جامعات اليوم .. شركات تقدم المعرفة مقابل المال

جامعات اليوم .. شركات تقدم المعرفة مقابل المال
جامعات اليوم .. شركات تقدم المعرفة مقابل المال

كلارك كير، رئيس جامعة كاليفورنيا في سنوات اضطراب الطلاب الجامعيين في الستينيات، عرّف بشكل مشهور سر إدارة جامعة ناجحة على أنه توفير كرة القدم للخريجين، ومواقف سيارات للأكاديميين.
رؤساء الجامعات في الوقت الحاضر يقولون لم يتغير شيء من ذلك، على الرغم من أنه بالنسبة إلى نظرائهم البريطانيين، هناك نوع مختلف من كرة القدم له دور مختلف. غير أن الحياة الجامعية شهدت تغيرات مذهلة منذ زمن كير. في بريطانيا حدث هذا إلى حد كبير خلسة. كانت الجامعات في السابق هيئات مستقلة أساسا تمولها الحكومة. الآن بعد أن جفت الأموال كثيرا، عليهم أن يحققوا أرباحا أو يخاطروا بالتعرض للموت.
أدى تخصيص شركات المنافع البريطانية إلى إثارة جدل كبير، لكن تخصيص مؤسساتها المكرسة للدراسة والمعرفة والتحقيق والنقاش بالكاد أصدرت صفيرا قصيرا. قبل 50 عاما، قضى جيل مرهف من الطلاب وقتهم في الاحتجاج على أي شيء وكل شيء، في كثير من الأحيان دون سبب واضح. أحفادهم الذين يواجهون عالما أكثر صرامة بما لا يقاس، مع وجود كل شيء جدير بالاحتجاج عليه "وفي كثير من الحالات يلومون أسلافهم"، بدلا من الاحتجاج يتناولون دواءهم مع قابلية لا نهائية للانقياد.
في كتابه الجديد "التحدث عن الجامعات" Speaking of Universities، يقول ستيفان كوليني، الأستاذ في جامعة كامبريدج، "إن هناك مستقبلا مقبولا بشكل شنيع"، يكون فيه "الطابع المهيمن لمؤسسات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم عبارة عن شركات متخصصة في إعداد الناس للعمل لدى الشركات". هذه وجهة نظر يشترك فيها كثير من الأكاديميين المرهَقين، الذين أصبحت حياتهم التي كانوا يُحسدون عليها في الماضي، تفتقر إلى الأمن أكثر من قبل بسبب الضغوط المتناقضة في بعض الأحيان.
ماذا عن الطلاب؟ يبدو أنهم مشغولون جدا بمحاولة الحصول على درجاتهم العلمية ووظيفة على نحو يحول دون شعورهم بالقلق فوق الحد حول مستقبل جامعاتهم.
لا يمكن وصف أي جامعة واحدة على أنها أنموذجية، لكن جامعة ليستر يمكن أن تصلح لتكون ممثلة للجامعات البريطانية: ليست قديمة جدا، وليست جديدة تماما. وليست مشهورة عالميا، لكنها جامعة محترمة بشكل هادئ. تأسست في عام 1921، باعتبارها تذكرة حية بموتى الحرب، وحصلت على مكانة كاملة من حيث قدرتها على منح الدرجات كاملة في عام 1957. وهي فخورة بالسير أليك جيفريز الذي طوّر البصمات الوراثية وعمل على تحديد الحمض النووي في الجامعة. وتفخر بمشاركتها في اكتشاف ريتشارد الثالث في موقف سيارات المدينة. وهي فخورة أيضا ببحوث الفضاء - وفخورة بكلية إدارة الأعمال الجديدة، التي تنتقل إلى مقر جديد مزخرف في العام المقبل.
ليستر لديها حرم لطيف لا يبعد كثيرا عن وسط المدينة، مع وجود معظم أماكن الإقامة على بعد مسافة قصيرة بالحافلة أو الدراجة في واحدة من أجمل الضواحي. الجميع يتحلى بالود. لكن لم يعد يحكم على الجامعات من خلال تصورات غامضة، إنما يتم تصنيفها. لا تعتبر ليستر في أعلى القمة.

