التدخل المناخي هندسيا

تعرف الهندسة المناخية ـــ التي يشار إليها أيضا باسم الهندسة الجيولوجية أو التدخل المناخي ــــ بأنها التدخل المتعمد واسع النطاق في النظام المناخي لكوكب الأرض بهدف الحد من تغير المناخ السلبي. أو هي التدخل المتعمد واسع النطاق في النظام المناخي لكوكب الأرض بهدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. أو هي التغيير التقني المتعمد واسع النطاق في النظام المناخي لكوكب الأرض، وغالبا ما يتم تناولها باعتبارها أعمال إصلاحات فنية لمكافحة تغير المناخ. ويمكن تقسيم تقنيات الهندسة الجيولوجية المناخية إلى ثلاثة مجالات رئيسة هي: إدارة ما يسمى بالإشعاع الشمسي "عكس أشعة الشمس إلى الفضاء"، وإزالة وعزل غازات الاحتباس الحراري، وتعديل الطقس.
وينظر إلى منهجيات الهندسة المناخية في بعض الأحيان باعتبارها خيارات إضافية محتملة للحد من تغير المناخ، إلى جانب تخفيف آثاره والتكيف معها. وهناك اتفاق كبير بين العلماء على أن الهندسة المناخية لا يمكن أن تكون بديلا للتخفيف من آثار تغير المناخ. وقد تستخدم بعض المنهجيات كتدابير مصاحبة لتحقيق انخفاضات حادة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لأن جميع التدابير اللازمة للتصدي لتغير المناخ تتضمن قيودا اقتصادية أو سياسية أو مادية. وما زالت البحوث حول التكاليف، والفوائد، والأنواع المختلفة لمخاطر معظم منهجيات الهندسة المناخية في مرحلة مبكرة، وهناك حاجة إلى فهم كل ذلك قبل الحكم على مدى كفاءتها وجدواها.
هذه المنهجية يمكن أن تشمل مجموعة واسعة من التقنيات منها: تفجير جسيمات الكبريتات في الستراتوسفير أو "تبييض" السحب لتعكس الأشعة الشمسية، أو إلقاء جزيئات الحديد في المحيطات لتغذية العوالق المستهلكة لثاني أكسيد الكربون، أو إطلاق يوديد الفضة في السحب لاستنزال المطر، أو هندسة المحاصيل وراثيا حتى تعكس أوراق النباتات أشعة الشمس بشكل أفضل.
ويعارض عديد من المنظمات والعلماء في جميع أنحاء العالم الهندسة الجيولوجية وغيرها من حلول تغير المناخ المزعوم أنها خاطئة "مثل المحاصيل 'المقاومة للتغير المناخي' والمهندسة وراثيا" في حين تميل إلى دعم الحلول الزراعية البيئية التي ينفذها الفلاحون لمعالجة أزمة المناخ. ويدعو عديد من العلماء إلى إجراء مزيد من الدراسات عن التدخلات التقنية لمنع الاحترار العالمي الكارثي.
واليوم مع تسارع تغير المناخ وقلة ما ينفذ للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قام بعض العلماء بإحياء فكرة التدخل المتعمد واسع النطاق في بيئة كوكب الأرض. وغالبا ما يدعو علماء الهندسة الجيولوجية ــــ بين أمور أخرى ــــ إلى إجراء مزيد من البحوث في جميع التخصصات ذات الصلة وصولا إلى فهم أفضل وتوضيح لمدى قدرة الاستراتيجيات الإضافية لتخفيف تغير المناخ في المستقبل على الاستمرار ومدى ملاءمتها وتوافقها أخلاقيا.
وهناك منهجيات تحاول تقليل مقدار التغير المناخي الناتج عن زيادة تركيزات غازات الدفيئة، ومنهجيات أخرى تحاول إزالة الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تم إطلاقها بالفعل في الغلاف الجوي.
إن درجة حرارة الأرض ترتفع بسبب أشعة الشمس ثم تشع الأرض الحرارة التي امتصتها مرة أخرى إلى الفضاء، وتجعل غازات الاحتباس الحراري من الصعب على الأرض إطلاق هذه الطاقة الحرارية إلى الفضاء. ومن ثم فإن الأسلوبين الرئيسين لتبريد الأرض هما إما تهيئة الظروف بحيث تمتص الأرض قدرا أقل من أشعة الشمس أو تيسير إطلاق الأرض لهذه الطاقة الحرارية مرة أخرى إلى الفضاء.
وتشمل المنهجيات المصنفة أمورا مثل: وضع أقمار صناعية عملاقة في الفضاء لتحويل مسار أشعة الشمس بعيدا عن الأرض، أو وضع جزيئات صغيرة جدا في طبقة الستراتوسفير، أو تبييض الغيوم فوق المحيط، أو ربما تبييض الأسطح، أو زراعة محاصيل ذات ألوان فاتحة أكثر. وجميعها محاولات لتحويل ضوء الشمس بعيدا عن الأرض.
وتقترح منهجية أخرى امتصاص الحرارة التي توجد بالقرب من سطح الأرض ودفنها في عمق المحيط، وهو أمر لم يحظ بدراسة جيدة ولكنه يعد طريقة أخرى لتغيير درجة حرارة سطح الأرض.
وقرب نهاية هذا القرن ــــ إذا استمرت الاتجاهات الحالية ــــ سيكون كل صيف تقريبا في المناطق المدارية أكثر سخونة من سابقه. ونظرا للمخاطر الهائلة وارتفاع درجات الحرارة غير القابل للإيقاف من خلال الحد من انبعاثات غازات الدفيئة خلال هذا القرن، ربما يجب علينا أن نفكر في ما ينبغي فعله لمواجهة الطوارئ المناخية.
عند هذا الحد يتضح أن الطريقة الأسلم والأكثر قابلية للتنبؤ في مسعى التخفيف من آثار تغير المناخ هي اتخاذ إجراءات مبكرة وفعالة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. و لا يمكن لأي أسلوب هندسة جيولوجية أن يوفر حلا بديلا يسيرا أو مقبولا بسهولة لمشكلة تغير المناخ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي