المملكة ومعاني الإنسانية

ريادة العالم تتطلب قائدا فذا يكون أنموذجا يحتذى به بين دول العالم، يقودهم للسلام واحترام الإنسان وحقوقه من غير تفريط ولا إفراط، فلا تفريط يتسبب في خلخلة النظام وضياع الحقوق المحترمة والأموال المعصومة، ولا إفراط يحط من كرامة الإنسان وإنسانيته، وفي جائحة بحجم كورونا، فإن الحديث عن حقوق الإنسان لم يعد مجرد نصوص نظامية، أو حملات دعائية؛ بل هي ممارسات ميدانية ظاهرة للجميع تسعى بكل صدق وإخلاص إلى حفظ حياة الإنسانية جمعاء، وحفظ كرامة الناس، بغض النظر عن أي فلسفة قانونية للحالة الراهنة. ولقد قضى الله - جل شأنه - أن تأتي هذه الجائحة الصحية والسعودية تمسك بقيادة العالم من خلال رئاسة مجموعة العشرين، وترفع المملكة شعارا لها مع هذه القيادة "أن نلهم العالم برؤيتنا". نعم أتت جائحة كورونا والعالم يحتاج إلى من يلهمه قيما جديدة، إلى روح إنسانية بعيدة عن حسابات الاقتصاد ولعبة السياسة، ولقد كان خادم الحرمين الشريفين هو القائد الملهم للمرحلة الإنسانية الحرجة، قائدا مكنه الله في وقت يحتاج العالم فيه إلى قائد بكل معنى الكلمة.

لقد كانت دعوة المملكة إلى عقد قمة الدول العشرين طوق نجاة؛ جعل الدول تفيق من صدمة الجائحة الكبيرة، وتتفق على تعاون دولي مشترك، أقرت فيه دعما اقتصاديا شاملا لم يشهد التاريخ قبله وقد لا يشهد مثله بعد ذلك، فهو اتفاق عالمي على أكبر حزمة دعم تصل إلى خمسة تريليونات دولار (ما يقارب 19 تريليون ريال) وهو مبلغ جبار جدا، وهدفه مساعدة الدول الأكثر تضررا، ودعم الإنسانية جمعاء، صحة واقتصادا، فهل سبق لأي قمة في العالم أن وافقت على مثل هذا الرقم؟ إنها بركة من الله للقائد الفذ الملك سلمان بن عبدالعزيز وسيخلدها التاريخ الاقتصادي ما بقيت الأرض نفسها، ثم إن هذا الدعم الجبار جدا وفي وقت أحوج ما تكون البشرية إلى مثل هذا، قد حصل من خلال اجتماع افتراضي سخرت فيه التقنية ببراعة لنجاح القمة، هنا تبرز معنى العبارات التي رسمت شعار قمة العشرين في المملكة "نلهم العالم برؤيتنا".

نعم، نلهم العالم بقائد مسيرتنا، ودولتنا، فهذا الدكتور تيدروس جيبريسوس؛ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، يرفع الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أمره بعلاج مصابي كورونا في السعودية مجانا، وهذا الأمر الملكي يأتي من ثقافة إسلامية بحتة يرعاها ويقودها الملك سلمان، فهو يهتم بالإنسان قبل المكان ويصلح المكان من أجل رفاهية الإنسان؛ فالإنسان مدار القرار وعزمه، وسبق أن أصدرت المملكة قرارات مماثلة عندما استقبلت مئات الآلاف من الإخوة العراقيين خلال أزمات العراق وبنت لهم مخيمات ومستشفيات ومدارس فيها وجامعات، وكذلك تم تسهيل دخول الأشقاء السوريين واليمنيين وتم منحهم وثائق تساعدهم على الحياة، ولم تفاخر المملكة بهذا ولم تستخدمه ضمن ملفات حقوق الإنسان؛ ذلك أنها تراه من ثقافتها الأصيلة، وفي المملكة يعيش كثير من مخالفي أنظمة الإقامة وتتعامل معهم المملكة بروح الإسلام والإنسانية التي تراعي كرامتهم من غير تفريط في حقوق الوطن ومقدراته وحقوق المواطنين ومن يقيم بنظام ويؤدي حقوقه، ويتحمل مسؤولياته، فالقرار الذي يبهر العالم اليوم هو من صميم الأخلاق العربية الإسلامية التي تتجلى في قائد المرحلة الملك سلمان بن عبدالعزيز.

ولأن العالم اليوم في حاجة إلى قائد ملهم، فقد قال مدير عام منظمة الصحة العالمية في تغريدة على "تويتر"، وهو يشكر خادم الحرمين الشريفين ورئيس قمة العشرين "هذا ما تعنيه الصحة للجميع،.. وأضاف، "نأمل أن تحذو دول أخرى حذوكم في القيادة والتضامن"، كما أعرب عن خالص شكره وتقديره للملك سلمان، على التزامه بدعم المنظمة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، أثناء ترؤسه القمة الاستثنائية الافتراضية لقادة دول مجموعة العشرين، وعبر عن امتنانه لتقديم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عشرة ملايين دولار؛ لتعزيز الأنظمة الصحية العالمية في تكثيف الجهود من أجل اتخاذ إجراءات وقائية حيال وقف انتشار فيروس كورونا"..، هذا هو الإلهام.. هذه هي رؤيتنا، ونحن في هذه الدولة وبقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان؛ مهندس الرؤية وقائد التغير، إذا قلنا فعلنا، وهذا زمن السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي