التفكير العلمي
ليس التفكير العلمي هو تفكير العلماء بالضرورة. فالعالم يفكر في مشكلة متخصصة، هي في أغلب الأحيان منتمية إلى ميدان لا يستطيع غير المتخصصين أن يخوضه، بل قد لا يعرف في بعض الحالات أنه موجود أصلا. وهو يستخدم في تفكيره وفي التعبير عنه لغة متخصصة يستطيع أن يتداولها مع غيره من العلماء، هي لغة اصطلاحات ورموز متعارف عليها بينهم، وإن تكن مختلفة كل الاختلاف عن تلك اللغة التي يستخدمها الناس في حديثهم ومعاملاتهم المألوفة. وتفكير العالم يرتكز على حصيلة ضخمة من المعلومات، بل إنه يفترض مقدما كل ما توصلت إليه البشرية طوال تاريخها الماضي في ذلك الميدان المعين من ميادين العلم. أما التفكير العلمي الذي نقصده فلا ينصب على مشكلة متخصصة بعينها، أو حتى على مجموعة المشكلات المحددة التي يعالجها العلماء، ولا يفترض معرفة بلغه علمية أو رموز رياضية خاصة، ولا يقتضي أن يكون ذهن المرء محتشدا بالمعلومات العلمية أو مدربا على البحث المؤدي إلى حل مشكلات العالم الطبيعي أو الإنساني. بل إن ما نود أن نتحدث عنه إنما هو ذلك النوع من التفكير المنظم، الذي كنا نستخدمه في شؤون حياتنا اليومية، أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس
أعمالنا المهنية المعتادة، أو في علاقاتنا بالناس وبالعالم المحيط بنا.