اليابان تنشئ جزيرة اصطناعية لصد التوسع الصيني
البحث عن الشعب المرجانية يتسبّب في مواجهات قانونية في بحر الصين الجنوبي - لكنه يوفر الأمل بالنسبة لغيرها من الشعب المرجانية الغارقة.
جزر الصين الاصطناعية تغذّي صراعا جديدا للسيطرة على محيطات آسيا، لكن في حين أن القوة العظمى الإقليمية تحفر القواعد العسكرية ضمن المحيط، إلا أن اليابان تنشئ جزيرة في حوض الاستحمام.
الجزيرة تسمى أوكينوتوريشيما، أو "جزيرة الطيور البعيدة"؛ وهي جزيرة مرجانية تضربها العواصف في بحر الفلبين، حيث يبرز اثنان من النتوءات عند ارتفاع المد. اليابان تعتبر الجزيرة المرجانية نقطة أقصى الجنوب الخاصة بها؛ وتقول الصين إنها ليست جزيرة، إنها مجرد صخرة.
لآلاف السنين، مع غرق الأرض التي تحتها، نمت طبقات من المرجان في الأعلى وأبقت رأس الجزيرة المرجانية فوق سطح الماء، لكن جزيرة أوكينوتوريشيما تحتضر. تغير المناخ يرفع من مستوى سطح البحر ويقتل المرجان. والأعاصير تُدمّر ما تبقّى.
لذلك، فإن اليابان تسعى بشكل يائس لإعادة إنشاء الشعاب المرجانية. النتائج سوف تقرّر مصير معقل استراتيجي، مع تداعيات قانونية في بحر الصين الجنوبي، ويمكن أن يوفّر الأمل بالنسبة للجزر المرجانية الأخرى المهدّدة بسبب تغير المناخ.
حوض الاستحمام، المليء بالمرجان الصغير الذي ينمو على لوحات الحديد، يقبع في دفيئة في معهد أبحاث مياه البحر العميقة في جزيرة كوميجيما. يوضّح العاملون كيف جلبوا المرجان من أوكينوتوريشيما وحصدوا البيض. سوف ينشئون المرجان الصغير في هذا المختبر لمدة عام، ومن ثم تجري إعادة زراعته في الجزيرة المرجانية.
بالنسبة للعلماء، إنها معركة مع المحيط. نجحوا بتربية المرجان من الشعب المرجانية وإعادة زراعته في الجزيرة، لكن هذا ليس كافياً. يقول هاجيمي كاياني، الأستاذ في جامعة طوكيو، "التكنولوجيا التالية .. هي مواكبة البحر المرتفع من خلال نمو المرجان وتراكم الحصى المرجانية والرمال".
يقول ماكوتو أموري، الأستاذ الفخري في جامعة طوكيو للعلوم البحرية والتكنولوجيا: "تجاربنا .. لا تزال قائمة. حققنا تقدماً في توسيع مجال المرجان المزروع، لكن معدل موت المرجان المزروع مرتفع، لذلك لا يمكننا القول بعد إن المرجان على الجزيرة يتزايد".
يقول أوموري إنه لا يوجد قدر من الزرع يمكن أن يحيي الشعب المرجانية بحد ذاته. بدلاً من ذلك، الهدف هو انتشار الزرع في جميع أنحاء الجزيرة المرجانية. العمل من مثل هذا المكان البعيد يمثّل تحدّياً لأنه من الصعب مراقبة المرجان.
بالنسبة للعلماء، فإن إنقاذ أوكينوتوريشيما يعني إنقاذ المرجان في العالم، والجزر العديدة الموجودة بسببها. في العقود الأربعة الماضية، مات 40 في المائة من الشعب المرجانية في العالم.
يقول كاياني: "إن التكنولوجيا البيئية الموجودة في جزيرة أوكينوتوريشيما يمكن تطبيقها على جميع الجزر المرجانية الصغيرة في المحيطين الهادئ والهندي. لدينا نحو 500 جزيرة مرجانية في العالم، وبعض البلدان الجزرية مثل مارشالز وتوفالو وكيريباتي وجزر المالديف تتشكّل بالكامل من الجزر المرجانية".
