مصروف الجيب .. إفساد لأطفالنا أم فرصة ليتعلموا إدارة الأموال؟
دائما ما كانت لدي ميول نحو قطعة النقد التي تساوي 50 قرشا. قبل عقود كان والدي يضع في يدي هذه القطعة النقدية، مصروف جيب، في طقس يتكرر صباح كل سبت.
سرعان ما كنت أهرع نحو محال تجارية في نهاية الشارع الذي كنت أقطن فيه، وأحصل على نسخة من "سماش هيتس" أو مجلة "جاكي" وأشتري بالمبلغ المتبقي بعض الحلويات (أتذكر تلك الأيام بكل حزن عندما كان يمكنك الحصول على قطعتين من حلوى الموجو مقابل قرش واحد).
بدأ مصرف هاليفاكس إجراء دراسة استقصائية تتعلق بمصروف الجيب السنوي في الوقت نفسه تقريبا. في عام 1987 كانت قيمة متوسط مصروف الجيب الأسبوعي المعطى للأطفال ممن تراوح أعمارهم بين ثمانية و15 عاما 1.13 جنيه (ما يعادل 2.92 دولار اليوم، مع احتساب التضخم).
تحتفل تلك الدراسة الاستقصائية الآن بالذكرى السنوية الـ 30 - ويمكنني الكشف عن أن أطفال اليوم يتمتعون بارتفاع كبير في المصروف يصل إلى مستوى أعلى من التضخم، مع وصول متوسط مصروف الجيب الأسبوعي إلى ما يزيد قليلا على سبع جنيهات، وفقا لـ "هاليفاكس" - مرتفعا أكثر من 500 في المائة خلال 30 عاما - وهو أعلى مستوياته منذ الأزمة المالية. في لندن يقترب المبلغ الأسبوعي من ثمانية جنيهات.
باعتباري طفلة كانت تحصل على ما تريده من أنواع الحلوى المختلفة، كانت فكرتي الأولى هي: "الصغار المدللون". مع ذلك قال 41 في المائة من الأطفال الذين شملهم المسح الاستقصائي الذي شارك فيه 1200 طفل، إن هذا لا يزال غير كاف (مع الأسف، لم يتم توثيق رد فعل الأهالي الذين شملتهم الدراسة الذين بلغ عددهم 600 أب وأم).
إذن، هل نحن نعطيهم أكثر مما يجب، أم أن كرمنا معهم يتيح لهم مجالا أكبر لتعلم قيمة المال؟
بالطبع، الرقم سبعة جنيهات في الأسبوع الواحد هو مبلغ متوسط، تولد من حجم عينة صغيرة لأشخاص من فئة عمرية واسعة النطاق. من المؤكد أنني كنت أحصل على مصروف جيب أقل بكثير عندما كنت في الثامنة من عمري مما كنت أحصل عليه وعمري 15 عاما. عند ذلك العمر تحول الأمر ليصبح مخصصات شهرية، مدعومة بوظيفة أيام السبت - ندرة نسبية بالنسبة للأشخاص في عمر 15 عاما اليوم.
يتفق زملائي على أن الانتقال إلى مرحلة الحصول على مخصصات يأتي عندما يشعر المرء بالانتقال إلى مرحلة البلوغ. وبما أنه كان يدفع المبلغ من خلال حساب مصرفي، بدلا من دفعه نقدا، كان ذلك عادة هو الوقت الذي تحصل فيه على أول بطاقة مصرفية لك (لا يزال يمكنني تذكر معاودة التوقيع نفسه مرارا وتكرارا في الفترة التي كانت تسبق ذلك اليوم المشهود - لم تكن هناك أية رقائق أو رقم تعريف شخصي في تلك الأيام).
كان بعض الآباء يعطون أطفالهم مبالغ كبيرة من المال، لكن كان يتعين عليك بالطبع الحصول على كل شيء (بما في ذلك الملابس وتكلفة الذهاب إلى المدرسة وثمن وجبة الغداء) من هذا المبلغ. بعض آخر - بمن فيهم أمي وأبي - فكان يعطي أطفاله مبلغا أساسيا جدا، لكن كان يمكن بعد ذلك التعرض للإزعاج بطلب شراء زي غريب، وفي الواقع جعلتهما يدفعان لي مقابل أشياء أخرى قليلة مثل دروس تعلم الساكسفون.