نزعة المساواة

مر 25 عاما منذ أقدمت حكومة جون ميجور، في نوبة من نزعة المساواة، على ترقية جميع المعاهد الفنية الهادئة والعادية، والموجهة معظمها تقنيا، لتتمتع بمكانة الجامعة، وبذلك ارتفع عدد الجامعات البريطانية بشكل سحري من 46 إلى 140 جامعة. ليس قبل ذلك بوقت طويل، نحو 3 في المائة من الأفواج في السن نفسها كانوا يترددون على "أندية رياضية في الجامعات"، والآن نحو الخُمُسين يذهبون إلى "الجامعات".
لكن، بعيدا عن إيجاد المساواة، حولت التوسعات ما كان ذات مرة القبول على أساس تراتبي غامض إلى مجموعة من التدرجات الهندوسية تقريبا، التي تميز الطبقات بين البراهمة وأولئك المنبوذون الذين لا يجوز مساسهم. في تصنيفات المملكة المتحدة تحتل "ليستر" المرتبة 25، 26، 33 أو 47، اعتمادا على الجدول الذي تأخذ به. من حيث المرتبة العالمية، إما أن تكون في المرتبة 172، خلف كولونيا وجوتنبرج، أو 239، خلف جامعة تافتس مباشرة. بل هناك جدول للتحرش الجنسي، على الرغم من أن "ليستر" يمكنها أن تدعي بفخر أنها في منطقة الإبعاد المؤقت من العصبة، إذ لا توجد أي ادعاءات بالتحرش الجنسي في السنوات الخمس الماضية.
ومع ذلك، فهي ليست عضوا في "مجموعة رسل"، مجموعة مختارة ذاتيا لما يدَّعى أنها الجامعات النخبة في بريطانيا التي يبلغ عددها أكثر من 20 جامعة. السبب في هذا، كما أوضح بول بويل، نائب رئيس جامعة ليستر، هو ببساطة أن من كان يشغل منصب نائب عميد جامعة ليستر في بداية عهد المجموعة في التسعينيات كان يرأس أيضا الهيئة الجامعة لجميع الجامعات: شعر أنه لا يمكن أن يكون غير مخلص وينضم إلى ما يمكن أن ينظر إليه على أنه عصابة. هذا القرار المشرِّف يسبب الآن أذى كبيرا. يقول لي أحد الطلاب "أصدقائي في الوطن جميعا ينظرون إلي نظرة دونية لأن "ليستر" ليست ضمن مجموعة رسل".
ليستر بالتأكيد احتلت رأس أحد الجداول في عام 2016، وهذا الأمر مهم أيضا. فريقها لكرة القدم – التابع للمدينة، وليس للجامعة - فاز بشكل شهير ومذهل، ببطولة الدوري الممتاز. وهذا تزامن فعلا مع ارتفاع في طلبات التقديم للدراسة في الجامعة. وعلى وجه الخصوص، يبدو أن هذا ساعد على إيجاد الوعي في الصين. والصين الآن مهمة حقا.
من الستينيات إلى التسعينيات كان التعليم الجامعي مجانيا في بريطانيا، وكان الطالب يحصل فوق ذلك على منحة تتناسب مع إمكانياته. ما عدا في اسكتلندا، كل ذلك تم إلغاؤه.
تدعم الدولة تدريس العلوم، لكنها لا تدعم شيئا يذكر خلاف ذلك. يدفع الطلاب الجامعيون رسوما مقدارها تسعة آلاف جنيه استرليني. فإذا أدخلنا تكاليف المعيشة أيضا، يتوقع من الطلاب أن يغرقوا في ديون تبلغ أكثر من 40 ألف جنيه استرليني حين يحين موعد التخرج، حتى قبل التفكير في صعود سلم الإسكان العالي كالجبال في بريطانيا.
لم يعد هؤلاء الطلاب مجموعة غامضة من الذين يعرقلون في بعض الأحيان المشاريع المحببة إلى قلوب المحاضرين ويشربون النبيذ البرتغالي الحلو. هم الآن "زبائن". في مبنى الإدارة، لغة الأعمال مبثوثة في كل شيء: فريق القيادة لديه محادثات استراتيجية مع أصحاب المصلحة حول التحول المؤسسي. لا تزال الألقاب القديمة قائمة، لكن الألقاب التي يحملها نائب رئيس الجامعة والعميد والمسجل لا تختلف كثيرا عن لقب الرئيس التنفيذي ونائبه وكبير الإداريين التشغيليين. يصر نائب رئيس الجامعة على أن "علينا أن نكون على شاكلة الأعمال. علينا أن نفكر في الآثار المترتبة على ما نفعله. لكن مهمة الجامعة هي بالتأكيد مهمة علمية وتعليمية". على أساس دخل في حدود 300 مليون جنيه استرليني، حققت "ليستر" ربحا مقداره 1.5 مليون جنيه في عام 2015/2016. وهذا كما يقول نائب رئيس الجامعة، سيتم إنفاقه بالكامل مرة أخرى لتحسين الأوضاع. وهو يريد الحفاظ على نطاق المواضيع الأكاديمية واسعا ومرنا.
