الرؤية بعزم شباب الوطن

كما هو وضوح "رؤية السعودية 2030"، كذلك هو وضوح كل كلمة قالها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حول الرؤية والاستراتيجية السعودية البعيدة المدى، في إطار حراك واقعي حقيقي، يدفعه عزم الشباب والالتزام بكل ما يدعم الوطن على مختلف الأصعدة. فالتغيير الواقعي الطبيعي الذي لا ينشأ كرد فعل، هو في حد ذاته استراتيجية، فكيف الحال وهذا التغيير يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ اليوم الأول لوصوله إلى سدة الحكم؟ ما يحدث في المملكة الآن، ليس مجرد إصلاحات آنية، بل عملية بناء اقتصادية مجتمعية، تحاكي كل الاستحقاقات والمستجدات، حتى المفاجآت التي تظهر هنا وهناك. لقد وضعت خريطة الطريق الأعمق في تاريخ المملكة، وبدأ منذ الساعات الأولى حراك تنفيذها. لا مجال هنا للمقصرين، ولا للمتقاعسين، فإرادة الحزم لن تتهاون مع أحد.
الأمير محمد بن سلمان حدد معالم الطريق، وأوضح كل نقطة تطرح هنا وهناك. ولذلك فإن الوضوح في حد ذاته يسهم أيضا في نجاح مسيرة التغيير الاقتصادي الاجتماعي، ويسرع الخطوات لإتمام تنفيذ بنود "رؤية السعودية 2030". وهي بنود محلية وطنية صرفة بروابط إقليمية عالمية ظهرت تلقائيا بحكم موقع ومكانة ونفوذ المملكة على مختلف الساحات. ولأن التغيير متجدد، أكد ولي ولي العهد على أن "الرؤية" لا تتحقق من دون شباب الوطن فهم "الوقود الحقيقي لسير هذا الوطن". كيف لا؟ والثروة الأولى للمملكة هي الشعب الطموح الذي يشكل الشباب الشريحة الأكبر فيه. يقول الأمير محمد بن سلمان "إن هذا الشعب هو فخر بلادنا وضمان لمستقبلها بعون الله ـــ عز وجل". ومن يراهن على الشعب لا شك يفوز بالاتكال على الله أولا وأخيرا.
الفرص المتاحة وتلك المتوالدة في السعودية كثيرة وفي كل القطاعات، يضاف إليها الإمكانات التي تتمتع بها البلاد إلى جانب ثروات لم يتم استغلال سوى 5 في المائة منها. أي أن الأدوات متوافرة، إضافة إلى ثروات طبيعية وبشرية، وأنظمة تطويرية هائلة، فضلا عن تكريس الحراك الخاص بالاستثمار في الإنسان السعودي. هناك سلبيات موجودة على الساحة، بما في ذلك (مثلا) عدم وجود متحف إسلامي في بلد مهبط الوحي! وهناك إمكانات سياحية هائلة أكد الأمير محمد بن سلمان على أنها ستكون متوافرة لكل الجنسيات وفق القيم والتقاليد والقواعد التي تقوم عليها البلاد. وهذا وحده رافد تتكئ أكبر البلدان عليه لدعم اقتصاداتها، بالاستفادة من عوائده المالية، وكذلك الثقافية الدينية أيضا.
ولأن الرؤية تستهدف المجتمع بكل شرائحه، حرص الأمير محمد على التأكيد مرة أخرى، على المرأة التي تشكل المكون الأساسي لهذا المجتمع، ولهذا يبرز دورها واضحا من خلال بنود "رؤية السعودية 2030". الفرص (مرة أخرى كثيرة)، وعملية تنفيذ الرؤية لا تتطلب إنفاقا كبيرا، لأنها تستند إلى أرضية صلبة نشأت في الواقع من خلال سلسلة من الإصلاحات السابقة، ولا سيما في الآونة الأخيرة. وهذه الفرص تشمل السياحة والتجارة والصناعة والخدمات والنقل والطاقة والثقافة وكل شيء. فعلى سبيل المثال، ستمضي المملكة قدما في تنويع مصادر الطاقة، مثل حقول الرياح ومجمع الطاقة الشمسية. وفرص الاستثمارات في قطاع التعدين واسعة، وكذلك الصناعة النووية. وتكفي الإشارة هنا، إلى ما قاله ولي ولي العهد بهذا الخصوص، إن المملكة تمتلك أكثر من 6 في المائة من اليورانيوم عالميا.
ليس هناك أبلغ مما قاله الأمير محمد حول "رؤية السعودية 2030"، اختصر من خلاله كل شيء في مجموعة كلمات. ماذا قال؟ "إن أنجح الرؤى، هي تلك التي تبنى على مكامن القوة". والسعودية لم تتحرك في تاريخها على أي صعيد، إلا على أساس ما هو موجود. ومن هنا نفهم، أن الأزمات (أيا كان مصدرها) لا تهزها كما تهز بلدانا أخرى.

المزيد من مقالات الرأي