رسائل ساخرة غيّرت التاريخ
من أطرف الرسائل، تلك الرسالة التي بعثت بها الفتاة الصغيرة جريس دييل، التي لم تتجاوز الحادية عشرة من عمرها عام 1860 إلى الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت أبراهام لنكولن، تطلب فيها من الرئيس أن يعفي لحيته، لأن وجهه يبدو نحيلا جدا، واللحية ستجعله أكثر وسامة، وستدفع النساء لحث أزواجهن على التصويت له، وفي أقل من أربعة أشهر ربَّى لنكولن لحيته الشهيرة، وكان أحد الرؤساء القلائل في العالم الملتحين.
ولم تتوقف استجابة الرئيس لهذه الفتاة عند هذا الحد، بل زارها في بلدتها ويست فيلد، عندما استقل قطار واشنطن لافتتاحه، وشكرها على النصيحة!
ومن الأشياء التي لم تعرف عن آينشتين أنه وقّع رسالة شهيرة كانت السبب في بناء القنبلة الذرية، وإقامة مشروع منهاتن لصناعتها. ورد في الرسالة التي كتبها العالم ليو سزلارد عام 1949 ووقعها آينشتين باسمه، محذرا فيها الرئيس الأمريكي روزفلت من اكتشاف الألمان الأخير للطاقة الذرية، الذي قد يدفعهم إلى استخدامها كسلاح!
والمفارقة المضحكة المبكية أن آينشتين الألماني الأصل ندم على توقيعه هذه الرسالة، ولكن بعد فوات الأوان!
وكانت مقاومة غاندي السلمية للاحتلال البريطاني للهند لا تخلو من السخرية المرة والحكمة، ومنها رسالته إلى الحاكم البريطاني عام 1943 التي ناشده فيها نقله من منزله الذي وُضع فيه تحت الإقامة الجبرية إلى السجن، لأن وجوده في منزل ضخم مع عدد كبير من الحراس حوله فيه تبديد لأموال الشعب!
وكانت هذه الرسالة مفتاحا لاستقلال الهند دون عنف، أما غاندي فجعله السجن شهيد حركة الاستقلال التي ناضل من أجلها سنين!
في عام 1527 أرسل الملك هنري الثامن رسالته الغرامية الشهيرة وهي واحدة من 17 رسالة بعث بها إلى آن بولين والدة الملكة إليزابيث الأولى، يؤكد لها حبه، وأنه سيفعل أي شيء من أجل الارتباط بها، لأنها كانت ترفض أن تكون مجرد عشيقة في حياة الملك مثل أختها ماري، ولكن الملك كان متزوجا من كاثرين الأرجوانية، والكنيسة الرومانية الكاثوليكية تحرم الطلاق، من أجل ذلك سعى إلى الانفصال عن الكنيسة الرومانية، وأنشأ كنيسة إنجلترا، وعين نفسه رئيسا لها، ليبتعد عن سلطة الباباوية، ومن هنا بدأ انفصاله عن روما وباقي الدول سياسيا ودينيا، والمحزن أنه بعد هذا كله اتهمها الملك بالخيانة، وكان معروفا بنزواته، وأعدمت، ولكن كلماتها الأخيرة كانت تدل على أنها مؤمنة ببراءتها، وضحت بنفسها من أجل ابنتها وباقي عائلتها!
أما الرسالة التي تعتبر شهادة ميلاد لأمريكا، رغم ما فيها من تناقضات، فقد كتبها أعضاء الكونجرس إلى العالم النزيه، يطالبون فيها بالحرية واستقلالهم عن الإمبراطورية البريطانية، ويقولون إن الله خلق الناس سواسية، وحقهم في الحياة والحرية والعدل والمساواة هبة من الله لا يجب سلبها، ومع ذلك لم يذكروا فيها أي شيء عن الرق وحقوق الرقيق، وذلك لأن أغلب الموقعين على الوثيقة هم من أصحاب الرقيق!