على أن تمويل اليابان لديه دوافع ليست نبيلة - الشُعب المرجانية الصغيرة تلوح كثيراً في أذهان المُخططين العسكريين. ويتحدّث مختصو الاستراتيجية عن اثنتين من سلاسل الجزر التي تفصل الصين عن المحيط الهادئ: الأولى تمتد عبر الجزر اليابانية الأساسية، إلى أوكيناوا وتايوان؛ والثانية تمتد عبر جزر أوجاساوارا اليابانية إلى جزر ماريانا والقاعدة الأمريكية في جوام.
في صراع مستقبلي مفترض بين الولايات المتحدة والصين، قد تصطدم قواتهما البحرية في المحيط بين السلسلتين - وجزيرة أوكينوتوريشيما هي البقعة الوحيدة من الأرض في تلك المياه.
هيدياكي كانيدا، نائب الأدميرال المتقاعد الذي يعمل الآن في معهد أوكازاكي، يشير إلى سبب أهمية الموقع بالنسبة لأمن اليابان. أولاً، كما يقول، الموقع قد يكون بمثابة مسرح حاسم "للجيش الصيني لمنع وصول التعزيزات القادمة من الشرق".
ثانياً، جزيرة أوكينوتوريشيما تقبع على طريق قد تجتازه الغواصات النووية الصينية إلى المحيط الهادئ، نحو مواقع الدوريات ضد الولايات المتحدة. ثالثاً، تقع على مقربة من الممرات البحرية التي تتدفّق منها المواد الخام إلى اليابان من الموانئ الأسترالية الشمالية والغربية.
وهذا يشكّل منطقة اقتصادية حصرية بمسافة 200 ميل حول جزيرة أوكينوتوريشيما، وبالتالي سيطرة أكبر على تلك المياه، رصيد استراتيجي يتجاوز حتى الموراد الطبيعية التي يمكن أن تكمن تحت السطح.
مع ذلك، وحدها الجزيرة التي يمكن أن تولّد منطقة اقتصادية حصرية، وليس صخرة - وهذا هو السبب الآخر في محاولة اليابان لإعادة إنشاء المرجان، بدلاً من تقليد الصين عن طريق وضع بضعة آلاف الأطنان من الرمل والأسمنت.
المادة رقم 121 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) يعرّف الجزيرة بأنها "منطقة من الأرض تشكّلت طبيعياً" تكون "فوق سطح الماء عند ارتفاع المد". وتستثني "الصخور التي لا يمكن أن تحافظ على سكن بشري أو حياة اقتصادية خاصة بها".
جزر الصين الجديدة في بحر الصين الشمالي اصطناعية. إذا أحيت اليابان المرجان على جزيرة أوكينوتوريشيما، فيمكنها القول إن الملامح قد "تشكّلت طبيعياً". كذلك، فإن زراعة المرجان جزء من جهود اليابان لتظهر أن الجزيرة المرجانية تملك حياة اقتصادية، لدعم زعمها الأكثر ريبة من أن جزيرة أوكينوتوريشيما ليست مجرد "صخرة".
يقول كانيدا: "ليس هناك تعريف واضح للصخور في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار - هذا موقف الحكومة اليابانية. تاريخياً، حافظت اليابان على الحياة الاقتصادية للجزيرة".
من خلال اتخاذ هذا الموقف، تأمل اليابان بالادّعاء أن جزيرة أوكينوتوريشيما هي جزيرة، مع منطقة اقتصادية حصرية خاصة بها، وفي نفس الوقت معارضة استصلاح الصين في بحر الصين الجنوبي.
يجادل بعض العلماء أنه سيكون من الحكمة التخلّي عن هذا الادّعاء - ومساعدة تأكيدات أن بناء جزيرة من قبل الصين أمر غير شرعي - لكن القيمة العسكرية لجزيرة أوكينوتوريشيما تجعل ذلك أمراً بعيد الاحتمال.
المشاحنات القانونية لن تكون مهمة إذا تآكلت الجزيرة المرجانية. يقول أوموري: "كانت لدينا عدة مشاكل وإخفاقات على طول الطريق، لكن في العام المقبل نتوقّع زراعة ثلاثة هكتارات من المرجان، في تجربة هي الأولى من نوعها في العالم".