مصدر قلقها هو أنه في عالم يتطلب أسعار فائدة منخفضة حتى عندما تعمل الاقتصادات بمعدل عمالة كاملة بشكل صحي، لا يكون هناك مجال كبير لتخفيض أسعار الفائدة في أوقات الشدة، وبالتالي الاحتمال هو أن تبقى أسعار الفائدة عند الحد الأدنى القريب من الصفر لفترات طويلة.
هذا يُهدد بإيقاع الاقتصادات في فخ أنموذج النمو المنخفض والتضخم المنخفض لفترات طويلة؛ ما يضر بازدهار الاقتصادات الرائدة واستقرارها.
وشددت يلين؛ في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، على أن هناك تكاليف وفوائد على حد سواء لأهداف التضخم المرتفعة، لكنها أضافت أن "الاحتياطي الفيدرالي" سيُعيد النظر في الموضوع في وقت لاحق. "نحن نتطلع تماماً لرؤية الأبحاث من خبراء الاقتصاد التي تُساعدنا على اتّخاذ قراراتنا المستقبلية بشأن هذا الأمر".
رئيسة مجلس "الاحتياطي الفيدرالي" ليست أول صانع قرار يبحث في الموضوع. فكرة أهداف التضخم الأعلى طرحها كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، أوليفييه بلانشار؛ عام 2010، لكنها لم تكتسب قدراً يُذكر من الزخم، ورُفضت في وقت لاحق من ذلك العام من قِبل بن برنانكي؛ سلف يلين.
في عام 2014، بن برودبنت؛ نائب محافظ بنك إنجلترا للسياسة النقدية، قال إن هناك "منطقاً لا تشوبه شائبة" وراء فكرة أهداف التضخم الأعلى التي منحت محافظي البنوك المركزية مجالاً أرحب لتخفيف السياسة النقدية وتحفيز الاقتصاد عندما كان سعر الفائدة المحايد منخفضاً.
وتم رفع هذه المسألة إلى أعلى الأجندة في وقت سابق من هذا الشهر، عندما كتب مجموعة من خبراء الاقتصاد، من بينهم نارايانا كوتشرلاكوتا، رئيس "الاحتياطي" السابق في مينيابوليس، وجيسون فيرمان؛ الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين لباراك أوباما؛ إلى يلين؛ قائلين إن على "الاحتياطي الفيدرالي" تعيين لجنة للنظر في رفع هدفه البالغ 2 في المائة.
جوزيف جانيون؛ زميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وموقّع آخر على الرسالة، قال إن الولايات المتحدة تبدو "متقدمة على البلدان الأخرى" في النقاشات حول هدف التضخم، وإن هناك عدداً من الاقتصادات الأخرى، بما فيها منطقة اليورو واليابان والمملكة المتحدة، ينبغي أن تطرح أسئلة مماثلة.
في العام الماضي درس بنك كندا المسألة قبل أن يقرر إبقاء الهدف دون تغيير. وتدخل يلين؛ التي هي محافظ البنك المركزي الأكثر نفوذاً على هذا الكوكب، هو الأكثر أهمية حتى الآن.
كوتشرلاكوتا؛ الذي يعمل الآن في جامعة روشستر، قال إذا كان "الاحتياطي الفيدرالي" سيُراجع الهدف، نأمل أن هذا سيُحفّز البنوك المركزية الأخرى على فعل الشيء نفسه. وقال في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز": "الأمر المهم هو إجراء إعادة تقييم داخل الاحتياطي الفيدرالي وربما البنوك المركزية الأخرى في ضوء ظهور أدلة جديدة ونظرية جديدة".
إذا كان "الاحتياطي الفيدرالي" سيُجري مراجعة فليس بالضرورة أن يؤدي ذلك إلى تغيير، مثلما تبيّن مراجعات عامَي 2013 و2016 في المملكة المتحدة وكندا. ويعتقد صُنّاع السياسة أن فوائد هدف التضخم الأعلى الجديد ينبغي أن تكون قادرة على إزالة عقبة كبيرة وتجاوز الكثير من التكاليف والمخاطر المحتملة.
تغيير اليابان هدفها للتضخم ـ يسعى بنك اليابان الآن لتجاوز الهدف البالغ 2 في المائة ـ يقوّضه عدم قدرة البنك المركزي على رفع معدل التضخم الأساسي إلى الهدف نفسه. وفي منطقة اليورو يشعر البنك المركزي الأوروبي بالضيق من المواقف المختلفة إزاء التضخم، ولا سيما النفور الثقافي لأي زيادة في الأسعار في ألمانيا.
وهناك أيضاً قلق من أنه إذا لم ترتفع الأجور مع رفع هدف التضخم، فإن النتيجة ببساطة ستكون مستويات معيشة أقل وتحوّلاً آخر في الموارد من العمال إلى رأس المال. وعانت اليابان صعوبة كبيرة في تحقيق نمو في الأجور الحقيقية من أجل الحفاظ على مستوى إيجابي ثابت من التضخم.
تيم داي؛ من جامعة أوريجون، وهو موقّع آخر على رسالة الاقتصاديين إلى يلين؛ التي رتّبتها مجموعة الحملات "فد أب" (كفاية)، قال إن "الاحتياطي الفيدرالي" متردد بشأن تغيير هدفه للتضخم بسبب مخاوف من تشويش توقعات التضخم التي ترتكز على هدف 2 في المائة.. لكنه قال إن إعادة التفكير هي مع ذلك أمر معقول. "إذا كان لدينا مجال من عامين أو ثلاثة أعوام قبل الركود المقبل، فسنحتاج إلى التحرك فيما يتعلق بتحديد هدف التضخم المذكور في المستقبل القريب حتى نكون مستعدين".
وبالنظر إلى حجم الاضطراب الذي يلوح في الأفق في مجلس محافظي "الاحتياطي الفيدرالي" في العام المقبل، يبدو من غير المرجح أن البنك المركزي الأمريكي سينظر في إصلاح إطار عمله قريباً. يلين؛ نفسها قد لا تفوز بفترة ولاية ثانية عندما تنتهي ولايتها الحالية في أوائل العام المقبل.
لكن هناك اعتراضات كبيرة وقوية على البدائل، مثل برنامج التسهيل الكمي وأسعار الفائدة السلبية، لذلك استعداد يلين؛ لإثارة النقاش أشعل اهتماماً كبيراً في دوائر السياسة النقدية.
أضف تعليق