العوري عن عهد المؤسس: العدل من معدنه لا يستغرب

العوري عن عهد المؤسس: العدل من معدنه لا يستغرب
العوري عن عهد المؤسس: العدل من معدنه لا يستغرب
العوري عن عهد المؤسس: العدل من معدنه لا يستغرب
العوري عن عهد المؤسس: العدل من معدنه لا يستغرب

قام الشيخ محمد سعود العوري قاضي مدرسة بيت المقدس ومدرس التفسير والحديث في المسجد الأقصى برحلة إلى الحجاز ونجد عام 1347هـ، وكتب تفاصيل رحلته في كتاب سماه “الرحلة السعودية الحجازية النجدية”، ونشر هذا الكتاب عام 1349هـ في المطبعة السلفية في مصر. قدّم للكتاب العلامة الشهير محب الدين الخطيب، ومما جاء في مقدمته قوله: “ومن أعظم ما يلمسه القارئ في هذا الكتاب ابتهاج المؤلف بمآثر الإصلاح التي شاهدها في الديار المباركة الحجازية في عهد حضرة صاحب الجلالة الإمام المصلح الداعي إلى الله الملك عبدالعزيز آل سعود”.

تفاصيل الرحلة
يبدأ المؤلف العوري كتابه بتوضيح سبب العنوان فيقول إنه “نسبة لصاحب الجلالة الملك العادل الرشيد ملجأ الإسلام وخادم المسجد الحرام ومسجد النبي الأمين محمد عليه الصلاة والسلام، والمسجد الأقصى في مستقبل الأيام ـــ إن شاء الله تعالى ـــ، حامي حمى الشريعة الغراء، والمجدد لهذه الأمة أمر دينها في القرن الرابع عشر، إمام الموحدين مولانا السيد عبد العزيز آل سعود الكرام، مليك الحجاز ونجد وملحقاتها، حصن العرب المنيع، غرة هذا العصر بين الأنام”. ثم يوضح سبب تأليف هذه الرحلة وأن مقصوده تقديمها إلى الملك عبد العزيز ويصفه بحارس الأماكن المقدسة، وقرة عيون الأخيار، وأنه ملاذ الأمة العربية، وملجأ الأمة الإسلامية حقيقة لا مجازا. وفي موضع آخر يذكر أن مُلك الملك عبدالعزيز كل يوم في ازدياد “والسبب في ذلك اعتماده على الله الذي لا رب سواه وعلى العمل بالشريعة الغراء، وقبوله نصيحة العلماء الفضلاء، ومشورتهم في الكلية والجزئية، وهو الناصر للسنة، والقامع للبدعة، فهو أحق الملوك بإحراز قصب السبق في مضمار الفخار”، ويتمنى لو اقتدى ملوك وحكام المسلمين به في إعلاء كلمة الله.
ثم يبدأ بسرد تفاصيل الرحلة منذ مغادرته بلدته إلى يافا ثم وادي حنين ثم القدس الشريف، وفي اليوم الثالث عشر من شهر ذي القعدة لعام 1347هـ ركب القطار من القدس إلى السويس في مصر في اليوم التالي، حيث ركب السفينة ثم يستطرد فيذكر الأحاديث التي دارت بينه وبين ركابها. ثم يعقد فصلا عن مناسك الحج. وفي الفصل الثالث عشر يذكر شعورهم بالسرور حين وصلوا إلى مدينة جدة، ويثني على رجال الحكومة السعودية، ثم يذكر ذهابهم إلى مكة المكرمة التي وصلوها ليلة الأحد التاسع عشر من ذي القعدة، وبعد أن استقر في مكة زار بعض الأشخاص والأماكن، وزار فؤاد حمزة، كما زار رشدي ملحس في مطبعة وجريدة “أم القرى”، ثم دعاه الشيخ عبدالقادر الشيبي رئيس سدنة الكعبة المشرفة، ثم زار هو والشيخ ماجد الكردي الشيخ محمد بهجة البيطار. ثم يتحدث عن زيارته لإدارة الصحة العامة ومقابلته لمديرها الطبيب محمود بك حمدي، ويثني عليه وعلى حرصه واجتهاده في عمله، وينقل عنه أن الفضل في تنظيم هذه الإدارة وتوسيع نطاقها يرجع إلى رغبة واهتمام الملك عبد العزيز الذي يهمه إعلاء شأن البلاد المقدسة. ثم يذكر أنه بعد ذلك مرض بسبب شدة الحرارة وأصبح طريح الفراش فزاره الطبيب المذكور ومعه مساعده حسني بك الطاهر، وعالجوه ثم نقلوه إلى المستشفى حيث مكث عدة أيام، وزاره في المستشفى عدد من المسؤولين السعوديين منهم فؤاد حمزة ويوسف ياسين. ولما تحسنت صحته نوعا ما مع اقتراب يوم الوقوف بعرفة خرج من المستشفى، ويذكر أن الملك عبدالعزيز أصدر أمرا بأن لا يركب الأمراء والوزراء والمسؤولون السيارات في الحج شفقة على الحجاج حتى لا يلحقهم ضرر من السيارات، وأنه سمح للمرضى في المستشفى بركوب السيارات لظروفهم الصحية، وكان الشيخ العوري أحد الذين أعطتهم الحكومة السعودية سيارات ليحجوا عليها. وفي الفصل الذي يليه من الكتاب يتحدث عن حجته، وعن حكمة مشروعية الحج. ويذكر قصة لأحد علماء فلسطين حضر مجلس الملك عبد العزيز فطلب منه الملك أن يدعو له في بيت المقدس، ثم طلب هذا العالم من الملك عبد العزيز أن يوصيه بوصية تنفعه فقال له الملك: “احفظ الله يحفظك”، ويثني المؤلف على معرفة الملك عبدالعزيز بعلم الحديث.

