في حديث مع "الاقتصادية" عن وجود دراسات تثبت أن الأطفال الذين يشاهدون مشاهد يوجد فيها أي نوع من أنواع العنف سواء الجسدي أو اللفظي يصل إليهم بأنها تصرفات طبيعية بين البشر، وهذا يجعل منهم ضحايا وفريسة سهلة لأي عنف أو تنمر.
وأكدت أن برنامج المقالب "رامز مجنون رسمي" له تأثيرات نفسية في الجمهور خاصة الأطفال، حيث إن البرنامج يحتوي على مشاهد عنف زائدة وسخرية شديدة من الضيوف وألفاظ غير لائقة خاصة بحضور الأسرة، إضافة إلى ذلك ضياع هيبة الضيوف أمام الجمهور خاصة الأطفال.
وعن المشاهدين الذين يؤيدون هذا النوع من البرامج قالت الحازمي، "يعود هذا الأمر إلى طبيعة شخصياتهم التي تحب العنف والاستمتاع بالسخرية من الآخرين، والثقافة التي ينشرها الإعلام عن طريق هذه البرامج لها دور صارخ، وفي رأيي الشخصي هي سبب لهذا العنف".
لا شك أن هذا البرنامج يشوبه كثير من الجدل، ويمتعض منه كثيرون لكن في الوقت نفسه لديه جمهوره وهو الذي يشجعه في كل عام على تصوير الحلقات، بل زيادة جرعة السخرية من الضيوف، لكن هل هو مفبرك كما يقال أم لا؟ هل من أحد سيضع له حدا أم سيبقى يبحث عن المقالب والمشاهير؟

الأكثر قراءة