استقلالية مجلس الإدارة شرط أساسي لدوره الرقابي

استقلالية مجلس الإدارة شرط أساسي لدوره الرقابي

أثار قرار "بلاك روك" الذي يقضي بتعيين مخضرم قضى 17 عاما عضوا في مجلس الإدارة، ليصبح العضو المستقل الأول الجديد في الشركة، تساؤلات لدى بعض مستثمريها.
بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، التي تستخدم نفوذها للضغط من أجل إدخال تحسينات على إدارة الشركات في كثير من الشركات المدرجة في محفظتها الاستثمارية، تستخدم موراي جيربر للاضطلاع بدور مهم، في وقت بدأ فيه العديد من صناديق المعاشات التقاعدية الكبرى يشعر بالقلق بشأن فاعلية مثل هؤلاء الأعضاء الموجودين منذ أمد بعيد.
بالنسبة للمتبحرين في قواعد حوكمة الشركات البريطانية، تبدو فكرة تأهل شخص كان عضوا في مجلس الإدارة منذ عام 2000 ليشغل منصب العضو المستقل الأول بأنها فكرة تبعث على الدهشة. يفترض قانون حوكمة الشركات في المملكة المتحدة أن أعضاء المجلس يفقدون استقلاليتهم بعد تسع سنوات من الخدمة، استنادا إلى النظرية التي مفادها أنهم يصبحون دفاعيين جدا عن الوضع الراهن، أو قريبين فوق الحد من الإدارة على نحو يحول دون قدرتهم على الوفاء بدورهم الرقابي بفاعلية. وتجدر الإشارة إلى أن معظمهم يتنحى قبل الوصول إلى تلك المرحلة.
وهذا ليس الافتراض السائد في الولايات المتحدة، البلد الذي أدرجت فيه شركة بلاك روك. لا توجد تعليمات حوكمة أمريكية مكافئة. وتتطلب قواعد الاستقلالية في بورصة نيويورك فقط ألا يكون العضو قد عمل في الآونة الأخيرة لدى الشركة. لا غرابة في أن عضو مجلس الإدارة الأمريكي العادي يعمل في منصبه مدة تزيد على عامين عن الفترة التي يقضيها عضو مجلس الإدارة في المملكة المتحدة ويكون أكبر سنا بخمس سنوات.
الرأي السائد في الولايات المتحدة هو أن الاستقلالية حالة ذهنية. وهذا صحيح بالطبع. جيربر هو رئيس تنفيذي سابق لـ "إي كيو تي"، شركة استكشاف الغاز الطبيعي، وأعيد انتخابه عضوا في مجلس إدارة شركة بلاك روك في السنوات الأخيرة بعد حصوله على أكثر من 98 في المائة من تأييد المساهمين. واختير من قبل بقية أعضاء المجلس المستقلين لما يتمتع به من قدرة على الحكم ومهارات قيادية ومعرفة بالشركة، وفقا لبيان التوكيل الصادر عن الشركة.
وبما أن بلاك روك ما زالت تدار من قبل مؤسسها القوي، لاري فينك، الذي يجمع بين دوره رئيسا تنفيذيا ورئيسا لمجلس الإدارة، فإن قدرة جيربر على التصرف بحيث يكون محور التوازن في مواجهة فينك تعد مؤهلا حاسم للعب ذلك الدور. سيشعر بعض المستثمرين بالقلق بشأن استقلاليته، لأن الرجلين عملا جنبا إلى جنب في مجلس الإدارة لفترة طويلة للغاية. وسيخشى بعض آخر من أنه لو جاء عضو للمجلس غير ضليع في تاريخ الشركة وأعمالها، فإنه لن يتمتع بالجدية والوقار الذي يجعله قادرا على تحدي فينك.
هذا هو النقاش الذي يجب على بلاك روك إثارته الآن مع مساهميها. شركة كالبرز، صندوق المعاشات التقاعدية في كاليفورنيا، تضع حدا نهائيا مدته 12 عاما، وبعد ذلك تعتبر أن أعضاء مجلس الإدارة يخسرون استقلاليتهم، في حين أن صندوقا آخر، هو "كالسترس"، بدأ أيضا التركيز على طول الفترة التي يقضيها الشخص في عضوية مجلس الإدارة.
تقول آن شيهان، رئيسة حوكمة الشركات في كالسترس: "إن اختيار عضو مجلس إدارة أول هو مسألة فن أكثر منها علما. مثل هذا العضو موجود منذ فترة طويلة، ونحتاج لأن نعلم السبب في أنهم يشعرون بأن ذلك هو الشخص الأفضل. نحن نحتاج لمعلومات أكثر قليلا".
راخي كومار، رئيس إدارة الأصول في شركة ستيت ستريت للمستشارين العالمية، أحد أكبر عشرة مساهمين في بلاك روك، يقول إن مثل هذه التعيينات تثير تساؤلات. "هل يتسم ذلك الشخص بالنزاهة؟ لماذا تم اختيار ذلك الشخص؟".
كانت شركة ستيت ستريت قوية بشكل خاص من بين المستثمرين المؤسسيين الكبار عندما يتعلق الأمر بجعل مجالس الإدارة أحدث وأكثر تنوعا. في الواقع، تذكر بلاك روك بالذات على أنها حالة دراسية لتوضيح كيف يستطيع برنامج الانخراط فيها إحداث التغيير.
تقول الشركة في تقريرها السنوي الصادر حديثا حول الإشراف: "طلبنا من الشركة تعزيز تقارير الإفصاح العام لديها بخصوص دور العضو المستقل الأول. في أيلول (سبتمبر) 2016، نشرت الشركة المبادئ التوجيهية للعضو المستقل الأول فيها، التي تقدم وصفا أكثر قوة للدور والمسؤوليات مما كان يكشف عنه سابقا".
إذا كان ذلك يبدو مهذبا إلى حد لا يصدق، هناك قوة وراء اشتراك شركة المستشارين العالمية مع بلاك روك ومئات شركات المحافظ الأخرى. فقد كانت تتفحص مجالس إدارة الشركات التي يكون فيها متوسط فترة العضوية أعلى بكثير من المتوسط على مستوى الولايات المتحدة، وكانت تهدد بالتصويت ضد الأعضاء في تلك الشركات. بشكل عام، صوتت شركة ستيت ستريت ضد 731 عضوا على الصعيد العالمي العام الماضي بسبب ممارسات التحديث الضعيفة لدى مجالس الإدارة.
بالمناسبة، متوسط المدة التي يقضيها عضو مجلس الإدارة في بلاك روك ليس أعلى من الوضع الطبيعي، لأنها جلبت ستة أعضاء جدد خلال خمس سنوات للعمل جنبا إلى جنب مع الأعضاء الموجودين منذ فترة أطول، مثل جيربر. وليس هناك أي سبب خاص للاعتقاد بأن المساهمين سيعترضون على تعيينه.
لكن الحجة الداعمة لتوحيد قواعد الاستقلالية لا تزال حجة قوية، لأنها تلغي الحاجة إلى إجراء محادثات حساسة وذاتية يمكن أن يكون فيها طلب تجديد مجلس الإدارة بمنزلة هجوم على الأفراد ويضع الشركات في موقف دفاعي.
لم يخسر جميع الأعضاء الذين قضوا فترات طويلة جدا في مجالس الإدارة استقلاليتهم، لكن حوكمة الشركات يمكن أن تكون في حال أفضل لو كانت الفترات أقل.

الأكثر قراءة