سجين الحب

وصلتني رسالة يطلب صاحبها مني أن أنشرها لعل الزوجات اللاتي يشبهن زوجته يجدن فيها ما يدفعهن للتفكير قبل أن يفقدن أزواجهن وكثيرا من جمال الحياة!
يقول صاحب الرسالة "أنا موظف في وظيفة مرموقة وارتبطت بزوجتي منذ عشر سنوات، ورزقني الله منها ثلاثة أبناء رائعين. حياتي الخارجية يراها كل المحيطين بي بأنها تلك الحياة المثالية الساحرة التي يحلم بها الجميع، بل إن كثيرين يحسدونني على زوجتي وتفانيها الخيالي في سبيل إسعادي وأبنائها وبيتها، مع محافظتها على جمالها ورشاقتها، لكن ما لا يعرفه الجميع أني أعيش التعاسة بشكلها الحقيقي العميق مع هذه الإنسانة، لسبب قد يصدم كل من سيقرأ رسالتي، بل إني واثق أنهم سيقولون إني "مو كفو زوجة مثلها"، السبب هو اهتمامها الزائد بي هذا الاهتمام الذي يكاد يخنقني ويكتم على أنفاسي ويشعرني أني مجرد تمثال زجاجي أقل خدش سيشوهني. هل تصدقين وخلال عشر سنوات من زواجنا لم أستطع انتقادها في أي شيء، ملابسي جاهزة قبل أن أطلبها، طعامي جاهز كما أحبه، أطفالي متفوقون في دراستهم ولم أتحمل مسؤوليتهم مطلقا فهي مهتمة بتفاصيلهم كافة، منزلي مرتب وأنيق وأي أعطال تحدث فيه تصلحها قبل أن أعلم، جعلتني محور حياتها وركيزة اهتمامها، تعاملني كطفل صغير يحتاج للعناية والرعاية وإلا فقد يتوه في الطريق. اهتمامها المبالغ بي يا سيدتي يكاد يخنقني كأني سجين في حفرة مظلمة كل يوم ينهال فوق رأسه التراب أكثر من اليوم السابق، أشتاق لزوجة أتشاجر معها وأثور في وجهها وتغضبني وأغضب منها ثم نهدأ ونتصالح، مللت المياه الراكدة في حياتي، ليتها لمرة واحدة تتمرد على مسؤولياتها وتتضجر ثم تبكي وتنهار فأشعر بضعفها فأحتضنها وأحاول تصبيرها وأشعر بقوتي كزوج وأنها تحتاج لي لأسندها وأحمل معها المسؤولية. الاهتمام الزائد مثل "التطنيش" الزائد كلاهما يدمران الحياة الزوجية، جمال الحياة الزوجية في تلك اللحظات الصعبة والسعيدة والحزينة والغاضبة والهادئة والثائرة والحالمة، في تنوعها وتنوعنا معها).
ـــ قد لا يتفق كثيرون مع صاحب هذه الرسالة ويظنون أنه فعلا "مو كفو نعمة"، لكن في كثير من الأحيان أحكامنا قد لا تكون صائبة لأننا ببساطة نحكم من خلال زاوية ضيقة جدا، وهذا هو الفرق بين صاحب المشكلة التي يعيش جميع تفاصيلها وبيننا، كل إنسان بغض النظر عن وضعه يحتاج لمساحة كافية تشعره أنه يتنفس بحرية!
وخزة
حتى الحب أحيانا إن تجاوز حدوده قد.. تختنق منه!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي