الدبلوماسية الاقتصادية السعودية

يمثل الاقتصاد، لا سيما في المرحلة الراهنة، أولوية ملحة لكل دول العالم. لا سيما أن إعادة توزيع ميزان القوة تستند بصورة كبيرة إلى المعيار الاقتصادي. لذا فقد تنامى دور الدبلوماسية الاقتصادية بصفتها عاملا أساسيا للقوة والنفوذ كما النمو والركض من أجل ذلك. لذا فقد نشطت دول العالم في دراسة وجهات دولية جديدة تتوافر فيها تلك الفرص. ويؤدي دور الدبلوماسية الاقتصادية هذه كل أجهزة الدولة من دبلوماسية خارجية واقتصادية واستثمارية وتجارية وثقافية وتعليمية. ويبدو واضحا أن الدبلوماسية الاقتصادية السعودية تسعى لتحقيق هدفين مكملين لبعضهما بعضا هما الاستثمار الخارجي والاستثمار الداخلي، وكرديف لذلك: السياسة الخارجية والداخلية. والدبلوماسية الاقتصادية نوع من أنواع الدبلوماسية الأولية تعنى بشؤون السياسة الاقتصادية من حيث الدراسة والتحليل والتوصيات وتفعيل هذه التوصيات وتطوير المصالح الاقتصادية واستكشافها.
ومن الدول التي برزت بشكل كبير في تعزيز العلاقات الاقتصادية دبلوماسيا في المنطقة هي المملكة، كما الولايات المتحدة وفي أوروبا فرنسا وفي الشرق الآسيوي الصين. والجولة الضخمة التي يقوم بها الملك سلمان الآن في آسيا ووفده الاقتصادي والتجاري والاستثماري الرفيع الذي يقوم بدور عملي على أرض الواقع هي صورة واضحة لدور الدبلوماسية الاقتصادية في السياسة الخارجية على المستوى الدولي. سبق ذلك زيارة الأمير محمد بن سلمان لعدد من الدول لتعزيز هذا الدور، كما مئات الزيارات المتبادلة خلال العامين الماضيين من وفود سعودية رفيعة لإبرام وعقد صفقات الاستثمار. ومن ذلك أيضا مشروع تحسين بيئة الاستثمار المحلية للمستثمر الأجنبي على مختلف المستويات والأصعدة، ولا سيما أن للسعودية كقوة سياسية سمات إضافية جاذبة. وهذا ما تبحث عنه الدول في علاقاتها المتجددة. إذ نظرا لتغير مفهوم العولمة بات من المهم البحث عن فرص جديدة من خلال قاعدة: تعزيز العلاقات الدولية بالاقتصاد، ولا سيما العلاقة بين الاقتصاد والدبلوماسية هي علاقة طردية، فالفاعلية الدبلوماسية التي تعبر عنها قوة العلاقات هو نجاح للدبلوماسية الاقتصادية، والعكس صحيح. وبالتالي ومن خلال هذه العلاقات الاستثمارية الناجحة تتعزز قوة الدولة ونفوذها وتأثيرها في الساحة الدولية.
وكانعكاس لتطورات ما يحدث في العالم، لم تعد المهمات الدبلوماسية التقليدية الروتينية تعمل وحيدة في مقابل انتعاش الدور الدبلوماسي الاقتصادي التنموي، الذي يقود القضايا الحيوية بين الدول. لا شك أن الاقتصاد يقود السياسة وهو المحرك والضامن لاستمرارية العلاقات الدبلوماسية وذلك بطبيعة الحال حفاظا على المصالح المشتركة. ونجاح السياسة الخارجية هو نجاح للسياسة الداخلية. والاقتصاد أهم أهداف هذا النجاح الذي يأتي في مقدمة الأولويات. لذا فالمعيار الحقيقي والأهم الآن في العلاقات الدولية هو حجم الاتفاقيات التجارية والاستثمارية بين الدول، وهي المؤشر الأهم على متانة العلاقات. دول العالم لا سيما القيادية منها الآن تركز اهتمامها على القوة التنافسية لاقتصادها بغية الانفتاح على العالم الخارجي أو الاستمرار في الوجود القوي في العالم وإحداث تأثير في ساحته. ولا شك أن تطوير الأدوات الدبلوماسية بغلبة الاقتصاد في زمن التحديات السياسية والحروب وتفتت الدول وتراجع أدوار كثير منها هو الضامن الأساس للحفاظ على السلم والأمن والتنمية المستدامة ومحاربة الإرهاب. ولا شك أن السعودية تواصل حصد مزيد من الكروت الرابحة على مستويات عدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي