الاستثمار الأجنبي في المنتجات المبتكرة
تحرص المملكة بشكل استثنائي على تحسين بيئة الاستثمار في المملكة من أجل تحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن المسألة الاقتصادية في المملكة مختلفة نوعا ما عن كثير من دول العالم التي تسعى إلى جذب الاستثمار الأجنبي، فالمملكة لا تنقصها الموارد ولا الأموال من أجل دعم الاستثمارات المحلية وفي هذا المجال بالذات فإن الاقتصاد السعودي يرتكز على احتياطيات ضخمة، والمصارف السعودية تتمتع بمتانة مالية وكفاءة رأسمال عالية جدا قادرة على تمويل أكبر المشاريع، وأثبتت لنا السوق المالية السعودية مع اكتتاب البنك الأهلي أنها قادرة على تمويل ميزانيات ضخمة جدا وفي وقت قصير جدا مع ما وفرته هيئة السوق المالية من قاعدة تداول استثمارية حديثة ومتقدمة وآمنة، ولذا فإن مسألتنا الاقتصادية مختلفة إلى حد بعيد عن مسألة التمويل ويمكن اختصارها في الرغبة الجامحة لدى القيادة في تسريع عجلة التنمية ونقل محرك الاقتصاد من تروس القطاع الحكومي إلى تروس القطاع الخاص، فلا يزال الاقتصاد السعودي عالقا في مشكلة الاعتماد على النفط والمنتجات النفطية واعتماده على الدور الحكومي في ذلك، والمشكلة الأكثر تعقيدا أن القطاع الخاص قد علق أيضا في هذا، فالشركات السعودية العملاقة هي شركات نفطية أو بتروكيماوية على أي حال، لذلك فنحن بحاجة إلى مغامرين من نوع مختلف، مغامرون لديهم كثير من الحظوظ في مجالات مختلفة لا تعتمد على النفط بقدر ما تعتمد على الصناعات التحويلية والموارد الأخرى، شركات تركز على الابتكار بشكل خاص من أجل إيجاد القيمة بينما تستخدم في تعظيم قيم منتجاتها المبتكرة على القليل من مواردنا الناضبة بطبيعتها. وفي نهاية المطاف فنحن نهدف إلى بناء اقتصاد معرفي ابتكاري يمكن من إيجاد وظائف واسعة النطاق مع عوائد مجدية في مقابل استخدام موارد أقل.
وإذا كانت الحقائق تشير إلى أنه لا يوجد ما يمنع شركات المنتجات المبتكرة وغيرها من الشركات التي أوجدت قيمة كبيرة لمنتجاتها من دخول السوق السعودية والاستثمار فيها، فالمملكة اليوم تتمتع باستقرار سياسي فريد في منطقة ملتهبة، وأيضا تتمتع بمنافذ بحرية واسعة واليوم نهيئ لإيجاد وسائل نقل سريعة وفعالة، وقريبا كما صرح محافظ الهيئة العامة للاستثمار، سيكون لدينا ميناء الملك عبدالله في مدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ويستعد ليصبح مركزا إقليميا وعالميا للنقل والتجارة، تدعمه محطة قطار الحرمين، ويحيط بهذا الميناء الوادي الصناعي في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. وإذا كان هذا هو واقع الحال فكل ما نحن بحاجة إليه فعلا هو مزيد من التعاون بين الجهات الحكومية لإيجاد بيئة نوعية للاستثمار في المملكة، ونستبشر خيرا ونحن نسير في هذا الطريق مع تأكيد محافظ الهيئة العامة للاستثمار أن جذب الاستثمارات الأجنبية يمثل سوقا تنافسية بحد ذاتها، ولا بد لنا من خوض تلك التنافسية على المستوى الإقليمي، سواء في الإجراءات أو توفير الخدمات والأراضي والطاقة بأسعار منافسة. وفي هذا فإن وجود دراسة مشتركة من أكثر من 50 جهة حكومية لتحقيق تلك النقلة الاستثمارية المنشودة وتصميم حوافز للقطاعات الجديدة التي سيرتكز عليها الاقتصاد، يمثل خطوة جادة لكنها تحتاج إلى تسريع فالوقت المتاح لا يكاد يسع الجميع في بيئة سريعة التغير وأيضا في ظل وجود منافسين أقوياء ولديهم إصرار وطموح كبير في الفوز بأكبر حصة ممكنة.