ثقافة وفنون

عام 2020 .. اقتصاد ثقافي واجتماعي قائم على البيانات

عام 2020 .. اقتصاد ثقافي واجتماعي قائم على البيانات

أحدث العلم على مدى الـ 100 عام الماضية، ثورة في الطب والزراعة، خاصة بالنسبة إلى أفقر الفقراء. وتشهد بعض الإنجازات، بما في ذلك الثقافة الاجتماعية والثورة الخضراء، على قوة تلك الثورة.
وفي المستقبل، يمكن لعلم البيانات أن يحدث ثورة في كل شيء، بما في ذلك كيفية بناء اقتصادات أكثر شمولية. ويظهر التاريخ أنه عندما تستخدم قوة العلم والتكنولوجيا في مواجهة أكبر تحديات المجتمع، يمكن تحسين حياة الملايين، بحسب تقرير الباحثين مايكل فرومان، وراجيف شاه رئيس مؤسسة روكفلر. لنأخذ على سبيل المثال، أي مشكلة نراها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حرائق الغابات التي تدمر أستراليا؛ ووباء الأفيون الذي يعصف بالمجتمعات الفقيرة في الولايات المتحدة؛ وأسوأ أزمة للاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. إن مواجهة هذه المشكلات وغيرها - بما في ذلك الفقر، وعدم المساواة، وحفظ التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، يتطلب التطبيق المسؤول للبيانات، والرؤى المستخلصة منها.
مع ذلك، في حين أن هناك تقدما كبيرا في علم البيانات في القطاع الخاص، فإن عديدا من المنظمات الاجتماعية والمدنية تتخلف عن الركب. وعن طريق تقديم الدعم المناسب لها، يمكنها الاستفادة من تحليلات البيانات لتحقيق تقدم كبير وسريع في عملها، ما يساعد في النهاية المزيد من الناس. وفي العام الماضي فقط، التزمت منظمتان - مؤسسة ماستركارد، ومؤسسة روكفلر- بمعالجة هذه الفجوة. وعندما تصبح المؤسسات أكثر اعتمادا على علم البيانات، يمكنها جميعها تحقيق كامل إمكاناتها.
ولحسن الحظ، بدأ المبتكرون في هذا المجال في القيام بذلك إلى حد ما. على سبيل المثال، قامت منظمة DataKind، التي تعتمد على متطوعين، بربط المنظمات غير الربحية بعلماء بيانات القطاع الخاص، لحل المشكلات التي تواجه العاملين في مجال صحة المجتمعات المحلية. وتستخدم منظمة Community Solutions، وهي منظمة غير ربحية، تعمل في أكثر من 80 مدينة ومقاطعة أمريكية، علم البيانات لمعالجة ظاهرة التشرد. وتستفيد مؤسسة Benefits DataTrust، وهي مؤسسة وطنية غير ربحية مقرها في فيلادلفيا، من قوة الذكاء الاصطناعي لمساعدة ملايين الأسر الأمريكية ذات الدخل المنخفض، على الحصول على المزايا الاجتماعية المتاحة.
واستخدمت الأفكار المبنية على البيانات لمساعدة رؤساء البلديات في الولايات المتحدة على اتباع استراتيجيات للنمو الاقتصادي الشامل، ومساعدة المسؤولين الحكوميين في إفريقيا على التنبؤ في المناطق التي تحدث فيها حالات الحمل الخطير في المجتمعات، وأسباب حدوثه. مع ذلك، فإن هذه الجهود لا تمثل سوى نقطة البداية وليست الوجهة النهائية، إذ لا يزال هناك كثير مما يجب القيام به.
إن تحويل دور البيانات في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الرئيسة، ليست مهمة يقوم بها أي شخص أو مؤسسة. يجب أن نبني إنجازاتنا على نجاحات سلفنا، إذ في عام 2002، أطلقت مجموعة من رواد الأعمال الاجتماعيين المبدعين، إلى جانب دعاة مكافحة الفقر، ومغني الروك وفاعل الخير الأيرلندي، بونو، منظمة DATA.org، وهي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بتخفيف الديون، ومكافحة الإيدز، والحد من التفاوتات التجارية في إفريقيا. وفيما أصبح، في نهاية المطاف، حملة واحدة، حشدوا الدعم لتخفيف حدة الفقر بالتركيز على البيانات في العالم الحقيقي، والدعوة إلى اتباع نهج قائمة على الأدلة في التنمية.
في ذلك الوقت، بدأت هذه الجهود في فتح آفاق جديدة، بإدراكها قوة البيانات في مواجهة أكبر تحديات المجتمع. وبشراكة مع ملايين النشطاء حول العالم، سهل ائتلاف DATA.org إلغاء 100 مليار دولار من الديون المستحقة على الدول الفقيرة، وحشد 50 مليار دولار من المساهمات في المساعدات الصحية والإنمائية، وسعى للحصول على صفقات تجارية ساعدت ملايين الأسر المستضعفة.
لكن، بغض النظر عن كون البيانات موجودة في كل مكان، وكون الفرص التي تتيحها ثورة البيانات كثيرة، لا يمكن للجميع الاستفادة منها بصورة متساوية. مرة أخرى، نحتاج إلى جهد جريء لسد الفجوة، والتأكد من عدم تهميش أكثر الفئات هشاشة.
مع أخذ هذا التحدي في الحسبان، وبدعم من مؤسسي مؤسسة ديتا الأصليين، تعيد مؤسستي روكفلر، وماستركارد، إطلاق موقع DATA.org، ليكون بمنزلة منصة للشراكات لتوسيع مجال علم البيانات من أجل التأثير الاجتماعي، وضمان أن المنظمات الربحية والمدنية، في وضع جيد للاستفادة من ثورة البيانات.
ومن خلال إعادة إطلاق المنصة، الأمل أن نستخدم البيانات للتصدي لظاهرة التشرد، وتحسين الوصول إلى المزايا الاجتماعية، ودعم العاملين في مجال صحة المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم. وسيكون لدى أولئك الذين يعملون على الخطوط الأمامية، في مجال الجهود المبذولة لتحسين الصحة العامة، ومكافحة الفقر، وحل عديد من المشكلات الأخرى، فرصا أفضل للوصول إلى علماء البيانات، الذين يمكنهم مساعدتهم على زيادة تأثيرهم. والأهم أن ذلك سيتم بطريقة تجمع مزيدا من الأفراد والمنظمات معا لإحداث تغيير اجتماعي إيجابي، مع الالتزام بمبادئ الاستخدام المسؤول للبيانات.
إن توسيع مجال علم البيانات من أجل التأثير الاجتماعي، جهد عالمي مشترك. وسيتطلب الأمر تعاونا من جميع القطاعات، لضمان أن يكون للبيانات التي تنتج يوميا، ويبلغ حجمها 2.5 مليون كوينتيليون تقريبا، تأثير اجتماعي إيجابي. وتماما كما وعدت DATA.org، قبل 18 عاما، باعتماد السياسات القائمة على الأدلة، من أجل التنمية، فإن إعادة إطلاق المنصة، سيوجد قوة دفع جديدة لمواجهة أكبر التحديات في العالم.
يجب أن يستفيد الجميع من ثورة البيانات. ومعًا، يمكننا أن نجعل عام 2020 العام الذي بدأت فيه الشراكات بتوسيع نطاق الوعود باعتماد اقتصاد قائم على البيانات، لتشمل الجميع في كل مكان.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون