تفاقم تداعيات قضية طرد كومي من «إف بي آي»
عصر يوم الثلاثاء الماضي، كومي المدير المفصول من عمله في مكتب التحقيقات الفيدرالية، كان في لوس أنجلوس للقاء موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالية هناك، والظهور في احتفال توظيف عملاء المستقبل المُقرر عقده في هوليوود في مساء نفس اليوم. كومي لم يأت قط لحضور المناسبة الثانية.
أثناء كلمته أمام الموظفين، رأى كومي الخبر العاجل على الكابل الذي يفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فصله من عمله. طرده جاء في رسالة سُلّمت باليد إلى مكتب التحقيقات الفدرالية من قِبل كيث شيلر، حارس شخصي طويل الأمد لترمب، شق طريقه ليصبح من موظفي البيت الأبيض الدائمين.
طرد كومي جعل كثيرا من الناس في واشنطن يعودون بذاكرتهم إلى مشهد من عهد الرئيس نيكسون، حين قرر الرئيس السابع والثلاثون في عام 1973 طرد ممثل الادعاء الخاص أرتشيبالد كوكس، الذي كان يُحقق في اقتحام مبنى ووترجيت.
المقارنة التاريخية لا تنصف طريقة ترمب الفريدة التي تكشفت بها الواقعة، حيث إن روسيا، وعلامة ترمب التجارية، ومجموعة من "الزبائن" الدائمين، كلهم كانت لهم أدوارهم.
بدأ الأمر يوم الثلاثاء الماضي مع شيلر، ضابط الشرطة السابق في نيويورك وحارس الأمن الخاص الذي أصبح موظفا في البيت الأبيض ويقوم بأدوار لا يلاحظها الناس. لقد قام بمثل هذه الأدوار عند مرافقة زوج ابنة الرئيس، جاريد كوشنر، في رحلته الأولى إلى العراق.
بعد ظهر يوم الثلاثاء، طُلب من شيلر أخذ رسالة إنهاء خدمات كومي الرسمية إلى المقر الرئيسي لمكتب التحقيقات الفيدرالية في واشنطن. في لوس أنجلوس، اعتقد كومي في البداية أن المقطع الإخباري في التلفزيون كان مزحة، كما ذكرت شبكة سي إن إن وصحيفة نيويورك تايمز.
في غضون ساعات كان هو وموظفوه يسافرون إلى مطار لوس أنجلوس، في الوقت الذي كانت فيه شبكات التلفزيون تبث تحرّكات الموكب في الوقت الحقيقي، مثل مطاردة سيارة بسرعة بطيئة.
في الوقت نفسه في البيت الأبيض، كان شون سبايسر، الناطق الصحفي باسم البيت الأبيض الذي يتعرّض للضغط، يكافح للرد على الادعاءات بأن الرئيس طرد رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية بهدف القضاء على تحقيق حول علاقات إدارته بروسيا.
في حين إن البيت الأبيض كان في البداية صامتاً في الساعات التي تلت اندلاع الخبر، إلا أنه في النهاية قدّم كل ما في وسعه، مع ظهور كبيرة المستشارين كيليان كونواي، بعد أسابيع من صمتها الإعلامي، في مشادة كلامية على الهواء مع أندرسون كوبر من شبكة سي إن إن. سبايسر ونائبة الناطق الصحافي في البيت الأبيض سارة هوكابي ساندرز تحدثا مع قناتين أخريين.
في بعض المحافل، طرد كومي أثار على الفور التكهنات أن ترمب سيحاول تعيين حليف موثوق كمدير جديد لمكتب التحقيقات الفيدرالية. هل سيكون كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجرسي الذي وقف إلى جانب ترمب أثناء الانتخابات ولم يُكافأ في النهاية بأي شيء؟ أو رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق الذي يتحدث بصرامة؟
كما لو كان الأمر مُخططاً له، ظهر جولياني في واشنطن مساء يوم الثلاثاء الماضي، حيث شوهد في حانة – وهل هناك مكان غير ذلك - فندق ترمب الدولي بعد منتصف الليل بوقت قصير.
عند سؤاله من قِبل اثنين من المراسلين من مجلة أتلانتك ومجلة نيويورك عن أسباب رحلته في وقت متأخر من الليل إلى العاصمة واشنطن، رد جولياني المتواضع "أوه، ربما سأكون - سأكون في البيت الأبيض يوم غد. لا شيء يتعلق، أوه، يتعلق بدوري".
بعد بضع ساعات، وصلت الدراما التالية: الوصول في التوقيت المناسب لوزير خارجية روسيا، سيرجي لافروف، الذي كان قد وصل إلى واشنطن من أجل لقائه الأول مع ترمب الذي سبقته محادثات مع ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي.
في حديثه للصحافيين، حاول تيلرسون إبقاء الأحداث على المسار الصحيح. بدأ قائلاً "أريد الترحيب بوزير الخارجية لافروف في وزارة الخارجية". في نهاية البيان، قاطعه صحافي بسؤال عن طرد كومي.
هذه المرة، وزير الخارجية الروسي أخذ الطُعم. قال لافروف ذو التعابير الجادة ساخراً، "هل طُرد؟ أنت تمزح. أنت تمزح". الحيلة الأخيرة حققها ترمب بنفسه. في الوقت الذي كان ينتظر فيه مراسلو البيت الأبيض أول ظهور عام للرئيس منذ طرد كومي، سمعوا أن ترمب سيقوم بظهور على الكاميرا في المكتب البيضاوي، يُفترض مع لافروف.
عندما دخلوا إلى الحرم الداخلي وجدوا، بدلاً من ذلك، شخصية أصلية من عهد نيكسون - ليس ترمب بل هنري كيسنجر البالغ من العمر 93 عاماً، الذي كان يجلس على يمين الرئيس. أوضح ترمب أن وزير الخارجية السابق في عهد ريتشارد نيكسون جاء للحديث "عن روسيا ومسائل أخرى مختلفة".
وبالنسبة إلى اجتماعه السابق مع لافروف، أعلن الرئيس أنه كان "جيدا جداً".
وزير الخارجية الروسي ذهب خطوة أبعد من ذلك، من خلال نشر صورة من المكتب البيضاوي مع ترمب وسيرجي كيسلياك، السفير الروسي في الولايات المتحدة، الذي أثارت تعاملاته مع مساعدي ترمب مثل مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس، كثيرا من الجدل الحالي حول ترمب وروسيا.
في الصورة، كيسلياك يبتسم، وشفتاه مزمومتان. في الوقت نفسه، ترمب يُطلق ابتسامة عريضة.