«الكعكة الصفراء» .. الطبق الرئيس في قائمة الطلبات النووية

«الكعكة الصفراء» .. الطبق الرئيس في قائمة الطلبات النووية

في الوقت الذي تجتمع فيه صناعة الطاقة النووية في لندن هذا الأسبوع من أجل واحدة من أكبر الحفلات الراقصة السنوية، فإنها تفعل ذلك، في الوقت الذي ارتفع فيه سعر اليورانيوم إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عام.
تخفيضات الإنتاج، وإلغاء المشاريع، والاهتمام من المستثمرين الماليين، كل ذلك ساعد على رفع سعر المادة المشعة، المستخدمة في المفاعلات النووية، بنحو 30 في المائة منذ نيسان (أبريل) الماضي.
بعد أعوام من الألم، بات المتفائلون بارتفاع أسعار اليورانيوم في وضع ملائم. أصبحت السوق الآن في أدنى مستوياتها، ومن المنتظر أن يرتفع السعر أكثر، كما يجادلون، في الوقت الذي تتعامل فيه الصناعة مع قضايا رزئت بها خلال العقد الماضي، وفي الوقت الذي تواصل فيه الصين حربها على التلوث.
"في أجزاء العالم، التي تواجه طلبا متزايدا على الطاقة النظيفة مثل الصين، ستكون الطاقة النووية مهمة فعلا"، كما يقول نيك ستانزبيري، مدير صندوق في شركة ليجال أند جنرال لإدارة الاستثمارات.
بعد عدة بدايات خاطئة يبقى كثير من المحللين والمستثمرين حذرين، فهم يلاحظون أن المخزونات لا تزال مرتفعة، في ظل تحد مصيري يواجه الطاقة النووية، يتمثل في منافسة شديدة من مصادر الطاقة المتجددة، التي تصبح أسعارها أرخص أكثر فأكثر.
عندما انطلقت ندوة منظمة الطاقة النووية العالمية، توقع المحللون أن يركز النقاش على تخفيضات العرض الأخيرة، والصفقة التي شهدت تجاوز شركة كازاتومبروم، أكبر منتج لمادة اليورانيوم المشعة الاستراتيجية في العالم، لأسعار السوق الفورية وبيع كمية كبيرة من إنتاجها السنوي إلى شركة يلو كيك، أداة الاستثمار المدرجة في لندن، التي تنوي شراء وتخزين كمية كبيرة من المعدن تحسبا لارتفاع الأسعار.
قال كولن هاملتون، مدير إدارة أبحاث السلع في شركة بي إم أو كابيتال ماركيتس في لندن: "من وجهة نظرنا، هذا سيؤدي إلى مناقشات حول حجم مستويات المخزون المفرطة حاليا المتاحة بالفعل في السوق".
"ما زلنا نرى المخزونات على أنها تراكم عالق لليورانيوم، لكن أحداث السوق الأخيرة تعني أن جانب العرض في الصناعة بدأ الآن يعالج القضايا التي أدت إلى بناء مخزون ثابت خلال العقد الماضي"، وفق ما أضاف.
كانت سوق اليورانيوم في حالة اضطراب منذ أن أمرت اليابان بالإغلاق الفوري لنحو 40 مفاعلا نوويا، في أعقاب كارثة فوكوشيما في عام 2011.
هذا أدى إلى قلب توقعات الطلب على الوقود في اليابان وبلدان أخرى مثل ألمانيا، التي أغلقت أيضا مصانع الطاقة النووية، وألغت خططا لبناء مصانع جديدة.
في الوقت نفسه، هناك مصدر كبير من الإمدادات الجديدة ذات التكلفة المنخفضة وصلت إلى السوق من المناجم في كازاخستان.
