البضائع الرديئة
انتشرت خلال الفترة الماضية طرفة تتحدث عن تاجر صيني شاهد من يستوردون منه البضائع حريصين على صلواتهم وطعامهم أن يكون حلالا، لكنهم حين اختاروا من المصنع قرروا شراء أردى ما فيه، ووضع عبارة صنع في فرنسا على الملابس، وتساءل الرجل كيف يقبلون على أنفسهم أن يغشوا مواطنيهم على الرغم من تدينهم الظاهر؟
الواقع أن القصة قد تكون من نسج الخيال، لكنها تحكي حالا حقيقية مؤسفة، نقع غالبا فيها وهي ربط التدين بالعبادات وإهمال العلاقات والمعاملات، التي هي أساس من أسس الدين التي نشرت الإسلام في أغلب دول العالم. القيم العليا التي كان عليها من نشروا هذا الدين ظلت لقرون السبب الأساس في الإسلام وأهله.
ها نحن اليوم نشاهد أسواقنا تبنى على معلومات مزيفة بشكل لا يمكن أن يسيطر عليه سوى قرار قوي ونشر موازٍ لوسائل الرقابة والمحاسبة في كل مراحل عملية الاستيراد والتصنيع المحلي. المشكلات التي نواجهها اليوم من انخفاض الجودة وعدم العناية بصحة وسلامة المستهلك أتت في الأساس من تبني مثل هذه السلوكيات التي وإن بدت سامحة للمستهلك بالحصول على بضاعة رخيصة إلا أنها في النهاية تمثل هدرا في جوانب مختلفة.
عندما تنتشر هذه الممارسات ولا تجد من يحاربها، فنحن على موعد مع صناعة رديئة في الداخل تحتاج إلى البقاء من خلال أسعار منخفضة تنافس القادم من الخارج، ومع الوقت تترسخ فكرة المنتج الرديء، الذي تقدمه مصانعنا لنبقى بعيدين عن المنافسة، وهو ما يدفع القدرة الاقتصادية للبلاد إلى التراجع.
أمر تحاول جهات الرقابة على المواصفات والمقاييس والجودة أن تتفاداه بوضع تشريعات تحافظ على المداخل من التلوث بمرض انخفاض الجودة، الذي لا بد أن يوازيه جهد آخر في منافذ البيع بالجملة والتجزئة. يمكن أن يدخل في المعادلة العمل المهم الذي يهدف إلى التخلص من معامل الإنتاج التي تقع في مواقع غير مجهزة للعمل، ويمارس من خلالها أشخاص غير مرخصين عمليات التقليد التي انتشرت بشكل غير مقبول أبدا.
كل هذه الجهود لن تؤتي ثمارها دون وجود علامات تؤكد الالتزام بالجودة والمعايير العالمية والتزام المستهلك بشراء المنتجات المجازة، والإبلاغ عن عمليات الغش التجاري التي تمارس في السوق، لنتحول إلى بيئة اقتصادية منتجة، ذات مصداقية قادرة على الانتشار والمنافسة.