لكن هذا الربح ليس بأي حال من الأحوال آمنا. بموجب أحد التقديرات لا يأتي سوى ربع دخل "ليستر" من الدولة، أكثر من النصف يأتي من الرسوم الدراسية. على عكس المصارف، جامعة ليستر ليست "أكبر من أن تفشل". وبالاشتراك مع جميع نظيراتها "الإقليميات"، هي بطيئة جدا في بناء مدخرات "لاستخدامها وقت الحاجة" من الخريجين الذين أصبحوا من الأغنياء. وعلى النقيض من الجامعات الأمريكية، لم تكن الرياضة أبدا للخريجين؛ لقد كان الترفيه لا المجد. خارج "أوكسفورد" و"كامبريدج"، لم تعمل الجامعات البريطانية قط على إيجاد الشعور بالولاء المؤسسي وهذا يتبين الآن أنه فشل كارثي. يتنهد كريس شو، المسؤول عن مفهوم "ليستر" الجديد لعلاقات الخريجين، وهو يقول "أمامنا 100 سنة حتى نتمكن من اللحاق بالركب".
بول بروك، أستاذ مشارك في علم الاجتماع في كلية إدارة الأعمال، هو أيضا الأمين المشارك لاتحاد الأكاديميين في "ليستر". وهو قلق جدا من آثار التركيز على المال، خاصة في أعضاء الاتحاد "هناك شعور متزايد أننا في كرة القدم. هل سنصل إلى مرتبة الفريق الأول؟ هل سيكون لدينا مهاجم لامع؟ هل نحن في الدوري الممتاز أم في دوري الدرجة الأولى"؟
يواجه المحاضرون الآن ضغوطا لم تكن معروفة من قبل، من جهة، من أجل إجراء بحوث مهمة - ويفضل أن تكون مربحة - لكن أيضا ليكونوا معلمين رائعين وبالتأكيد محبوبين، لأن أحد أهم الاختبارات هو الاستبيان الوطني للطلبة. يقول بروك "كان لأليك جيفريس هاجس جميل حول بصمة الحمض النووي. أنت لن تكون أبدا قادرا على القيام بذلك الآن. هذه الرغبة الإبداعية الفوضوية الرائعة تصبح بعيدة إداريا عند قياسها مقابل مؤشرات الأداء. يفترض أن تكون الجامعات مليئة بالأشخاص ذوي العبقريات الشاذة".
أحد المدونين المجهولين يكتب في نشرة مختصة بنشر المواد الممنوعة تحمل عنوان "أوقات الاضطراب"، ملقيا باللوم تحديدا على كلية الأعمال الجديدة "إنها تنتج المعرفة ليتم إرسالها إلى العالم، إلا أن معارفها تستخدم أيضا بشكل متزايد لإعادة هيكلة الجامعة نفسها. في الواقع، يمكن القول إن كلية إدارة الأعمال هي الدخيل غير المرحب به الذي يعمل على إعادة تشكيل تدريجية لما هي عليه الجامعة، وإعادة تعريف الوظيفة والغايات الأكاديمية (...) معرفة كلية الأعمال توفر أنموذجا للكيفية التي يمكن أن تصبح بها الجامعة شركة للمعرفة العالمية مثل أي شركة أخرى".
هذا النوع من الانتقادات يجرح شعور البروفيسورة زوي رادنور، عميدة كلية إدارة الأعمال. وهي تستشهد بخلفيتها الأكاديمية في دراسة إدارة الخدمات وتقول "تساعد الخدمات العامة لتصبح أكثر كفاءة".
وتتابع "نحن لسنا مؤسسة لتقديم التدريب. نحن معلمون. دورنا هو السماح للأفراد أن يكونوا تأمليين وناقدين. نحن لسنا خائفين من طرح أسئلة قد تكون كليات الأعمال الأخرى خائفة من طرحها".

الطلاب الأجانب

وتقر رادنور بأن الأهمية الكبرى لكلية إدارة الأعمال تكمن في أنها تكسب المال، بسبب قدرتها على جلب الطلاب الأجانب "الذين هم، على الأقل حتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، طلاب من خارج الاتحاد الأوروبي"، معظمهم من الصينيين الذين يدفعون أكثر من غيرهم. 7 في المائة من طلاب "ليستر" هم من الصينيين، في تخصص رادنور يرتفع العدد إلى 15 في المائة وتعكف الجامعة حاليا على تأسيس حرم في مدينة داليان الصينية. وتقول العميدة "عليك أن تفهم أي أجزاء من المنظمة تصنع المال حتى تتمكن من تشغيل بقية المنظمة".
مدونة "أوقات الاضطراب" لا علاقة لها بالطلاب في "ليستر". في الواقع، يبدو اتحاد الطلاب مضطربا مثل الكاتدرائية العادية. ذكريات جامعتي الخاصة هي عن مبنى مليء بالقضايا الخلافية ودخان السجائر، والجدران مليئة بلوحات إعلانات المجتمع، والأرض مليئة بالفوضى من الورق الملقى. لم يعد لـ "ليستر" حتى حانة رئيسية لاتحاد الطلبة: فقد أغلقت بسبب عدم الاهتمام.
هناك تفسيرات كثيرة بخصوص ضغط الأقران على الطلاب للعب بجد في عصر وسائل الإعلام الاجتماعية. لكن في اتحاد الطلاب في "ليستر" الأجواء هادئة، ونظيفة، وجدية. النقطة المحورية هي عدد من المحال اللطيفة جدا للطعام، والجزء الرئيسي من ذلك هو "ستاربكس". وفي وقت متأخر بعد الظهر، يجلس عدد قليل من الطلاب في الأنحاء، معظمهم يحدقون في أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو الهواتف، محصنين بالقهوة أو المياه المعبأة في زجاجات.
معظم الشعارات، التي هي بعيدة عن كونها ثورية، عبارة عن ارشادات تعلن عن معتقدات العصر: يقول ملصق في أحد المكاتب "بعض الناس يجمعون بين الذكورة والأنوثة. يجب أن تعتادوا على ذلك"! المنشورات القليلة الموجودة في معظمها للإعلان عن توافر المساعدة: مركز المشورة الأكاديمي، وعيادة الصحة العقلية، وبرنامج توجيه الأقران. يقول أحد الإعلانات "تقديم الظروف المخففة أمر مباشر". "ويمكننا أن نساعد". الاعتراف بأن الحياة الطلابية يمكن أن تولد اليأس من الوحدة هو اعتراف طال انتظاره.
في وقت الغداء كان على المتسابقين إدارة تحد مهذب جدا من حفنة من الطلاب في ثلاثة حوامل خشبية على ساقين، اثنان منهم يبحثان عن الموظفين في النادي الرياضي. وواحد يبيع السبرينج رول لمصلحة الجمعيات الخيرية. لا يزال هناك نحو 170 ناديا وجمعية، لا أحد منها أصلي بشكل مذهل. هذا هو عصر الأقطاب السياسية المتعددة لكن أفضل الخيارات للأقلية المسيسة هما الحزبان القديمان المملان: المحافظون والعمال. تنهد أحد المحاضرين قائلا "أعتقد أن الرياضة رقم واحد هي كويدتش "لعبة سحرية خيالية". هذا يخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته، أليس كذلك"؟
حتى أحد كبار المسؤولين في الجامعة أعرب عن قلقه إزاء ميل الطلاب نحو عدم الانخراط. يقول ديف هول، المسجل "يجب على الطلاب، كجزء من تجربتهم، أن يشاركوا في القضايا السياسية الأوسع. أنت تحصل على فرصة في الجامعة لاستكشاف الأفكار وسماعها في نوع من البيئة المحمية. وهم لا يفعلون ذلك كثيرا". كانت هناك محاولة اعتصام، على ما يبدو، لكن كانت الغرفة محتلة من قبل لمحاضرة، لذلك انسحب المتظاهرون بالتدريج منها.

تكلفة متصاعدة

يبدو أن التفسير بسيط بشكل مدهش. ارتفعت الرسوم الدراسية صعودا من صفر إلى 1000 جنيه إلى 3000 جنيه إلى 9000 جنيه على مدى السنوات الـ 20 الماضية. إنها إعادة توزيع مدروسة جدا للأموال من الطلاب الذين ليس لديهم المال حتى الآن، إلى كبار دافعي الضرائب الذين يملكون المال. يجب على معظمهم الآن الحصول على قروض ليكملوا دراستهم، قبل أن يضطروا إلى التفكير في أخذ قرض عقاري.
جاءت راشيل هولاند، وهي الآن رئيسة الاتحاد، إلى "ليستر" بنفسها في العام السابق قبل أن ينكث نيك كليج، بشكل مسيء للسمعة، بوعده بإيقاف آخر ارتفاع. لاحظت فرقا كبيرا في الموقف بين آخر فوج كان يدفع 3000 جنيه والمقبوضات اللاحقة.
قالت "بدأت بسماع الناس يقولون "دفعت 120 جنيها مقابل تلك المحاضرة! الموقف الآن هو أن الدرجة العلمية أكثر أهمية من الجامعة. أصبح ذلك مجرد وسيلة لتحقيق غاية. أعتقد أن الناس يأتون الآن إلى الجامعة لغرض ما، وهم يركزون على ألا يشاركوا كثيرا. أصبحت الجامعات تدور حول الحصول على وظيفة في نهاية الأمر".
يدعم ذلك الدكتور روب دوفر، وهو الآن أستاذ مشارك في قسم العلوم السياسية، وكان من بين آخر من دخل الجامعة بالمجان في نوتنجهام القريبة "عند التفكير مرة أخرى حول ذلك الآن، كان هناك عنصر من الاستهلاكية بخصوص الطلاب الذين يدفعون 1000 جنيه. أذكر أن محاضرا أجاب على أحد الطلاب بأن هذه الرسوم كانت رخيصة للغاية لأنها أقل تكلفة بكثير من المدارس الخاصة".
في هذا العالم الجديد حلت المكتبة "المثيرة للإعجاب الكبير" محل الحانة بوصفها أهم نقطة في الحرم الجامعي. هناك المقهى الذي يبقى مفتوحا حتى العاشرة مساء، بدلا من السادسة مساء في دار الاتحاد. في الواقع، قرب وقت الامتحان يصبح المبنى مفتوحا على مدار 24 ساعة. العمل التعاوني شائع، ومجموعة من طلاب الجيولوجيا في السنة الثانية كانوا سعداء بالانفصال عن البقية والدردشة. لكن أهدافهم كانت واضحة جدا. وكما أوضحت هستر كلاريدج، من كورنوول "هناك كثير من التركيز على العمل. أنا لا أريد أن أعود إلى والدي وأقول لهما إن علي دينا مقداره 46 ألف جنيه وبدون أي درجة علمية". نعم، قالوا جميعا، كانت هناك حياة اجتماعية ومتعة - على الرغم من أنها كانت في الغالب تركز على مجموعات ذات اهتمامات معينة: الموسيقى، والرجبي، وربما كويدتش.
نواب رئيس الجامعة الأكفاء، والأساتذة الساخطون، والطلاب الملتزمون، والاستهلاكيون، وأولئك المتحمسون للعمل؛ هذا ليس عالم كلارك كير، أو حتى شخصيات رواية "بورترهاوس بلو"، أو رواية "لاكي جيم". ربما لا تزال تجد أساتذة في سترات رياضية مرقعة عند المرافق، والزي الطلابي الذي لا يزال متسخا ومن القطن الأزرق السميك. لكن تحتها اختفت الطرق التي تدل على عدم القلق والمسؤولية.
ولعل الجانب الأكثر شهرة من سخط الطلاب يدور حول القضاء على غياب التجانس، أو التوقف عن تعظيم الموتى الذين تشوهت سمعتهم، أو عدم السماح للشخصيات المثيرة للجدل بالتعبير عن آرائها في المحافل العامة. إحساسي هو أن الرقابة تمثل مجرد جزء من رأي الطلاب. معظمهم لديهم اهتمامات أكثر إلحاحا. لكن هل من السخف أيضا أن نتمنى أن يكون لدى الطلاب الحديثين متغايرات أكثر خاصة بهم، وسحر أكثر، وجواب أكثر وقاحة، ومزيد من التمرد، وفردية أكثر، ومزيد من اتساع الأفق، وقدر أكبر من اللاعقلانية اللعينة؟ ربما يمكن لكلية زوي رادنور للأعمال أن تساعد على تعليم مثل هذه الأشياء.

الأكثر قراءة