لتكون أبا جيدا .. ضع أموالا في «يو بي إس»

لتكون أبا جيدا .. ضع أموالا في «يو بي إس»

لتكون أبا جيدا .. ضع أموالا 
في «يو بي إس»

هل أنا أب جيد؟
قرّاء "فاينانشيال تايمز" و"بلومبيرج" و"وول ستريت جورنال" على الإنترنت ووجهوا في الأسبوع الماضي بهذا السؤال في إعلان على لوحة بيضاء كبيرة كان بنك يو بي إس قد دفع ثمنه. بعد أن ألقيت نظرة سريعة عليه، خطر على بالي سؤالان: أ) ما شأن البنك بهذا الأمر؟ وب) ماذا عن الأمهات؟
وتابع الإعلان "بالنسبة إلى عدد من الأسئلة المتعلقة بالحياة، أنت لست وحدك. معاً نستطيع العثور على جواب".
لذلك نقرت على الإعلان، وتبيّن أن البنك وجد جوابا بالفعل. السمة المميزة في كونك أبا جيدا تكمن في تسليم أموالك إلى بنك يو بي إس. "نحن نستطيع (...) مساعدتك على التخطيط للمستقبل، وتوفير الحياة التي تُريدها لأحبّائك".
هذا يُثير سؤالا آخر: ما إذا كانت الوقاحة وعدم الإبداع يعملان كاستراتيجية تسويق. تأمّلت هذا قليلاً، لكن بعد ذلك فقدت الاهتمام وعُدت إلى موقع "فاينانشيال تايمز". ثم عاد السؤال مرة أخرى. هل أنا أب جيد؟
هل أنا أم جيدة؟
ربما يبدو هذا غريباً لأنه كان لدي 24 عاماً للتفكير في هذا الأمر، لكن حتى الآن كنت قد تجنّبت طرح هذا السؤال على نفسي. يعود ذلك جزئياً إلى الشعور بالذنب غير المُجدي الذي يأتي معه، لكنه أيضاً لأن لدي أربعة أطفال يحتاجون مني إلى أشياء مختلفة جداً في أوقات مختلفة. بعض هذه الأشياء، مثل أصابع السمك أو أوقات النوم المُبكرة كان من السهل توفيرها. لكن هناك أشياء أخرى كانت أصعب بكثير. في بعض الأحيان تجري الأشياء كما هو مُخطط لها. وفي أكثر الأحيان لا تجري كذلك.
مع ذلك انقباضي من السؤال هو في الأساس لأني لا أعرف ماذا يعني أن تكون أبا جيدا أو أما جيدة. ما المعايير؟ هل أنا أم أفضل من صديقتي التي تُلبّي كافة نزوات أطفالها؟ هل أنا أم أسوأ من الصديقة التي تتأكد أن أطفالها يتحدثون ثلاث لغات، ويعرفون كل الأساطير اليونانية وفازوا بميداليات الجمناز عند بلوغهم الثامنة من العمر؟ أي منا هي الأفضل؟ ومن هو الحكم؟
معرفة ما إذا كنت جيداً في شيء عادةً ما يكون أمراً واضحاً إلى حد ما. هل أنا كاتبة مقالات جيدة؟ أستطيع إحصاء القرّاء وقياس ردودهم. هل أنا طبّاخة جيدة؟ الجواب يكمُن في وصفتي المعروفة؛ معكرونة بالصلصة مع النقانق. لكن هل أنا أم جيدة؟ لهذا السؤال المهم، الجواب لا يسعفني.
لذلك فعلت ما أفعله دائماً عندما أكون في شك. لجأت إلى زملائي وأرسلت إليهم بريدا إلكترونيا جماعيا أسألهم ما إذا كانوا يعتبرون أنفسهم آباء جيدين، وإذا كان الأمر كذلك، لماذا؟
الرد الأول كان الصمت. إما أن صحافيي "فاينانشيال تايمز" قد تعبوا من مثل هذه الأسئلة مني، وإما أنهم كانوا في حيرة مثلي. من الزملاء الـ 40 الذين أجابوا، جميعهم تقريباً كانوا من الرجال (من الواضح أن النساء العاملات يُفضّلن عدم الاقتراب من هذا الحقل من الألغام بالذات). وجميعهم تقريباً أعطوا الجواب نفسه: نعم.
أسبابهم وقعت بدقة في ثلاث مجموعات. المجموعة الأولى قاست النجاح بما شاركت به. كانوا آباء جيدين لأنهم صنعوا ديناصورات، أوريجامي لأطفالهم الذين في سن الثالثة من العمر. أو لأنهم امتنعوا بثبات عن اللعب المُفرط للجولف وشُرب الكحول.
المشكلة في هذا هي أنه لا يوجد اتفاق حول ما ينبغي أن يكون عليه الأمر. هل يُمكن أن تكون أبا جيدا وتلعب الجولف بمهارة؟ هل يُمكن أن تكون أبا جيدا وليست لديك فكرة عن كيفية ثني قطعة من الورق الملون؟ أنا لا أرى مانعا.
المجموعة الثانية من الإجابات نظرت إلى النتيجة النهائية، من خلال معاملة الأطفال كمُنتج. قال كثير من الزملاء إنهم آباء جيدون لأن أطفالهم كبروا ليُصبحوا أشخاصا جيدين. لكن هذا أمر أقل إقناعاً.
بعض الأطفال ولدوا مع استعداد لأن يكونوا جيدين. وهناك آخرون أقل استعداداً لذلك.
المجموعة الثالثة لم تعتبر الطفل مُنتجا، ولكن كزبون. أحد الزملاء سأل ابنه ما إذا كان راضياً عن الطريقة التي يرعاه بها، وأجاب الابن: نعم. أكدّ لي زميلي أن حقيقة أنه كان قد وعده للتو بالحصول على فيفا 2016 لعيد الميلاد المجيد، لا علاقة لها بالأمر.
ربما يُصبح الأطفال بمثابة حُكّام أفضل على آبائهم عندما يتقدّمون في السن ويُنجبون الأطفال. قال أحد الزملاء إنه عرف أنه أب جيد لأن أطفاله البالغين يُحبّون صحبته بما يكفي للذهاب معه في عطلة.
مع ذلك، ما زلت أعتقد أن هذا لا يفي بالغرض. هل كان والداي جيدين؟ أريد القول: نعم، لقد كانا رائعين.
لكنهما لم يُجبراني قط على أداء واجباتي المدرسية وسمحا لي بالتجوّل في لندن وحدي في سن مُبكّرة جداً - وهو أمر سيتطلّب الآن زيارة من الخدمات الاجتماعية.
على أي حال، لا ينبغي أن أثق بجوابي لأن تلك كانت أوقاتا مختلفة؛ الذاكرة لا يُمكن الاعتماد عليها؛ الحب يحجب صدقية الحكم لأنه ليست لدي أي نقطة للمقارنة.
في النهاية، الأبوة أو الأمومة ليست مثل الطبخ. لا توجد عملية مقبولة، ولا يوجد أيضا أي منتَج أو زبون. السؤال الذي سأله "يو بي إس" لا معنى له.
على حد تعبير أحد الزملاء، الذي لخص في عشر كلمات فقط ما كابدتُ لكي أقوله في 850 كلمة: "إنه أمر يتعلق بالحب - ولا يدخل فيه مفهوم الجيد والسيئ".

الأكثر قراءة