الرابط بين المقاول والمصرفي

العلاقات بين شركات المقاولات الكبيرة والمصروفات الحكومية والقطاع المصرفي وأسعار النفط مباشرة، وإن تخللها مراحل وخطوات انتقالية ووقتية. كل مرة تنزل أسعار النفط لمدة معتبرة يبدأ القطاع في مرحلة من الضمور والتشكي وكان الاقتصاد يمر بمنعطف خطير. تكرر هذا المشهد وتجدد في الأشهر القليلة الماضية حول أكبر شركتين في القطاع. وبدا وكأن الحكومة مصدر سهل للوم وكان المقاول ضحية لسياسة متقلبة. تصل الأمور كما حدث أخيرا إلى التأثير على العلاقات الخارجية مع الدول الأخرى. تقلب دخل الحكومة يعرض المقاولين والمصارف للمخاطر خاصة أن المملكة في مرحلة تنموية تتطلب وجود شركات مقاولات كبيرة ومؤثرة لمدة قادمة طويلة. هذه الدائرة في العلاقات تدخل في سياسة الاقتصاد الكلي ولكنها تاريخيا بقيت في دائرة القرار المالي ولذلك لم تعط حقها من التفكير المستدام من خلال نموذج تنظيمي جديد.
الممارسات العملية وحتى المنطق الفكري لدور هذه الشركات يقودني إلى أنها أقرب أن تكون شركات قطاع عام من حيث طريقة الحصول على العقود والتسعير وأغلب مصادر أعمالهما ولكنها مملوكة لعدة أشخاص. هؤلاء يتصرفون عقلانيا في تعظيم الاستفادة من أرباح في جزء منها غير اقتصادي بسبب الاحتكار (الاحتكار ليس مصدره الشركات بقدر ما أنه جزء من تركيبة السوق ولذلك التشبيه مع شركات القطاع العام) وبالتالي التسعير. الأرباح غير الاقتصادية تقود إلى تصرفات غير عقلانية للقطاع أو الاقتصاد ككل. فهؤلاء يستثمرون الأرباح في خارج القطاع وغالبا خارج الاقتصاد وبالتالي يعرضون الاقتصاد والقطاع المصرفي لمخاطر أثناء نقص دخل المصروفات الحكومية. النتيجة أن هذه الشركات دائما قليلة رأس المال والاحتياطيات المالية بينما الملاك في وضع مالي لا يتناسب مع وضع الشركات وكل من له علاقة اقتصادية معها. تنتهي هذه الشركات بخلط شبه متعمد بين التعثر المالي وصعوبات السيولة ما يربك الإدارة المالية التي تفتقد نظرة اقتصادية شمولية.
هذه الوضعية تتطلب إعادة تفكير في نماذج هذه العلاقة، أعتقد أن هناك تشبيها تنظيميا بين القطاع المصرفي وقطاع المقاولات الكبير في المملكة في هذه المرحلة. تنظيميا تخضع المصارف إلى متطلبات في رأس المال والملاءة المالية والعلاقة بين الودائع والقروض ولكن قطاع المقاولات على أهميته يعمل دون تنظيم مالي بل إن القطاع يزيد من مخاطر المصارف دون مساءلة تذكر. القطاع إما أن يزدهر أو يجوع لأسباب موضوعية وأسباب في السياسة الاقتصادية. يقوم ملاك الشركات بتجويعها ما يعوق تراكم المعرفة والنمو الرأسي. تطوير المقاولات سوف يجعلها تميل للأجور الأعلى وتوظيف أمثل للتقنية على حساب العمالة الرخيصة. الأحرى أن يطلب من ملاك الشركات أن يستثمروا نصف الأرباح في شركاتهم على شكل احتياطيات لتسهيل الدورة الحادة وأن تخضع هذه الشروط لمساءلة قانونية وأن يكون هناك حضور في مجلس الإدارة لغير الملاك لتفعيل الحوكمة. لا يقبل أن تأخذ الحكومة بسياسة لمقاومة النزول counter cyclical بينما تتحرك هذه الشركات شبه الحكومية في اتجاه ضد السياسات العامة. فهذا هدر اقتصادي وضد روح التعاون Saudi Inc. التعاون تعبير مادي عن المشاركة بين القطاعين العام والخاص.
في كثير من الأحيان نخضع لتقليد الآخرين أو العادة المؤقتة أو اندفاع المصالح الشخصية دون تفكير في أوضاعنا الخاصة والتعاون بيننا على جميع المستويات للحرص على ثرواتنا وتحديث اقتصادنا. ترك هذه الشركات دون رعاية تنظيمية يعرضها للمخاطر ولكن المخاطر ليست على القطاع فقط ولكنها تصل للجميع. لابد أن تكون هناك شجاعة وثقة بالنفس في التوصل إلى ما يناسبها ويخدمنا جميعا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي