FINANCIAL TIMES

أسواق الأسهم .. لا توجد حلول سهلة لصخب اللحظات الأخيرة

أسواق الأسهم .. لا توجد حلول سهلة لصخب اللحظات الأخيرة

لطالما كان مزاد الإغلاق اليومي في أسواق الأسهم جزءًا حيويًا من يوم التداول. مديرو الصناديق والمتداولون يعتمدون على تلك الدقائق الخمس الأخيرة لتحديد أسعار الإغلاق، التي تستخدم لتقييم المحافظ أو حساب المؤشرات.
لكن صعود الاستثمار السلبي وخوارزميات التداول يضاعف زيادة النشاط في اللحظات الأخيرة، ما يسبب تحولا في إيقاع التداول اليومي في أسواق الأسهم في أوروبا.
نسبة المعاملات اليومية التي تتم في مزادات الإغلاق هذه ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 25 في المائة في الربع الأخير من 2019، صعودا من نحو 17 في المائة في الربع الأول، بحسب موقع تداول الأسهم "ليكويدنت" Liquidnet.
هذا المتوسط يخفي بعض التطرف. مثلا، وجدت الجهة التنظيمية الفرنسية AMF، في حزيران (يونيو) الماضي، أن 41 في المائة من أحجام التداول في أسهم مؤشر كاك 40 حدثت خلال مزاد الإغلاق في "يورونكست باريس".
بمعنى آخر، هناك اندفاع كبير عند خط النهاية. قالت ريبيكا هيلي، رئيسة هيكل واستراتيجية أسواق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "ليكويدنت"، إذا لم تكن هناك رقابة على ذلك الاتجاه، فمن الممكن أن تصل مزادات الإغلاق خلال ثمانية أعوام إلى 50 في المائة من جميع أنشطة التداول اليومية الأوروبية.
الاعتماد على سوق الأسهم الرئيسية لكل بلد لحساب أسعار الإغلاق التي يتم ربط مليارات الدولارات فيها خلال هذه الفترة الأخيرة المحمومة، يعد نقطة ضعف تشغيلية واضحة في السوق. الآن، الجهة المنظمة للأوراق المالية الأوروبية، Esma، تتشاور حول ما إذا كانت تحتاج إلى اتخاذ إجراء.
الصورة الأكبر هي أن أحجام تداول الأسهم منخفضة. جهود البنوك المركزية للحد من تقلبات السوق بدأت تنجح، كما أن التهديدات الجيوسياسية أضعفت حماسة المستثمرين للرهانات الكبيرة. يقدر "كريدي سويس" أن متوسط أحجام التداول اليومية في أوروبا انخفض 18 في المائة بين عامي 2018 و2019.
التركيز الأكبر في مزاد الإغلاق يعني فرصا أقل لمدير صندوق نشط يريد التداول بأسرع وقت ممكن خلال اليوم، كما يعني مخاطر بالنسبة للوسطاء وصناع السوق الذين لا يريدون أن يتم تركهم مع الجزء غير المبيع من تداول العميل لليلة واحدة.
كما أنه يسبب مشكلات تسعير محتملة في السوق، لأن مكاتب التداول تلجأ إلى تعديل سجلاتها في صباح اليوم التالي، لحساب الأسعار غير المتوقعة التي يمكن أن تنتجها المزادات.
قال مارك مونتجومري، رئيس الاستراتيجية في Big XYT، وهي مزودة بيانات: "إذا حدثت حركة السعر الشاذة الفردية في منتصف يوم التداول ثم عادت إلى مستواها السابق، سيتم قرع أجراس الإنذار من المنظمين والمشاركين في السوق في آن معا".
النهاية المزدحمة لأسواق الأسهم مؤلمة بالنسبة للوسطاء الذين يواجهون تكاليف أعلى، بينما تستفيد أسواق الأسهم الأساسية مثل بورصة لندن والبورصة الأمانية وبورصة يورونكست بشكل كبير من المزادات. لا تقتصر المزادات على جذب الأعمال من أماكن تداول بديلة أرخص فحسب، بل يمكن للبورصات فرض رسوم إضافية على ذلك.
لكن أنماط التداول في اللحظة الأخيرة تعكس التحولات في هيكل السوق التي سيكون من الصعب عكسها.
أحد العوامل هو زيادة الاستثمار السلبي في الأسهم من خلال الصناديق المتداولة في البورصة. وينبغي إعادة التوازن إلى المحافظ الاستثمارية وتحويطها في نهاية اليوم، على مقربة من سعر الإغلاق قدر الإمكان.
الأثر التضخمي الآخر هو الاستخدام واسع النطاق لاستراتيجيات التداول المحوسبة المتقدمة. كثيرون يستخدمون خوارزمية متوسط السعر المرجح بحجم التداول، VWAP، لطلبات البيع والشراء الكبيرة. من الناحية النظرية، ينشرون الطلب على مدار اليوم، لكنهم مهيئون للاستفادة من الفترات الأكثر ازدحاما. نظرا لوجود ذلك في آخر 30 دقيقة من اليوم، غالبا ما تركز أجهزة الكمبيوتر طلباتها في ذلك الوقت.
هذا يؤثر أيضا في كيفية عمل مديري الصناديق النشطين. بدلا من النظر إلى التحليل الأساسي للميزانيات العمومية والأرباح، ينظر بعضهم في سلوك المستثمرين الآخرين بطريقة "كمية" منهجية.
استثمرت "بلومبيرج"، مثلا، بكثافة في تحليل المشاعر، لفحص كمية هائلة من الأخبار التي تمر يوميا عبر محطاتها المنتشرة. في أوقات الذروة قد يصل ذلك إلى ألف مادة في الثانية، تشمل قصصا، ومشاركات اجتماعية، وملفات.
قال جاري كازانتسيف، رئيس استراتيجية التكنولوجيا الكمية في "بلومبيرج": "نشهد مزيدا ومزيدا من المستثمرين ينتقلون من إدارة الصناديق التقديرية إلى استثمارات أكثر منهجية".
يخشى مديرو الصناديق أنه في ظل ظروف السوق الهادئة، سيتم التقاط طلباتهم من قبل متداولين شرسين، وستتحرك الأسعار ضدهم، لذلك غالبا ما ينتظرون حتى نهاية اليوم قبل أن يشرعوا في التداول، ما يجعل زحام اللحظات الأخيرة اتجاها يتحقق ذاتيا.
لتخفيف الاعتماد على حفنة من البورصات الرئيسية، أطلقت Cboe Global Markets وAquis Exchange و"كريدي سويس" منتجات تداول منافسة لمزاد الإغلاق تقلل من رسوم الاستثمار. وقد اكتسبت هذه بعض الاهتمام، لكن بعض مديري الصناديق يخشون أن هناك مخاطر لمزيد من الانقسام في السوق.
قال رئيس تداول الأسهم في شركة إدارة أصول نشطة كبيرة مقرها المملكة المتحدة، رفض الكشف عن هويته: "إنه أمر خطير لأنه يؤدي إلى تجزئة التسعير - لكن يمكنني أن أفهم سبب قلق الناس بشأن المزاد".
يعد الضغط لساعات تداول أقصر نتيجة أخرى لهذا الاتجاه، لكنه لن يغير جذور المشكلة. بالنسبة للمتداولين الأوروبيين أوقات ما بعد الظهيرة موجودة لتبقى.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES