«أُلايد» يخيّر «براد بيت»: وطنك أم زوجتك؟
للمرة الثالثة يهبط الممثل براد بيت على أرض المملكة المغربية الوادعة لتصوير بعض المشاهد من فيلمه الرومانسي الدرامي بامتياز ألايد «Allied»، وعلى الرغم من انخفاض إيراداته، إلا أن هذا لا يعني وجود خلل في الفيلم، فمن الممكن أنه يحكي قصة قوية ودراما محكمة لكنها لا تتأقلم مع المزاج العام لعشاق السينما، مع الإشارة إلى أن الدقائق الأولى من الفيلم تمشي فيها وتيرة الأحداث ببطء، لكن سرعان ما تنقلب وترى نفسك متسمراً أمام شاشة السينما لمدة ساعتين من دون تشتت، ويعتريك الشوق لمعرفة النهاية.
تدور أحداث الفيلم خلال فترة الحرب العالمية الثانية، حول ضابط مخابرات القوات الجوية الملكية الكندية يدعى ماكس فاتان يقوم بدوره الممثل براد بيت، يقع في غرام زعيمة المقاومة الفرنسية ماريان بوسيجور، التي تجسد دورها النجمة الحائزة على جائزة أوسكار لأفضل ممثلة سنة 2008 "ماريون كوتيار"، حيث سيشك ماكس في كون زوجته جاسوسة وليست زعيمة المقاومة الفرنسية كما ادّعت، فيبدأ في التحقيق حول هذا الأمر.
البداية من كازابلانكا
التقى ماكس بماريان في كازابلانكا المغربية واجتمعا في مهمة قتل السفير الألماني، لعبا دور الزوج والزوجة أمام بعض معارفهما في المغرب، وبعد نجاح المهمة طلب منها أن تصبح زوجته وترافقه إلى إنجلترا للعيش سويا، لم يمر ثلاثة أسابيع حتى تمت الموافقة على نقلها إلى جنوبي إنجلترا لتبدأ مع ماكس حياة جديدة مليئة بالحب، وأنجبا طفلة ليشكلا عائلة مثالية.
#2#
ومن اللافت أنه أثناء ولادة ماريان لطفلتها آنا عمل المخرج روبرت زيميكس صاحب الملحمة السينمائية الشّهيرة "Forrest Gump"، على تقديم هذا المشهد بتناغم إخراجي رائع، حيث كان القصف والمدافع يضج في كل مكان والقتلى والجرحى ملقاة على الأرصفة، في حين ماكس يحمل زوجته راكضاً بها ليضعها على السرير فتأتي اثنتين من الممرضات ويساعدانها على الإنجاب، في ظل أجواء ظلامية لا تبهق إلا أنوار المدافع، وبعد الصرخة الأولى للطفلة ينخفض صوت المدافع إلى حد الاختفاء، فتدخل بمشاعرك مع الزوجين اللذين يضمان طفلتهما الأولى، ولم يقف إبداع المخرج عند هذا المشهد، بل استطاع أن يطلق كاميراته بوعي ذاتي أظهر براد بيت وماريون كوتيار في أفضل أداء لهما، كما أنه قدم فيلم تجسس بكل بريق الكلاسيكية، مع الإشارة إلى أن فيلم Allied هو ثاني أفلام ماريون كوتيار عن الحرب العالمية الثانية بعد فيلمها (Lisa) عام 2001، ورابع أفلام براد بيت عن الحرب العالمية الثانية، بعد أفلامه (Inglourious Basterds) و(Beyond All Boundaries) عام 2009، و(Fury) عام 2014.
أخبروه أنها جاسوسة
عاشت ماريان وماكس لحظات جميلة مع آنا وما إن بلغت السنة من عمرها حتى بدأت القصة تأخذ مجراها الحقيقي، ولا شك أن كاتب السيناريو ستيفن نايت المتخصص أصلاً في كتابة سيناريوهات المسلسلات التلفزيونية، قد أبدع في حبك الأحداث بطريقة مشوقة، كانت تمضي الأحداث بسرعة إلى أن وصل إلى الحبكة الأساسية، حينما أخبر قادة ماكس أن لديهم أدلة يقينية على أن زوجته، أم طفلته، جاسوسة تعمل لحساب الألمان.
قوة حبه لها جعلته يرفض كلام قادته في البداية إلا أن احترافيته في عمله حتمت عليه التقصي والبحث عن الحقيقة، خاصة أنهم أكدوا له أنها كانت تعمل لحسابهم منذ التقته في المغرب، وأنَّها تمرر المحادثات إلى برلين عبر جهاز إرسال واستقبال لا سلكي. وهي ليست ماريان بوسيجور بل منتحلة شخصيتها بعد وفاة ماريان الحقيقية في فرنسا قبل عامين، واتفقا معه على التحقق من الأمر عبر كمين ينص على تمرير رسالة لها يكتبها على ورقة جنب السرير، وإذا ما وصلت الرسالة إلى الألمان فهذا يعني أن الأمر حقيقي وبحسب القانون لا بد أن يقتلها بيديه من أجل وطنه.
ذهب ليتحقق بنفسه
لم يكتف ماكس بهذا الاختبار بل توجه إلى أحد الأشخاص الذين يعرفون ماريان سابقا أخذ معه صورتها ليتأكد ما إذا كانت هي، آملا طوال هذه الفترة أن يكون الأمر كذبة أو اختبارا من قبل قادته، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنه، فلقد علم من بعض الأشخاص الموجودين في السجن أن ماريان كانت تعزف أغنية لامارسيز على البيانو أمام الضباط الألمان، ولقد كان عزفها رائعا كما أنها تحب الرسم، وهذه الصفات غير موجودة في زوجته، عاد أدراجه إلى منزله أخذ زوجته إلى أحد النوادي الليلية طالبا منها عزف أغنية لامارسيز على البيانو فاكتشفت أنه علم الحقيقة واعترفت أمامه بأنها ليست ماريان وكانت فعلا تمرر الرسائل إلى الألمان، استشاط غضبا لكن حبه لها كان قويا وشاطرته بدورها الحب نفسه، وهذا ما جعل البعض يعتبرونه محاولة لاستعادة الأجواء الرومانسية لفيلم "كازابلانكا" الذي صدر عام 1942.
بعد معرفته أنها خائنة وجاسوسة لا بد له أن يقتلها لكن هل سيختار براد بيت وطنه على حبيبته وأم طفلته؟
النهاية غير المتوقعة تحمل الكثير من الأحداث التي تستحق المشاهدة لكن لا يسعني إلا القول إنه في المشهد الأخير من المستحيل أن يمر دون أن يذرف المشاهد بعض الدموع، وهذا دليل على قوة الدراما التي تتغلغل وتأسر قلب المشاهد.
إيرادات منخفضة
لم يكن من المتوقع أن يحقق الفيلم تلك الإيرادات المنخفضة، فلقد حقق في ليلة افتتاحه 2.7 مليون دولار، وهو رقم ليس له معنى في سوق الإيرادات الأمريكية، ولم يتضح بعد السبب وراء الإيرادات الضئيلة للفيلم، حيث إن براد بيت وماريون كوتيار قاما بالتسويق للفيلم وحضرا عديدا من العروض الخاصة وشركته المنتجة تعمل علي طرحه في أكثر من 60 دولة في العالم، إضافة إلى الترويج المجاني الذي حصل عليه الفيلم، عندما أشيع أن براد بيت على علاقة بماريون كوتيار، وأن تلك العلاقة سبب انفصاله من أنجلينا جولي، فأصبحت الصحافة العالمية والعربية تتحدث عنه، وهذا كاف ليجذب عديدا من المشاهدين لدخول الفيلم، وبالتالي تحقيق الإيرادات.