التأمين في التعاملات التجارية .. وسيلة لحماية رؤوس الأموال

كانت بداية نشأة التأمين لدى الغرب، وكان ذلك بسبب تراجع التجارة وخسارة الكثير من التجار بسبب المخاطر وحوادث الخسارة التي تنتج غالبا مع الظروف الطارئة كالحريق أو الحوادث وما شابهها من الظروف التي لا يمكن أن يتنبأ بها التاجر ولا يستطيع مواجهتها لوحده، ونتيجة لذلك ولتأثيره البالغ في الاقتصاد والتجارة عمل المشرعون الغربيون آنذاك على فكرة إنشاء شركات تأمين تضمن للتاجر تعويضه من المخاطر في حال وقوعها، وتؤمن له التعويض عن الحوادث الطارئة مقابل مبلغ من المال يدفعه كاشتراك يقدمه لشركة التأمين سنويا، وبعد ذلك تطور التأمين وأصبح ممارسة تُطبق على التجارة الدولية باختلاف أنواعها ومخاطرها.

ولإيضاح فكرة التأمين؛ فهو عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤَمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لمصلحته مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عرض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقيق الخطر المبين في العقد، وذلك نظير قسط أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَن له للمؤمٍن، كما يعرفه القانونيون.

للتأمين عديد من الفوائد المهمة للفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني، فإن أهم وظيفة يؤديها التأمين للمؤمن له هي الأمان وتقليل المخاطر على الأفراد والشركات ومن ثم يؤثر في الاقتصاد الوطني ككل، فهو يؤمن الشخص ضد ما قد يلحق به من خسائر وكوارث وقعت على تجارته أو ممتلكاته أو حتى نفسه.
#2#
أهمية التأمين في التعاملات التجارية

يقول عبد العزيز أبو السعود عضو لجنة التأمين في مجلس الغرف التجارية، أن للتأمين في المملكة كما في غيرها من الدول أهمية كبرى، ولم يكن ممكنا للتعاملات التجارية في المملكة أن تنمو وتصل إلى ما هي عليه الآن في غياب التأمين، فلنأخذ مثلا التاجر الذي يستورد بضائع من خارج المملكة تكلف ملايين الريالات، غالبا ما يكون الاستيراد عن طريق فتح اعتماد مستندي لدى أحد المصارف العاملة في المملكة، وعند فتح الاعتماد يقوم التاجر بتوفير جزء من قيمة الاعتماد إلى المصرف، وعند شحن البضائع وتوافر المستندات المطلوبة يقوم المصرف بدفع قيمة الاعتماد كاملة إلى الجهة المصدرة، وغني عن البيان أن البضائع أثناء نقلها من بلد التصدير إلى المملكة معرضة لكثير من المخاطر وقد تتعرض إلى تلف جزئي أو كلي أثناء الرحلة، ولكي يطمئن المصرف إلى توافر التعويض عن الضرر الذي قد يحصل أثناء النقل فإنه يُلزم التاجر بالتأمين على أخطار النقل، وإذا لم يفعل، يقوم المصرف بإجراء التأمين وإلزام التاجر بدفع القسط، ونظرا إلى أن المصرف يقوم بفتح اعتمادات مستندية كثيرة لزبائنه من التجار فإن المصرف ما كان ليقدم على ذلك لولا توافر التغطية التأمينية، وما قيل عن تأمين البضائع ينطبق على المركبات والمصانع والمشاريع الخاصة والعامة التي قد تبلغ كلفة إنشائها مئات الملايين من الريالات، التي تقوم المصارف بتوفيرها، إذ أنه من غير المتصور أن تجازف المصارف بمبالغ طائلة إذا لم تتوافر الحماية وإمكانية الحصول على تعويض في حال وقوع الخطر المؤمن عليه، مثل أخطار الحريق والصواعق والزوابع والانفجارات وغيرها، وبذلك يساعد التأمين على الحصول على الائتمان والتمويل، التأمين إذا يشكل وسيلة لتوفير الأمان للمؤمن له ولجهة التمويل، وهو وسيلة لتكوين وحماية رؤوس الأموال وللائتمان كما أنه عامل وقائي لجهة حض المؤمن لهم على الأخذ بوسائل السلامة وتجنب أسباب الحوادث.

أهمية التأمين في التقليل من الخسائر الناتجة من الظروف الطارئة

ويرى عبد العزيز أبو السعود أن الهدف المباشر من التأمين هو تعويض المؤمن لهم عن الخسائر التي قد تلحق بهم كنتيجة لوقوع حادث مؤمن عليه. ولكن حرص شركات التأمين على تقليل أو منع وقوع الحوادث المؤمن عليها بقدر الإمكان يجعل للتأمين دورا مهما آخر هو الوقاية من الحوادث وتقليل إمكانية وقوعها وذلك لتجنب أو تلافي أسبابها. وكثيرا ما تستعين شركات التأمين بالخبراء والأخصائيين للكشف على المصانع والمنازل مثلا لتحديد مواطن الخطورة ونقاط الضعف التي تجب معالجتها، وإرشاد المؤمن لهم إلى الاستعانة بوسائل السلامة التي يجب توفيرها مثل أجهزة كشف الدخان والوسائل الأوتوماتيكية لإطفاء الحرائق، على أن تؤخذ تلك الوسائل في الحسبان عند تحديد قسط التأمين. وقد تلجأ شركات التأمين إلى تحميل المؤمن لهم نسبة قليلة من الخسارة لحملهم على الحرص وعدم الإهمال في توفير وسائل السلامة، وتجنب الحوادث.

أهمية العناية بالتزام اشتراطات التأمين

تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المؤمنين يوقعون على عقود التأمين دون الاهتمام بالشروط والاستثناءات في بوليصة التأمين، ما يوقعهم في كثير من الأخطاء التي تؤدي أحيانا إلى فقدانهم الحق في التعويض مثل بعض اشتراطات الإفصاح عن الشيء المؤمن عليه أو عدم الاهتمام بأدوات السلامة التي اشترطتها البوليصة وهكذا، ولذلك يجب العناية بالبوليصة وقراءة فقراتها جيدا، وفي المشاريع الكبيرة فإنه يستحسن الاستعانة بخبراء للتأكد من الالتزام باشتراطات التأمين بدقة.