قطيع من الأبقار يتنافس مع منتقي الأسهم

قطيع من الأبقار يتنافس مع منتقي الأسهم

الاستثمار أمر صعب. بل في الواقع، في غاية الصعوبة لدرجة أنه حتى المحترفين المدربين تدريبا عاليا، الذين كرسوا حياتهم من أجل السيطرة على الأسواق، يفشلون أحيانا كثيرة. أثبتت تجربة غير عادية في النرويج، تحرض المحترفين ضد المواشي، مدى صعوبة ذلك.
في عام 2016، قدمت محطة الإذاعة الوطنية النرويجية NRK برنامجا يعرض مسابقة استثمارية تضم اثنين من الوسطاء في البورصة، وعالم فلك، وصاحبتي مدونتين، وقطيع صغير من الأبقار. تم منح كل فريق عشرة آلاف كرونة نرويجية (1122 دولار) للاستثمار في الأسهم المدرجة في بورصة أوسلو لمدة ثلاثة أشهر.
مثل هذه المسابقات أقيمت من قبل. جادل الخبير الاقتصادي، بيرتون مالكيل، في كتابه الصادر عام 1973 بعنوان "المشي العشوائي في وول ستريت "ARandom Walk Down Wall Street بأن "قردا معصوب العينين يرمي السهام على الصفحات المالية لإحدى الصحف" يمكن أن يفعل ما يفعله الخبراء. منذ ذلك الحين اختبر الناس تلك النظرية مع القرود والقطط والكلاب والجرذان الحقيقية، حتى النباتات المنزلية السويدية. لكن هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها شخص معرفة ما إذا كان بإمكان الأبقار -حرفيا في هذه الحالة- أن تتفوق على أداء المستثمرين المحترفين.
تم نقل بقرة اسمها جوليروس وزملائها مديري المحافظ الاستثمارية إلى حقل وضعت فيه جهة الإنتاج شبكة تحتوي على مؤشرات لكل من الـ25 شركة المدرجة في مؤشر OBX في النرويج. اختارت الأبقار أسهمها من خلال الجلوس على العشب.
وتضمنت محفظتها المليئة بأسهم الطاقة شركة أكر سولوشن وشركة شتات أويل النفطية التي تسيطر عليها الدولة (الآن إكوينور Equinor) وشركة فريد أولسن إنرجي، وربما من أجل التنويع شركة شيبستيد، وهي أحد أكبر المجموعات الإعلامية في الدول الإسكندنافية. كانت "أكر" هي الاختيار الأفضل، استنادا إلى مدى "اقتناع" الأبقار، لكن جهة الإنتاج جعلت المحفظة الاستثمارية متساوية الترجيح.
في غضون ذلك، كان الوسيطان واثقين من أن أداءهما سيكون جيدا، بحجة أنه "كلما كنت تعرف أكثر، سيكون أداؤك أفضل". اختارا مزارع سمك السلمون "مارين هارفست" (الآن ماوي)، وأكبر مصرف في النرويج "دي إن بي "، وشركة رويال كاريبيان لتنظيم الرحلات البحرية.
كان عالم الفلك متفائلا جدا. لأنه كان عام العنزة في التقويم الصيني الذي يرمز إلى الأسرة والصداقة والعمل الجماعي، اختار مصرف دي إن بي، والخطوط الجوية النرويجية "أير شتل"Norwegian Air Shuttle، و"أوركا"، وهي تكتل اشتهر بصنع الطبق الوطني غير الرسمي في النرويج، بيتزا جرانديوسا المجمدة.
بدت المدونتان في حيرة من أمرهما، معترفتين بأنهما لا تعرفان أي من الشركات التي يتكون منها المؤشر. الأسهم التي جذبتهما هي أسهم شركة مارين هارفست وشركة رويال كاريبيان، في الأغلب لأنهما مولعتان بالعطل المشمسة.
الغرض من أنشطة مثل هذه هو إظهار أن من الصعب التغلب على الأسواق. وغالبا ما يكون من الصعب تحديد ما إذا كان الذين نجحوا فيها بالفعل، مدينون في نجاهم إلى المهارة أو الحظ.
توسع وارن بافيت حول الموضوع في خطاب ألقاه عام 1984 تخيل فيه "مسابقة وطنية لتقليب القطع المعدنية" تضم 225 مليون أمريكي، كانوا يراهنون بدولار واحد كل يوم على التخمين الصحيح للنتيجة. من الناحية الإحصائية، بعد 20 يوما، سيتوقع المرء أن 215 شخصا خمنوا التخمين الصحيح لـ20 تقلبا على التوالي، مايجعلهم يكسبون مليون دولار.
في وقت لاحق، فاز رئيس "بيركشاير هاثاواي" برهان قيمته مليون دولار لمدة عقد مع مجموعة الاستثمار "بروتيجي بارتنرز"Protégé Partners، هو أن مؤشر ستاندرد آند بورز سيتغلب على مجموعة من صناديق التحوط التي اختاروها.
في التجربة النرويجية لم يخرج منتقو الأسهم المحترفون مع قدر كبير من الإطراء. خلال الفترة نجحوا في التغلب على مؤشر OBX، محققين أرباحا بلغت 7.28 في المائة مقارنة بعائد المؤشر البالغ 5 في المائة. كان هذا أفضل من عالم الفلك، لكنه كان متقدما قليلا على شركة كاوبات كابيتال، التي حققت عائدا بلغ 7.26 في المائة. عموما، كانت المدونتان هما الفائزتان اللتان تجاوزت أرباحهما 10 في المائة.
لكن كان هناك تحول. كشف مقدمو البرنامج أن محفظتهم الخاصة حققت أرباحا بلغت 24 في المائة لكن فقط لأنهم دخلوا في 20 مجموعة مختلفة، وتخلصوا من الشركات ذات الآداء الأسوأ. كان هذا لتوضيح مفهوم يعرف بـ"التحيز لمن سيبقى". يتم إغلاق كثير من الصناديق ذات الأداء السيئ في أعوامها الأولى بسرعة ما يتيح لشركات إدارة الأصول إظهار قائمة للصناديق الباقية التي حققت نتائج جيدة أعلى من السوق.
هناك مؤشر حقيقي لكيفية ظهور متوسط أداء الصندوق عن طريق إجراء تعديلات بحسب الصناديق المغلقة أو المدمجة. سجل الآداء نصف السنوي لـ"ستاندرد آند بورز" يفعل ذلك أيضا، ويكشف أن شركة واحدة فقط من ثماني شركات أمريكية لإدارة صناديق الأسهم تفوقت على سوق الأوراق المالية الأوسع على مدار العقد الماضي.
علاوة على ذلك، اختيار مديري الصناديق الفائزين أمر صعب أيضا، لأن "استمرار" نتائجهم ضعيف. أظهرت أحدث دراسة لـ"ستاندرد آند بورز" أن أقل من نصف الصناديق المؤهلة بوصفها ذات أفضل أداء ربع سنوي حافظت على هذا الترتيب في العام التالي. وأن أقل من 3 في المائة من الصناديق تفعل ذلك خلال فترة خمسة أعوام. بالتالي، قد يكون تعيين هذه الأبقار المخصصة لانتقاء الأسهم خطأ، على الرغم من أدائها القوي.
التجربة النرويجية كانت حيلة ممتعة، لكنها تسلط الضوء على نقطة أوسع: ينبغي أن ينسى معظم المستثمرون محاولة التغلب على السوق والتمسك بدلا من ذلك بصناديق تتعقب المؤشرات الرخيصة.

سمات

الأكثر قراءة