هل تخلت الصناعة عن الرمال النفطية؟
يناضل قطاع الرمال النفطية في كندا من أجل استرداد عافيته، مع احتمال بقاء مليارات البراميل من النفط الخام في باطن الأرض بشكل دائم. تكاليف استثمار هذه الموارد باهظة جدا، وتعتبر من أكثر مصادر النفط تكلفة في العالم. خلافا للتنقيب عن مصادر النفط التقليدية أو حتى النفط الصخري، فإن عمليات الإنتاج من الرمال النفطية في كثير من الحالات أشبه بالتعدين السطحي. عادة النفط في الرمال النفطية يكون عالي اللزوجة، وشبه صلب مثل القار، ويتطلب عمليات إضافية لاستخراجه ومعاملته قبل أن يتم شحنه. خلافا لعمليات إنتاج النفط التقليدي، التي تتطلب عادة مجرد الحفر في الحقل النفطي ومن ثم ضخ النفط الخام عبر الأنابيب.
نتيجة لذلك، أسعار تعادل مشاريع الرمال النفطية في كندا هي أعلى بشكل كبير من معظم الأماكن الأخرى في العالم. ومن الواضح أن التكاليف تختلف من شركة إلى أخرى ومن مشروع إلى آخر، ولكن بعض التقديرات وضعت متوسط أسعار تعادل مشاريع الرمال النفطية الجديدة Greenfield التي تطورت بأسلوب التعدين السطحي ما بين 85 و 95 دولارا للبرميل. في حين أن المشاريع التي تتضمن عمليات حفر ومعالجة بالبخار SAGD يمكن أن تكلف ما بين 55 و65 دولارا للبرميل. مع هذه الأرقام، من السهل جدا أن نستنتج لماذا فقط عدد قليل جدا من المشاريع الجديدة، إن وجد، سيعتمد على المدى القريب والمتوسط، خصوصا إذا ما كانت هناك فرص تنقيب عن النفط أقل تكلفة في أماكن أخرى من العالم.
ما يجعل الأمور أسوأ، أن النفط الكندي يتداول عادة بأسعار أقل من خام غرب تكساس الوسيط، ويرجع ذلك إلى أنه أقل جودة ويحتاج إلى أن ينقل لمسافات أطول. كما أن قلة طاقات خطوط الأنابيب تدفع المنتجين إلى تخفيض الأسعار، حيث إنهم يسعون إلى الحصول على سعة تصديرية في الأنابيب القائمة. عدم وجود طاقات خطوط نقل كافية يجعل بعض إنتاج الرمال النفطية ينقل بواسطة الخطوط الفرعية، وهذا هو السبب الذي يدفع الجماعات المدافعة عن البيئة لاستهداف بناء خطوط نقل جديدة أمثال كيستون XL ومشروع التوسعات عبر الجبال.
وأخيرا، تطوير مشاريع الرمال النفطية يتطلب مليارات الدولارات، التي تمتد فترة سدادها على مدى عقود. لكن الشيء الإيجابي بالنسبة للمنتجين في تطوير مثل هذه المشاريع أنها توفر إنتاجا ثابتا لسنوات طويلة. ولكن هذا لم يعد من الأولويات القصوى لشركات النفط العالمية التي تأمل تجنب استثمار مبالغ كبيرة في مشاريع ذات فترات سداد طويلة. أسواق النفط متقلبة للغاية، لذلك الاستثمار في مشاريع النفط الصخري ذات دورة التطوير القصيرة يعتبر أكثر جاذبية في الوقت الحاضر حتى لو أن آبار النفط الصخري تتلاشى تدريجيا خلال سنوات قليلة.
باختصار، قطاع الرمال النفطية في كندا يجاهد ليظل قادرا على المنافسة في أسواق تغيرت بشكل كبير عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
وأوضح مثال على هذه المشكلة جاء من شركة إكسون موبيل أخيرا، عندما شطبت الشركة 3.3 مليار برميل من موارد الرمال النفطية الكندية من احتياطياتها المثبتة. عملية الشطب هذه كانت لافتة للأنظار لعدة أسباب. أولا، كانت لافتة للنظر ذلك أن شركة إكسون رفضت القيام بتخفيض أصولها أو شطب بعض احتياطياتها النفطية حتى خلال أسوأ دورة انخفاض في أسعار النفط. ما دفع هذا التصرف لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إلى القيام بالتدقيق في سجلات شركات النفط الكبرى، فضلا عن تحقيقات أخرى في بعض الولايات والمدن الرئيسة مثل نيويورك. هذا التدقيق أثر بالتأكيد سلبيا في أحدث أرقام احتياطيات النفط والغاز التي قدمتها الشركات.
إن عملية شطب كميات من الاحتياطيات المثبتة للنفط يعني الكثير بالنسبة إلى موارد الرمال النفطية في كندا. على سبيل المثال، شطب شركة إكسون 3.3 مليار برميل من احتياطياتها يعني أن هذه الموارد غير مربحة في ظل الأسعار السائدة في الوقت الحاضر. وهذه حقيقة مرة بالنسبة للصناعة، حيث إن هذا النفط سيبقى في باطن الأرض ما لم تنتعش أسعار النفط بشكل كبير. إن هذه الكمية تمثل نحو 15 في المائة من مجمل احتياطيات الشركة المثبتة.
وجاء إعلان شركة إكسون بعد فترة وجيزة من قيام شركة كونوكو فيليبس أيضا بشطب جزء من موارد الرمال النفطية من احتياطياتها المثبتة. حيث قامت بشطب 1.15 مليار برميل من احتياطيات الرمال النفطية قبل يوم واحد من الشطب الذي قامت به شركة إكسون، وانخفضت على أثره احتياطيات الشركة إلى أدنى مستوى لها في 15 عاما.
مع كل ذلك، من المتوقع أن يشهد إنتاج النفط الكندي بعض الزيادات على المدى القصير من مشاريع الرمال النفطية التي تم التخطيط لها منذ سنوات ولكنها فقط بدأت أخيرا بالإنتاج تباعا. وبمجرد أن تبدأ جميعها بالإنتاج، لم تتبق إلا مشاريع إضافية قليلة جدا أبعد من هذه الفترة. ومن المؤكد أن الطاقات الإنتاجية النفطية الضخمة في مقاطعة ألبرتا ستبقى تنتج لسنوات قادمة، وخلافا لآبار الصخر الزيتي، فإنها تستمر في الإنتاج لفترة طويلة جدا. ولكن النمو غير العادي الذي راهنت عليه المقاطعة، الذي سيدفع الزيادات في الإنتاج على مدى العقود القليلة المقبلة، قد لا يتحقق ما لم تعد أسعار النفط إلى مستويات ما قبل عام 2014.
لقد كان شعار الجماعات المدافعة عن البيئة القلقة بشأن تغير المناخ هو "إبقاؤه في الأرض". ولكن على ما يبدو أن انخفاض أسعار النفط وعدم قدرة موارد الرمال النفطية في كندا على المنافسة، هي التي ستبقي هذه الاحتياطيات الضخمة في باطن الأرض وليس الشعارات.