الهدف من تقديم مصروف الجيب هو تعلم كيفية إدارة شؤونك المالية قبل الدخول إلى الواقع المؤلم لعالم القروض الطلابية أو بطاقات الائتمان. أما الدرس الأكبر فهو ما يحصل عندما ينفد منك المال. الوصول إلى هذه المرحلة أمر رهيب، لأن ذلك يجردك من استقلاليتك. وتعلم كيفية موازنة الأمور المالية وجعل المال كافيا لفترة تمتد لشهر كامل كان الحل الوحيد.
لكن الأطفال اليوم لا يمكنهم الانتظار حتى الوصول إلى سن المراهقة كي يمتلكوا بطاقتهم الخاصة بهم. فالأشياء التي يرغبون في شرائها موجودة في العالم الافتراضي، حيث لا جدوى من استخدام الأموال النقدية - وأفكر هنا في برامج الهواتف المحمولة والتنزيلات الرقمية وعمليات شراء التطبيقات المريعة اللازمة لشراء مزيد من الرصيد لاستكمال اللعب في ألعاب موجودة على هواتفهم المحمولة.
يستطيع الأطفال الصغار ممن هم في سن السادسة الآن الحصول على بطاقات خاصة بهم. هل ينبغي لنا الشعور بالصدمة - أم احتضان فرصة التعلم المتاحة؟
إذا اشترك الوالدان في خدمة بطاقات مدفوعة مسبقا، مثل جوهنري، أو أوسبر، أو نيمبل، يمكنهم تحميل مصروف الجيب لشراء تلك البطاقات - التي يستطيع الأطفال استخدامها لسحب الأموال النقدية من أجهزة الصراف الآلي، وشراء أشياء عبر الإنترنت وتقديم مدفوعات دون الحاجة إلى اتصال.
هناك عدة طرق لتقنين الإنفاق والحد منه، بما في ذلك إبطال مفعول البطاقات، ويكون لدى الأب والطفل القدرة على متابعة جميع المعاملات والحركات المالية من خلال تطبيق. وكل هذا مقابل رسم شهري.
هذه المراقبة تمنح المزيد من التحكم أكثر مما كان متاحا لأمي وأبي على عادات الإنفاق لدي حين كنت في سن المراهقة. لكنني متأكدة أنني كنت سأكره تلك الفكرة عندما كنت في عمر 15 عاما. مع الأسف، الوقت الذي نطلب فيه بشكل تقليدي مساعدة الوالدين هو عندما تسوء الأمور.
حصل مثل ذلك الأمر الشهر الماضي. أصيب ابن زوجي الذي يبلغ من العمر 20 عاما بالذهول عندما علم أنه مطلوب منه دفع ما يزيد على 65 جنيها مقابل سحب رصيد على المكشوف لم يكن مصرحا به.
كان رد فعله الفوري: "كيف حصل هذا – لم أسحب أي رصيد على المكشوف". لكن كما تبين لنا، التأخير في الحصول على البيانات عن مدفوعات بلا اتصالات يعني أن البطاقة الخاصة بك ستبقى تعمل حتى وإن لم يبق رصيد في حسابك.
وكان الخطأ الذي وقع فيه هو افتراض أنه طالما كان لا يزال يمكنه سحب المال، فلا بد أن الوضع على ما يرام. بما أن الأمر استغرق ما يصل إلى أربعة أيام حتى تظهر قائمة المدفوعات، حتى وإن كان يتحقق من حسابه من خلال التطبيق المصرفي الإلكتروني يوميا (وهو لم يكن يفعل ذلك)، كان لا يزال في الإمكان أن يقع في هذا المأزق.
إن ارتكاب أخطاء مثل هذا يوفر فرص تعلم قيمة. فهو الآن يتحقق من حسابه المصرفي يوميا، ويبدي الحذر من السحب. وبسبب إصراري، ذهب إلى المصرف الخاص به، بمفرده، وطالب بإعادة رسوم السحب من الرصيد على المكشوف. وبعد الدخول في جدال، استسلم المصرف - وشعر بالروعة لانتصاره.
صحيح أن تعليم الأطفال فيما يتعلق بشؤونهم المالية يبدأ من مصروف الجيب، لكن من المؤكد أن الأمر لا ينتهي عند ذلك الحد.