في جدة
بعد نهاية الحج وفي يوم الجمعة الخامس عشر من ذي الحجة سافر العوري مع آخرين إلى مدينة جدة ويذكر أن هواءها جعله يتشافى، ثم نزلوا في دار الوجيه والتاجر الكريم الشيخ محمد نصيف، ويصفه بأنه ساحة المكارم الفيحاء، ويثني على استقباله لهم وكرم ضيافته، ويذكر أنه رأى عنده كثيرا من الضيوف من مصر والمغرب ومنهم القاضي المحدث أحمد محمد شاكر، وأخوه محمود محمد شاكر، ويذكر أن الأخير هو مدير المدرسة الأميرية في جدة، ويصف والدهما بشيخ الإسلام في عصره.

رحلة العودة
ركب المؤلف سفينة الطائف متوجها إلى الطور، حامدا الله تعالى على تيسر الحج، ومثنيا على الحكومة السعودية التي تطبق الشريعة الإسلامية، ثم يعلق قائلا “ولا غرابة في ذلك فالعدل من معدنه لا يستغرب، إذ من بلاد الحجاز والعرب أشرقت أنوار العدالة، وطمست معالم الجور والضلالة، وتأيد التوحيد، ودك جبل الشرك”. ثم يذكر وصولهم إلى طور سيناء وما حصل لهم. ثم توجههم إلى محطة القنطرة التي يذهب منها المسافر إلى فلسطين في يوم الإثنين الخامس والعشرين من ذي الحجة، ثم وصولهم إلى القدس الشريف.
هذا أبرز ما في رحلته، أما القسم الثاني منها فهو فقهي يتعلق بمناسك الحج، ويبدأ من صفحة 63، ويقع الكتاب كاملا في 192 صفحة. وفي الرحلة معلومات مفيدة، ولكن المؤلف لم يصف أكثر مشاهداته في طريق الرحلة ذهابا وإيابا أو في الحجاز، وسلط الضوء على طبيعة الحياة في الحجاز، وربما حال مرضه دون ذلك.

الأكثر قراءة