كانت النتيجة انخفاضا شديدا في الأسعار. اليورانيوم، الذي لا يجري تداوله في سوق مفتوحة، ويتم شراؤه في العادة من قبل شركات المنافع استنادا إلى عقود طويلة الأجل، هبط سعره من 70 دولارا للرطل في 2011 إلى 20 دولارا في نيسان (أبريل) الماضي، ما جعل الجميع باستثناء المنتجين ذوي أدنى التكاليف، يعانون من أجل تحقيق ربح.
يقول المحللون إن عددا من العوامل ساعدت على ارتفاع الأسعار منذ نيسان (أبريل) الماضي، إلى 26.45 دولار للرطل خلال الأسبوع الماضي: أولا وقبل كل شيء، كان هناك انخفاض في العرض، ما ساعد على تقليص وفرة المادة في السوق.
شركة كازاتومبروم، التي هي "أرامكو السعودية" بالنسبة لسوق اليورانيوم، خفضت الإنتاج، في حين أوقفت "كاميكو" الكندية و"بالادين ريسورسز" الأسترالية عملياتهما. وتقدر شركة بي إم أو BMO أن إمدادات مناجم اليورانيوم ستنخفض إلى 140 مليون رطل هذا العام، بعد أن بلغت ذروتها عند 165 مليون رطل في عام 2016.
وفي الوقت نفسه، وافقت شركة كازاتومبروم على بيع ربع إنتاجها السنوي إلى شركة يلو كيك، التي لديها أيضا خيار شراء 100 مليون دولار إضافية من اليورانيوم سنويا من الشركة، خلال السنوات التسع المقبلة.
شركة كازاتومبروم هي إحدى ثلاث شركات تسيطر عليها دولة كازاخستان، وتتطلع الحكومة الكازاخية إلى خصخصتها – ربما عن طريق التعويم في لندن. على هذا النحو، يتوقع المحللون والمستثمرون أن تحافظ الشركة على الانضباط في الإمدادات، وقد استمعوا وتابعوا باهتمام خطاب رئيسها التنفيذي جاليمزان بيرماتوف أمام الندوة النووية العالمية ظهر يوم الخميس الماضي.
حتى إذا التزمت شركة كازاتومبروم بخططها الحالية، فإن المتشائمين بشأن أسعار اليورانيوم يقولون إن الأمر يحتاج إلى وقت طويل للعمل قبل تصريف المخزونات التي بنتها على مدى العقد الماضي.
وقال بن ديفيز، محلل في شركة ليبرام للوساطة ومقرها لندن: "السوق لا تعاني حتى الآن عجزا جوهريا، وستستغرق سنوات كثيرة للتعاملات في المخزون الفائض".
تقدر شركة بي إم أو BMO ارتفاع المخزونات العالمية من 598 مليون رطل من اليورانيوم في عام 2009 إلى نحو 800 مليون رطل في اليوم، أو ما يعادل نحو أربع سنوات من الطلب. ومع ذلك، فإن الدرجة التي تكون فيها هذه المخزونات غير متعاقد عليها أو متاحة للتداول غير واضحة.
قال ستانزبيري: "يمكنك دائما أن تستفسر عن المقدار المتوافر على شكل قضبان وقود جاهزة. لا يمكن حقن هذه ببساطة في مفاعل آخر". كما أشار ستانزبيري، وهو مستثمر في شركة يلو كيك، إلى أن من المتوقع انتهاء صلاحية كثير من اتفاقيات الإمداد طويلة الأجل، التي ساعدت في بقاء شركات إنتاج اليورانيوم التي تفتقر إلى النقدية، على قيد الحياة.
وقال إن هذا ينبغي أن يوفر دعما قويا للأسعار، لأن شركات المنافع التي يجب عليها تثبيت مصادر الإمدادات الآمنة والمستقرة لمفاعلاتها، لن ترغب في رؤية مزيد من عمليات إغلاق المناجم أو تقليصها: "عندما تنظر إلى ديناميكيات العرض والطلب، من المرجح أن يتحول وضع اليورانيوم إلى عجز حاد للغاية خلال السنوات العشر المقبلة، من حيث العرض، ما لم يحدث شيء في التسعير بفعل الطلب، وبالتالي المعروض".

الأكثر قراءة