سارة مطر: أسرتي تحب مقالاتي ولا تحب رواياتي .. وأنا لا أتقبل النقد

سارة مطر: أسرتي تحب مقالاتي ولا تحب رواياتي .. وأنا لا أتقبل النقد
مطر: كلما قرأت كتبي السابقة، تطفر دمعة.. أفضل التخلص من الأسرار بالكتابة عنها.

من الصعب أن تذكر اسم سارة مطر، دون أن تربطه بكثير من الجدل، فرواية “أنا سنية .. وأنت شيعي” نالت ما لم تنله روايات عربية أكثر شهرة، خصوصاً أن أحداث الرواية حقيقية، تكشف واقعاً معاشاً.

تجمع ضيفتنا بين مهمة الكتابة الصحافية والروائية، تحدثت إلى “الاقتصادية” عن كتبها التي يصفها البعض بـ”الجريئة”، وعن نضوج كتاباتها، وصدمتها بتحويل رواية زميلها سعود السنعوسي “ساق البامبو” إلى مسلسل، كونه “دمّر نكهة الرواية الجميلة” على حد تعبيرها. فإلى نص الحوار:

نلتِ كثيراً من النقد بسبب روايتكِ "أنا سنية .. وأنت شيعي"، خاصة في طريقة تصويرك لـ"زينب"، الفتاة الشيعية وغيرها من بنات الطائفة الشيعية، كيف تعاملت مع هذا النقد؟

في الحقيقة أنا لا أتقبل النقد، لا أتقبل أن ينتقد أحدهم فكرة ما في كتاب قد أنجزته وانتهيت منه، لأنني لا أجد أن ذلك يمكن أن يغير من حقيقة ما كتبته، الكتاب لا يزال يلقى رواجاً ونجاحاً كبيراً، وأي نقد سأقرأه ماذا يمكنني أن أفعله أو أقوم به، هل يعني ذلك أن "زينب" شخصية اختلقتها من رأسي، الشخصية حقيقية جداً وعايشتها أكثر من خمسة أعوام، وهناك كثير قمت بحذفه من الكتاب، وأشعر قليلاً .. قليلاً بالندم لهذا الحذف، لماذا لم أكن شجاعة بما فيه الكفاية لأدوّن الواقع، كنت أريد أن أتأكد مما كتبته، وهل ما عايشته يستحق تدوينه أم أن عليّ أن أختبئ خلف عباءتي.

لم تكن زينب الشخصية الوحيدة الحقيقية في الكتاب، كل من ذكرتهم في كتابي، عايشتهم كزميلة أحياناً وكصديقة أحياناً أخرى، أنني لم آت بشيء من الفضاء، لا يمكن لي أن أدون عن حياة الآخرين ومذهبهم وتكون القصص من وحي الخيال، أو أكون حتى تحت تأثير كتب الأديان والمذاهب التي شغفت بقراءتها، في الحقيقة كتابي لم يفهمه البعض كما ينبغي، قليل من الجمهور الذي كان يراسلني ويخبرني بحجم التأثير الذي خلفته في مشاعره، بالتأكيد أنا أفرح لذلك، أفرح أن هناك من يسألني عن بعض التفاصيل، حينما تقول لي بتول من القطيف إنها كانت تتوقع أن الكتاب تجريح في طائفتها الشيعية واكتشفت العكس، حينما أشادت بكثير من الموجود في الكتاب، من انتقده قرأه وكان في رأيه صورة ذهنية لم أطلب أن تكون في مخيلته، لا أستطيع أن أجبر الآخرين على التصفيق له، أنني لا أبحث عن ذلك، ولا أبحث عن التأثير ولا أبحث أيضاً عن الإثارة، أنا أكتب بدافع الشغف، بدافع الحب للكتابة ولتصوير ما عشته في حياتي، إنها متعة لا تقدر بثمن، حينما تمتلك مهارة تحويل حياتك العادية إلى كتاب، هذه هي البطولة من وجهة نظري، أن تقود حياتك إلى ما ينبغي أن تكون عليه، أن تكون سعيداً لأنك تستطيع أن تكون الإنسان الذي استطاع أن يحفظ تاريخه الشخصي، علاقاته الكثيفة مع الطرف الآخر، مع المذهب الآخر، أن تكتب كل القصص التي لا يستطيع كثيرون كتابتها بالسهولة التي استطعت أن أكتب بها.

الذين يصدرون الكتب لا يبحثون عن الشهرة، صدقني، الذين يكتبون يبحثون عن رصد الحقائق التي عايشوها، لذا، أقرأ النقد الذي يكتب، ولكني لا أقف عنده، لا أصفق لهُ، لا أنحني لمن كتبه، لا يؤثر في مطلقاً، أنني حتى أنساه من اللحظة التي أطوي بها الصحيفة، أو بعد قراءتي لرسائل البريد الإلكتروني، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمكن لي أن أشرح لهم طبيعة الأبطال الكثر الذين كتبت عنهم، هذا ليس دور المؤلف، لا يمكن لي أن أقول لكل من اشترى الكتاب، أرجوك أتمنى أن يعجبك ما كتبته، هناك أسماء كبيرة ولامعة ولم أكن أتمكن من إتمام قراءة كتبهم، الأمر طبيعي جداً، الأمر الأكثر واقعية أن الكتاب في سوق الكتب، ولا يمكن لي أن أغير شيئاً مما ذكر أو كتب، أنه كتابي وأنا مسؤولة عنه، ولا يمكن لي أن أضيف سطراً أو سطرين لمجرد أن يعجب البعض.

للعلم هناك شخصيات كان عليّ أن أكتب عنها، ولكني تجاهلت الأمر، لم أكن أريد أن أدخل في عراك نفسي مع شخصياتهم في الكتاب، فآثرت أن أنظر إليهم كأبطال، ربما في الجزء الثاني.
ولكن ما كتبته هو الحقيقة التي عشتها، فلماذا عليّ أن أكتب ما يريده الآخرون، أين المتعة في ذلك؟ المتعة هو أن أكتب ما يود فكري أن يقودني إليه.

بين الرواية والمقال، أين يرتاح قلم سارة مطر؟

المقال بالتأكيد، المقال بالنسبة لي هو مكاني الحقيقي الآن، رغم أنني الآن مشغولة بكتابي السادس، ومنشغلة به جداً، وأود أن يكون مختلفاً عن كتبي السابقة، لكني أحن للمقال، بدأت أفهم كيف لي أن أشارك الآخرين معاناتهم ومشكلاتهم الحياتية، أستخدم السحر الروائي وأكتب المقال بهذا السحر العجيب. أنني أستعد لكتابة المقال بمتعة لا يمكن لك أن تتصورها، لكن كثيرون يميلون إلى كتبي، لأنها كتب تتمتع بسحر السينما، وكثيرون يعشقون هذه المتعة حينما تتحول القصة في كتاب إلى مشهد سينمائي.

ماذا أضافت لكِ الصحافة كروائية؟ وماذا أخذت منكِ؟

أنا أضفت للصحافة، والصحافة أسهمت بوجودي بشكل جميل جداً لم أكن أتخيله، الأجمل دوماً أن نضيف نحن إلى الأعمال التي توكل إلينا، وأنا أوكلت إليّ مهام كتابة المقالات، لذا، قبلت التحدي، قبلت أن تفخر بي الجريدة التي استقطبتني لأن أكون ضمن كتابها، أحترم جداً كل الصحف التي عملت بها، وأظن أنني كنت الكاتبة الأكثر حظاً، لأن أكتب في أهم وأشهر الصحف السعودية والخليجية وحتى العربية.

