خسائر في اقتصادات الشرق الأوسط .. ما الحلول؟ «2 من 3»
يمكن أن يكون الضرر الاقتصادي الكلي هائلا. فتشير التقديرات إلى أن إجمالي الناتج المحلي السوري لعام 2016، مثلا، أقل من نصف المستوى الذي كان عليه في عام 2010 قبل الصراع (دراسة Gobat and Kostial 2016). وفقد اليمن ما يقدر بنحو 25 في المائة إلى 35 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015 وحده، بينما انخفض إجمالي الناتج المحلي في ليبيا بمقدار 24 في المائة في عام 2014 بعد تزايد العنف — حيث أدى الاعتماد على النفط إلى تقلب شديد في النمو. وتعرض الضفة الغربية وقطاع غزة منظورا طويل الأجل عما يمكن أن يحدث للنمو في الأوضاع الهشة: عانى اقتصادها الركود شبه التام على مدى السنوات العشرين الماضية مقارنة بمتوسط النمو البالغ ما يقرب من 250 في المائة في البلدان الأخرى في المنطقة خلال هذه الفترة (World Bank 2015).
وإضافة إلى ذلك، أدت هذه الصراعات إلى ارتفاع التضخم وضغوط على سعر الصرف. ففي العراق، وصل التضخم إلى ذروة تزيد على 30 في المائة خلال منتصف الألفينات؛ وارتفع في ليبيا واليمن إلى أكثر من 15 في المائة في عام 2011 نتيجة انهيار الإمدادات من السلع والخدمات الحرجة فضلا عن اللجوء بقوة إلى التمويل النقدي للميزانية. وكانت حالة سورية أكثر تطرفا من ذلك، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين بنحو 600 في المائة بين عام 2010 وأواخر عام 2016. وعادة ما تكون ديناميكيات التضخم هذه مصحوبة بضغوط خافضة قوية على العملات المحلية، وهو ما قد تحاول السلطات المحلية مقاومته من خلال تدخل قوي وتنظيم التدفقات العابرة للحدود. ومن الواضح أن هذه القوى تفاعلت في سورية: تتداول الليرة السورية رسميا، التي جرى تعويمها في عام 2013، بعشر قيمتها مقابل الدولار الأمريكي قبل الحرب. وتشعر بلدان الجوار التي تستضيف اللاجئين بالضغط الاقتصادي أيضا. وأكثر البلدان تأثرا بشكل مباشر هي تركيا التي استقبلت أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وهو ما يعادل 4 في المائة من سكانها في عام 2016؛ ولبنان الذي استوعب مليون لاجئ تقريبا، أو ما يعادل نحو 17 في المائة من سكانه؛ والأردن الذي شهد تدفق 690 ألف شخص، أو ما يعادل 7 في المائة من سكانه (UNHCR 2017).
وفيما يخص هذه البلدان المستقبلة للاجئين، التي كانت تواجه بالفعل ودون استثناء تحديات اقتصادية، أدت تدفقات اللاجئين إلى ضغوط إضافية على الميزانيات والإمدادات من الأغذية والبنية التحتية والإسكان والرعاية الصحية. وسجلت البلدان المجاورة لمناطق الصراع الكثيف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هبوطا في النمو السنوي لإجمالي الناتج المحلي قدره 1.9 نقاط مئوية في المتوسط، ما أدى إلى معدل نمو بطيء جدا غير قادر على توفير وظائف كافية لأعداد السكان المتزايدة. وعلى سبيل المثال، تباطأ متوسط النمو الحقيقي السنوي في الأردن إلى 2.6 في المائة بين عامي 2011 و2016 من 5.8 في المائة بين عامي 2007 و2010.
ويمكن أن يتغلغل أثر التدفق الكبير للاجئين في جميع أرجاء الاقتصاد. وتشير الأدلة من لبنان إلى أن العمالة غير الرسمية كبيرة الحجم بين اللاجئين والنشاط الاقتصادي المكبوح أديا إلى انخفاض في مستويات الأجور ومشاركة المحليين في القوى العاملة، ولا سيما بالنسبة للنساء والشباب. وقد أدت زيادة الطلب على الإسكان في محافظة المفرق في الأردن (منطقة تقع في شمال شرق البلد على الحدود مع سورية) إلى ارتفاع الإيجارات بنسبة 68 في المائة بين عامي 2012 و2014 — مقارنة بنسبة 6 في المائة في عَمان... يتبع