قوانين التجارة السعودية .. والحاجة إلى التحديث
حداثة وتطور الأنظمة التجارية في أي بلد ناهض، إحدى الركائز الأساسية للتنمية وسرعة النمو وثباته، كما أن تحديث الأنظمة واللوائح ومراجعتها بشكل دوري مستمر، من أهم عوامل دعم النمو الاقتصادي في البلد، ويساعد أيضا على حماية الاقتصاد ودعمه أسوة بالاقتصادات المتقدمة في العالم. هذا الأمر لا يتم إلا بالعمل والجهد على تحديث الأنظمة ومراجعتها باستمرار، حتى أن ضعف أو قدم بعض الأنظمة لا يساعد على التطبيق الجيد لها لعدة أسباب، مثل ضعف هيكلة النظام أو صياغته القانونية وهكذا، مما يستوجب المراجعة والتحديث المستمر. أما على صعيد تطبيق الأنظمة؛ فإن هناك مسؤولية أخرى في مراجعة إجراءات التنفيذ والمتابعة على أرض الواقع، والتأكد من مطابقة ونظامية كل عمل، ومدى الالتزام بتطبيق الأنظمة.
يلاحظ لدينا مثلا أن نظام المحكمة التجارية قديم جدا، وبعض أجزائه لا تزال سارية، وهو يعد الأساس للقانون التجاري في المملكة، ولا شك أنه لا بد من إصدار نظام جديد يواكب التطور الذي نشهده الآن في عصرنا الحالي، وأن يكون هذا الأمر من أولويات وزارة التجارة والصناعة، كي يتوافق مع رؤية المملكة المستقبلية، فمن المهم أن يكون النظام مرن ومتجدد، فبذلك سيسهم في تعميق البنية التحتية القانونية للبلد.
#2#
الأنظمة التجارية إحدى أهم الركائز الأساسية للتنمية
شاركنا حول هذا الموضوع الدكتور مفلح القحطاني أستاذ القانون عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وعلق على هذا الموضوع بأن "الأنظمة والقوانين التجارية تحتاج إلى مراجعة وتطوير، كما تحتاج إلى ترتيب ومواءمة وتسهيل وتبسيط في الإجراءات، كما نحتاج إلى الاستفادة أكثر من القوانين الموحدة في دول الخليج، وأن يتحول ما تبقى من القوانين الموحدة الاسترشادية إلى قوانين ملزمة، ونحتاج إلى سرعة في سن وتعديل الأنظمة التجارية ولوائحها بما يتناسب مع سرعة الأعمال التجارية، وأيضا نحتاج إلى تعاون وتنسيق بين الجهات الحكومية المشرفة أو المسؤولة عن تطبيق هذه الأنظمة والقوانين، فالوضع القائم حاليا غير مرض".
كما علق الدكتور مفلح على الوضع القانوني الحالي بأننا "نحتاج إلى مراجعة لكل الأنظمة واللوائح والقرارات والتعميمات ذات العلاقة بالشأن التجاري، ليس فقط تلك ذات العلاقة المباشرة وإنما أيضا غير المباشرة، ومن ثم تعديل ما يلزم تعديله وإلغاء ما يلزم إلغاؤه والتنسيق بين ما يلزم تطبيقه وتنفيذه".
مرونة الأنظمة .. والقوانين التجارية
المرونة في اللغة "السهولة والسلاسة". مرونة النظام بكل تأكيد لا تعني عدم التطبيق أو استبعاده، بل المرونة هنا تعني أن تكون الأنظمة ملائمة لزمنها وتعديل أجزاء منها لتكون أكثر تناسبا للوضع الراهن، كما أن الأسوأ من ذلك هو أن هناك بعض الأجزاء من الأنظمة قد تكون جامدة، وبالتالي عدم القدرة على التعامل مع المستجدات، والحاجة أحيانا إلى وضع أحكام تفصيلية خاصة بكل حالة على حدة.
وكان مما علق عليه الدكتور مفلح عن ضرورة مرونة الأنظمة ومدى أهميتها، قال: "المرونة والتجديد في الأنظمة التجارية مطلب أساسي مهم في المجال التجاري، ولذلك نحتاج ليس فقط إلى مرونة في النصوص، وإنما سرعة في تطبيقها، فلدينا مشكلة حقيقية في بطء التطبيق من حيث سرعة الفصل في القضايا التجارية، بسبب كثرة القضايا وقلة القضاة المتخصصين في هذا المجال، وتكليف القاضي بأعمال أخرى، وقلة أو عدم وجود مساعدين له، وكذلك لدينا بعض الإشكاليات في مرحلة التنفيذ، وإن كان نظام التنفيذ وقضاء التنفيذ بدأ أخيرا يحد من هذه الإشكاليات، إلا أن مشكلة تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الأجهزة الإدارية لا تزال قائمة، وقد تفلس بعض المنشآت التجارية بسبب عدم حصولها على حقوقها المحكوم بها.