منذ صدور روايتكِ الأولى "قبيلة تُدعى سارة" وحتى اليوم، لماذا لم تتحول هذه الروايات إلى مسلسلات درامية؟

حينما ألتقي بعض الفنانات يخبرنني بحب شديد، أنهم يريدون تحويل قبيلة تدعى سارة إلى مسلسل، سمعت ذلك كثيراً، حتى أنني صدقت كل ما قيل لي بطفولة غريبة، يوميات القبيلة تحتاج إلى منتج فخم ويرغب أن يغيّر من نكهة ونمطية المسلسلات، أحاول أن أتعلم كتابة السيناريو لأحولها إلى مسلسل، وأسعى إلى ذلك باجتهاد كبير، شاهدت مسلسل ساق البامبو، وصدمت أن المسلسل قد دمّر نكهة الرواية الجميلة التي أعشقها أكثر من كتبي، أحب كثيراً أن أقرأ كتب زميلي سعود السنعوسي، أنني أهدي كتبه إلى أقربائي وقريباتي، حتى تفهم أنني لا أغار من نجاح أحد، وأنني أبتهج لنجاح الآخرين. لا أريد لسيناريست أن يعبث بكتبي، أود أن أحولها أنا شخصياً إلى مسلسل، وبعدها أبحث عن منتج ذكي.

هل فعلاً "الحب .. صنيعة النساء"؟

الحب فعلاً صنيعة النساء، كان هذا الكتاب قد أصدرته على حسابي الخاص، بعد أن وجدت ضرراً من الناشرين، ولكن ما أن تعرفت على دار النشر مدارك حتى وجدت أن الكتاب جميل جداً ويستحق أن تعاد كتابته من جديد، وقمت بذلك وقدمته تحت مسمى "إنما أنت حبيبها" هذا الكتاب خلال شهر واحد فقط من طباعته الأولى، تمت طباعته العاشرة، فقط خلال شهر واحد من فرط جماله وعذوبة حكاياته.

بين تجربتك الروائية الأولى، ومروراً بتجارب ثلاث، وأخيرا صدور إنتاجكِ الأدبي الخامس "النمرة غلط"، ماذا اكتسبت سارة؟ وهل تعتقدين أن كتاباتك مع مرور الوقت "نضجت"؟

للأسف نضجت، فما أجمل براءتي وجرأتي في كتبي "قبيلة تدعى سارة"، و"إنما أنت حبيبها"، و"أنا سنية وأنت شيعي"، كنت مليئة بالبراءة ولم أكن أخشى من مواجهة القبيلة، في الحقيقة لم أكن أفكر أن هناك حدودا أو أن عليّ أن أهتم لبعض العبارات والأفكار، كنت شغوفة بالحياة والأصدقاء والسفر والحب، وكنت أكتب بقلم غير ناضج ولكن بعاطفة باذخة الثراء، كلما قرأت كتبي السابقة، لابد أن تطفر دمعة، أبكي على أني كبرت وأني عقلت، وعلى الأخص أنني كاتبة مقال، فلابد أن أكون بصورة أكثر جدية وأكثر نضجاً وذكاءً، ولكنني كنت أحب بساطة وبعض غباء سارة ليل الجمل في كتبي السابقة، حينما تسقط في الحب وتبكي، الآن، لا أستطيع السقوط في الحب، ولا أبكي عليه أبداً، لقد كبرت أكثر من اللازم، أكثر مما كنت أتمناه وأرغب فيه.

في رواياتكِ ونصوصك تفصحين عن جانب كبير من حياتك، ما الذي لا يعرفه الناس عنك؟

ليس من الضروري أن يعرف الآخرون عني المزيد، لست أنجلينا جولي، ولست إعلامية تلفزيونية تقدم نشرة الأخبار ويطمع الآخرون في معرفة حياتها الشخصية، أنا أفضل منهم لأنني أكتب كل ما أشعر به وما يمر في حياتي، إذ لا يوجد فيها أي أسرار أبداً، الأسرار مؤلمة ومزعجة، خزينة مفرطة من الحزن والأسى، لذا، أفضل التخلص من الأسرار بالكتابة عنها، وحينما أكتبها أضحك طويلاً، أضحك على كمية البراءة التي تزعجني، وعلى كمية الحساسية التي عليّ أن أقف أمامها طويلاً.

ولكني مضطرة لأن أقول حقيقة وكثيرون يعرفونها، أنا شخصية أستفز بسرعة، وعصبية جداً جداً، ومن الممكن أن ينفلت لساني، ولست متحفظة في الرد أحياناً بوقاحة، ولا أهتم إذا ما أحدهم كتب لي تغريدة وقحة أن أرد عليه بالمثل.

هل النقد يؤثر في لحظات الكتابة عندك؟

على الإطلاق، هل يمكن في الحقيقة أن يقف الكاتب أو المبدع عن عمله لمجرد أن أحدهم قام بنقدك، يستحيل ذلك، الفنانون أكثر حساسية من الكتاب، لذا، فهم يتأثرون بسرعة كبيرة من أي نقد، ربما لو قلت لي حينما ينتقد بعض القراء أفكاري في المقالات، من الممكن أن أجيبك بأنني أثور أحياناً بشكل مرضي لعدم تقبل الطرف الآخر، فكرة أن أكون ضد مشروع ما أو قضية ما، أنا عاقلة جداً أكثر مما تتوقع حينما أكتب مقالاً، لهذا فأسرتي تشيد بي، وتقرأ مقالاتي بشغف كبير، أخواتي البنات يصفقون لي طويلاً كلما قرأن مقالاتي، لكنهن لا يحببن كتبي، يقلن لي كتبك جريئة جداً، ولكن مقالاتك ناضجة.

كيف تنظرين لإنتاجك الروائي حتى الآن؟

إنتاجي الروائي جميل، بسيط، غير متكلف، أنجزت كثيرا خلال سنوات بسيطة، ولولا أنني شغوفة الآن بكتابة المقالات، لكنت انهمرت أكثر في إصدار الكتب، سأخبرك حقيقة مهمة، عدد كبير من دور النشر تتواصل معي لكي أقوم بالنشر لديهم، وأنا لا أجد الوقت لكي أعيش في بوتقة الروائية، لذا، اعتذرت لهم، لكني أكتب فصولاً دون تقييد لكتابي الجديد، وأريده أن يكون عملاً مختلفاً تماماً.

أنتِ روائية، وكاتبة ذات قلم نشيط وجريء، ونلتِ نجاحاً وشهرة واسعة، كيف وصلتِ إلى ما أنتِ عليه؟

بالاجتهاد.. أنا مجتهدة جداً ومخلصة في كل ما أقوم به، كما أنني لا أحمل همومي أكثر من طاقتها، ما يهمني هو نجاحي، إنني لا ألتفت إلى الخلف أبداً، لا أبكي على الأشياء الماضية، أنني أقرأ كل يوم 25 مقالاً محلياً وعربياً ودولياً، وكثير من هذه المقالات لا تروق لي، أبحث عن الجديد، أقرأ في كل مكان، في العمل وفي السيارة وحينما أزور شقيقاتي كتبي تسبقني.

النجاح لا يأتي بسهولة، لكني أطبق هذه المقولة القديمة "لكل مجتهد نصيب"، النجاح لا يأتي إليك على طبق من ذهب، عليك أن تتعب وبشدة، أن تقاوم مللك وأن تتحدى مزاجية الكاتب، إنني أشعر أن لا حياة اجتماعية لي، أسافر لأرفه عن نفسي، فأنا من البيت إلى العمل ومن العمل إلى البيت، أقرأ وأقرأ وأقرأ، وأحاول أن أكون جيدة جداً على الدوام.

الأكثر قراءة